للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَهْجُمُ دُفْعَةً فَيُوَرِّثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى إلَى التَّحَمُّلِ وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ جَدِيدٌ أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُؤَثِّرُ إلَّا إذَا كَانَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الرُّجُوعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ (وَجُنُونُهُ كَمَوْتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقِعُ رِيبَةً فِي الْمَاضِي وَمِثْلُهُ عَمًى وَخَرَسٌ وَكَذَا إغْمَاءٌ إنْ غَابَ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ زَوَالُهُ لِقُرْبِهِ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ مِنْ التَّفْصِيلِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَرَضِ لَا يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الشَّهَادَةَ.

(تَنْبِيهٌ) أَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَقَيَّدُوهُ فِي الْحَضَانَةِ كَمَا مَرَّ فَهَلْ يَتَأَتَّى هُنَا ذَلِكَ التَّفْصِيلُ أَوْ يُؤَدَّى عَنْهُ هُنَا حَالَ الْجُنُونِ مُطْلَقًا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ بِرَجَاءِ زَوَالِهِ غَالِبًا خِلَافَ الْجُنُونِ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَالْحَضَانَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ ثَابِتٌ لَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ ضَيَاعِ الْمَحْضُونِ، وَجُنُونُ يَوْمٍ فِي سَنَةٍ لَا يُضَيِّعُهُ

(وَلَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ فَاسِقٌ أَوْ عَبْدٌ) أَوْ صَبِيٌّ (فَأَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا ثُمَّ أَدَّى كَامِلًا (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى) كُلٍّ مِنْ (الشَّاهِدَيْنِ) كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ كُلٍّ مِنْ رَجُلَيْنِ فَلَا يَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَوَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَلَا وَاحِدٍ عَلَى وَاحِدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ اثْنَانِ) لِأَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى أَصْلٍ كَانَا كَشَطْرِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَجُوزُ قِيَامُهُمَا بِالشَّطْرِ الثَّانِي

(وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ: شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ (تَعَسُّرُ) الْأَصْلِ (أَوْ تَعَذُّرُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى) فِيمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ الْأَعْمَى

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: لَا يَهْجُمُ دُفْعَةً) فِي الْمِصْبَاحِ هَجَمْتُ عَلَيْهِ هُجُومًا مِنْ بَابِ قَعَدَ دَخَلْتُ بَغْتَةً عَلَى غَفْلَةٍ وَهَجَمْتُهُ عَلَى الْقَوْمِ جَعَلْتُهُ يَهْجُمُ عَلَيْهِمْ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى ع ش يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَظْهَرُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ تَكَرُّرِهَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُوَرِّثُ رِيبَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بَلْ الْفِسْقُ يُوَرِّثُ الرِّيبَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالرِّدَّةُ تُشْعِرُ بِخُبْثٍ فِي الْعَقِيدَةِ وَالْعَدَاوَةُ بِضَغَائِنَ كَانَتْ مُسْتَكِنَّةً وَلَيْسَ لِمُدَّةِ ذَلِكَ ضَبْطٌ فَيَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ اهـ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ جَدِيدٌ) أَيْ: بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ لِيَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا ع ش. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا أَثَرَ لِحُدُوثِ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ فِي الْفِسْقِ وَالرِّدَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي حَدٍّ لِآدَمِيٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَمْ يُسْتَوْفَ فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ كَالرُّجُوعِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْعَدَاوَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ اهـ وَعِبَارَةُ سم أَفَادَ أَيْ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَدَاوَةٌ أَنَّ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ هُنَا قَبْلَ الْحُكْمِ مَانِعٌ مِنْهُ وَفِي الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ مُتَعَلِّقٍ بِالشَّاهِدِ الْأَصْلِ نَفْسِهِ مَا نَصُّهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا يُؤَثِّرُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا أَفَادَهُ هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّارِحَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي جَزَمَ بِخِلَافِ مَا فِي الْعُبَابِ وَأَنَّهُ يُؤَثِّرُ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ بِحَذْفٍ أَقُولُ كَلَامُ النِّهَايَةِ هُنَا وَفِي الْفَصْلِ الْآتِي مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَمُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي الْمُوَافِقِ لِمَا فِي الْعُبَابِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَحْثِ الْعَدَاوَةِ عَنْ الْأَسْنَى مَا يُوَافِقُهُ أَيْ: الْعُبَابَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ) أَيْ: حُدُوثُ ذَلِكَ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَجُنُونُهُ) أَيْ: الْأَصْلِ إذَا كَانَ مُطْبِقًا مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْجُنُونِ ع ش وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: إنْ غَابَ) أَيْ: الْأَصْلُ عَنْ الْبَلَدِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَاضِرًا اُنْتُظِرَ زَوَالُهُ إلَخْ أَيْ: فَلَا يَشْهَدُ الْفَرْعُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ مِنْ التَّفْصِيلِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ مَا هُنَا فَرَّقَ فِيهِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ بَيْنَ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ وَغَيْرِهِ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلُ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا إلَخْ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ سَوَّى هُنَا بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالطَّوِيلِ هُنَا مَا يُخِلُّ بِمُرَادِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الطَّوِيلِ فِيهِ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ. أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّ مَا هُنَا فَرَّقَ فِيهِ إلَخْ خِلَافُ ظَاهِرِ صَنِيعِ النِّهَايَةِ كَالشَّارِحِ لَوْ سَلِمَ فَمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ إلَخْ فَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ بِعَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: مَا قَدَّمَهُ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ إلَخْ) مِنْ أَنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ الْإِغْمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَلَا تُنْتَظَرُ وَانْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ. (قَوْلُهُ: نَحْوُ الْمَرَضِ) أَيْ: كَالْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الشَّهَادَةَ) أَيْ: بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ إذَا انْتَظَرْنَا إفَاقَةَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ فَانْتِظَارُ الْمَرِيضِ الْأَهْلِ أَوْلَى بِلَا شَكٍّ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَقَيَّدُوا فِي الْحَضَانَةِ) أَيْ: فَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ وَالرَّاجِحُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدُوهُ فِي الْحَضَانَةِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ لَا يَقِلَّ زَمَنُهُ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: قَصُرَ زَمَنُهُ أَوْ طَالَ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْأَسْنَى وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ لَهُ) أَيْ: لِوَلِيِّ حَضَانَةٍ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ

. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَاسِقٌ) أَيْ: أَوْ كَافِرٌ مُغْنِي أَوْ أَخْرَسُ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيٌّ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ غَيْرِ إغْمَاءٍ لِمَا مَرَّ فِيهِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَهُوَ كَامِلٌ) أَيْ: بِعَدَالَةٍ وَإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَبُلُوغٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ أَوْهَمَهُ الْمَتْنُ لَوْلَا قَوْلُ الشَّارِحِ كُلٍّ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ إلَخْ) وَلَا يَكْفِي أَيْضًا أَصْلٌ شَهِدَ مَعَ فَرْعٍ عَلَى الْأَصْلِ الثَّانِي لِأَنَّ مَنْ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الْبَيِّنَةِ لَا يَقُومُ بِالْآخَرِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ) يَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَقَامَ رَجُلٍ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وَاحِدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ لَا بُدَّ مِنْ عَدَدِ الْفَرْعِ وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهَا الْوَاحِدُ كَهِلَالِ رَمَضَانَ اهـ

. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى) هَذَانِ مِثَالَانِ لِلتَّعَذُّرِ وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا يُفْهِمُ فَلَوْ قَالَ كَالْمَوْتِ كَانَ أَوْلَى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَأَنَّهُ يُؤَثِّرُ حُدُوثُ الْعَدَاوَةِ فَلْيُرَاجَعْ..

<<  <  ج: ص:  >  >>