للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يُجِبْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِفِسْقِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِاحْتِمَالِهِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُؤَدِّي لَفْظُ أَشْهَدُ فَلَا يَكْفِي مُرَادِفُهُ كَأَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الظُّهُورِ وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ حُكْمُ إتْيَانِ الشَّاهِدِ بِمُرَادِفِ مَا سَمِعَهُ وَلَوْ عَرَفَ الشَّاهِدُ السَّبَبَ كَالْإِقْرَارِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْمِلْكِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَشْهَرُهُمَا لَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا وَلِأَنَّ وَظِيفَتَهُ نَقْلُ مَا سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ ثُمَّ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ لَا تَرْتِيبَ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَغَيْرِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى النَّصِّ تُسْمَعُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَلَك أَنْ تَجْمَعَ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يُوثَقُ بِعِلْمِهِ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ عَنْ جِهَةِ الْحَقِّ إذَا لَمْ يَثِقْ بِكَمَالِ عَقْلِهِ وَشِدَّةِ حِفْظِهِ يَقْتَضِي بَلْ يُصَرِّحُ بِقَبُولِ شَهَادَةِ غَيْرِ الْمَوْثُوقِ بِهِ مَعَ إطْلَاقِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَتَأَيَّدُ بِهِ كَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ كُفْءٍ لِهَذِهِ لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ اهـ. فَتَأَمَّلْ إطْلَاقَهُ قَبُولَ قَوْلِهِمَا حَرَامٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السَّبَبِ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى فَقِيهَيْنِ مُتَيَقِّظَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِمَا تُهْمَةٌ وَلَا جَزْمٌ بِحُكْمٍ فِيهِ خِلَافٌ فِي التَّرْجِيحِ وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا قُلْنَا فِيهِ بِقَبُولِ الْإِطْلَاقِ.

وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَوَثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَلَا بَأْسَ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ شَهَادَةً صَحِيحَةً فَقَالَ الْآخَرُ أَشْهَدُ بِمَا أَوْ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ وَيَسْتَوْفِيَهَا لَفْظًا كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَدَاءً لَا حِكَايَةٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ الْحُسْبَانِيُّ بِأَنَّ عَمَلَ مَنْ أَدْرَكَهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ مَنْ بَعْدَهُ وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. قَالَ جَمْعٌ: وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْتُ بِهِ خَطِّي وَلَا بِمَضْمُونِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا وَضَعْتُ بِهِ خَطِّي لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَكْفِي بِمَا تَضَمَّنَهُ خَطِّي إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ وَالْقَاضِي مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ وَيُقَاسُ بِهِ بِمَا وَضَعْتُهُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إنْ عَمَلَ كَثِيرُونَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْكُلِّ وَلَا نَعَمْ لِمَنْ قَالَ لَهُ نَشْهَدُ عَلَيْك بِمَا نُسِبَ إلَيْك فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَّا إنْ قِيلَ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَكَذَا الْمُقِرُّ نَعَمْ إنْ قَالَ أَعْلَمُ مَا فِيهِ وَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ كَفَى وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا أَوْ اُكْتُبُوا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَشْهَدُوا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ أَوَائِلَ الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ أَمْرٍ بِخِلَافِ اشْهَدُوا لَهُ عَلَيَّ أَنِّي بِعْتُ أَوْ أَوْصَيْتُ مَثَلًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إنْشَاءَ الْعَقْدِ الْمُوجِبِ لِنَفْسِهِ صَرِيحًا فَصَحَّ الْإِشْهَادُ بِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ نَحْوَ إقْرَارٍ أَوْ بَيْعٍ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَكْسِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا قَصَدَ ضَبْطَ الْحُقُوقِ لِتُرَدَّ لِأَرْبَابِهَا إنْ وَقَعَ عَدْلٌ.

(تَنْبِيهٌ) يُسْتَثْنَى أَيْ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ مَسَائِلُ يَجِبُ التَّفْصِيلُ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا كَالدَّعْوَى مِنْهَا: أَنْ يُقِرَّ لِغَيْرِهِ بِعَيْنٍ ثُمَّ يَدَّعِيَهَا لَا بُدَّ أَنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ عَصَى وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَى أَنْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَائِهَا إلَخْ) أَيْ: فَأَحْضَرَهُ لِيَشْهَدَ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجِبْهُ) أَيْ: الْقَاضِي لِطَلَبِ الشَّاهِدِ وَإِحْضَارِهِ ع ش وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: لِاعْتِرَافِهِ) أَيْ: الْمُدَّعِي بِفِسْقِهِ أَيْ: الشَّاهِدِ بِالِامْتِنَاعِ بِلَا عُذْرٍ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ) أَيْ: أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ظَالِمٍ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ حُكْمُ إتْيَانِ الشَّاهِدِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ الْقَبُولُ فِيمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي مَعْنَى مُرَادِفِهِ ع ش عِبَارَةُ الشَّارِحِ هُنَاكَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ عَنْ الْمَسْمُوعِ بِمُرَادِفِهِ الْمُسَاوِي لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا غَيْرُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَثَانِيهِمَا نَعَمْ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: تُسْمَعُ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ شَرْحُ م ر اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ) وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ إلَخْ) أَيْ: بِقَبُولِ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا جَرَمَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تُهْمَةٍ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ) إلَى قَوْلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ وَجَزَمَ النِّهَايَةُ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِلَا عَزْوٍ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ إلَخْ) وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِهِ لِجَهْلِ أَكْثَرِ الْحُكَّامِ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ اعْتَرَضَهُ إلَخْ) أَيْ: مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَنْ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْحُسْبَانِيِّ. (قَوْلُهُ: قَالَ جَمْعٌ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَضْمُونِهِ) أَيْ: وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ بِمَضْمُونِ خَطِّي. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إلَخْ) ضَعِيفٌ ع ش. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَكْفِي بِمَا تَضَمَّنَهُ خَطِّي) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ إذَا عَرَفَ إلَخْ وَيُقَاسُ بِهِ الْأَخِيرَةُ بَلْ قَالَ جَمْعٌ إنْ عَمِلَ إلَخْ قَالَ ع ش وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَعَمْ لِمَنْ إلَخْ) أَيْ: لَا يَكْفِي نَعَمْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ قِرَاءَتِهِ) أَيْ: مَا فِي الْكِتَابِ وَالظَّاهِرِ وَلَوْ كَانَ السَّائِلُ غَيْرَ الْقَارِئِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُقِرُّ) أَيْ: فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ: نَعَمْ لِمَنْ قَالَ لَهُ أَتَشْهَدُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَالَ) أَيْ: الْمُقِرُّ. (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِسْنَادِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَقَوْلُهُ: صَرِيحًا أَيْ: إسْنَادًا صَرِيحًا. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ إلَخْ) أَيْ: بِجَوَازِ تَحَمُّلِهَا. (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَ) أَيْ: بِتَحَمُّلِهَا.

. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ. (قَوْلُهُ: أَنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَغَيْرِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى النَّصِّ تُسْمَعُ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ ش م ر. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ) وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِهِ بِجَهْلِ أَكْثَرِ الْحُكَّامِ ش م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>