(تَنْبِيهٌ) يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُجِيبُ بِقَوْلِهِ يُثْبِتُ مَا يَدَّعِيهِ فَتُطَالِبُ الْقُضَاةُ الْمُدَّعِيَ بِالْإِثْبَاتِ لِفَهْمِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ جَوَابٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ طَلَبُ الْإِثْبَاتِ لَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِرَافًا وَلَا إنْكَارًا فَتَعَيَّنَ أَنْ لَا يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ بَلْ يُلْزَمُ بِالتَّصْرِيحِ بِالْإِنْكَارِ أَوْ الْإِقْرَارِ (فَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (عَشَرَةً) مَثَلًا (فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ يَكْفِ) فِي الْجَوَابِ (حَتَّى يَقُولَ وَلَا بَعْضُهَا وَكَذَا يَحْلِفُ) إنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْعَشَرَةِ مُدَّعٍ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْإِنْكَارُ وَالْيَمِينُ دَعْوَاهُ وَإِنَّمَا يُطَابِقَانِهَا إنْ نَفَى كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعَشَرَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَنَاكِلٌ) عَمَّا دُونَ الْعَشَرَةِ (فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ دُونِ عَشَرَةٍ بِجُزْءٍ) وَإِنْ قَلَّ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ دَعْوَى (وَيَأْخُذُهُ) لِمَا يَأْتِي أَنَّ النُّكُولَ مَعَ الْيَمِينِ كَالْإِقْرَارِ نَعَمْ إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْعَشَرَةِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي تَحْلِيفِهِ عَلَى عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا فَقَطْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى وَنُكُولِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ عَنْهَا فَلَا يَكُونُ نَاكِلًا عَنْ بَعْضِهَا هَذَا إنْ لَمْ يُسْنَدْ الْمُدَّعَى بِهِ لِعَقْدٍ وَإِلَّا كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِخَمْسِينَ وَطَالَبَتْهُ بِهَا كَفَاهُ نَفْيُ الْعَقْدِ بِهَا وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تَحْلِفْ هِيَ عَلَى أَنَّهُ نَكَحَهَا بِدُونِ الْخَمْسِينَ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَلِيِّهِ ع ش.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ فِي النِّهَايَةِ، إلَّا قَوْلُهُ: فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ: أَوْ عَفْوٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ: وَجَوَابُ دَعْوَى أَلْفٍ إلَى وَيَكْفِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَقَالَ: لَا تَلْزَمُنِي إلَخْ) وَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ: هِيَ عِنْدِي أَوْ لَيْسَ لَك عِنْدِي شَيْءٌ فَذَاكَ ظَاهِرٌ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ حَتَّى يَقُولَ وَلَا بَعْضُهَا إلَخْ) وَإِنْ ادَّعَى دَارًا بِيَدِ غَيْرِهِ فَأَنْكَرَهُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي حَلِفِهِ: لَيْسَتْ لَك وَلَا شَيْءَ مِنْهَا، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا كَفَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُطَابِقَانِهَا إلَخْ) أَيْ: وَقَوْلُهُ لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ إنَّمَا هِيَ نَفْيٌ لِمَجْمُوعِهَا، وَلَا يَقْتَضِي نَفْيَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَنَاكِلٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَعْذُورٍ لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ قَوْلُهُ: فَنَاكِلٌ عَمَّا دُونَهَا، فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ بَعْضُ إجْمَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نَاكِلًا بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ عَلَى نَفْيِ الْعَشَرَةِ، بَلْ لَا بُدَّ بَعْدَ هَذَا الْحَلِفِ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: هَذَا غَيْرُ كَافٍ قُلْ وَلَا بَعْضُهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ كَذَلِكَ فَنَاكِلٌ كُلٌّ عَمَّا دُونَهَا شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ) شَامِلٌ لِمَا لَا يُتَمَوَّلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ ع ش وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُنَا إنَّمَا هُوَ غَيْرُ الْأَقَلِّ لَا الْأَقَلُّ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالنُّكُولِ الْإِنْكَارَ مَعَ الْحَلِفِ، وَإِلَّا فَالنُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ يَقْتَضِي حَلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْعَشَرَةِ وَاسْتِحْقَاقَهَا سم. وَأَقُولُ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالنُّكُولُ إلَخْ إنَّمَا يُنْتِجُ مَا ادَّعَاهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ تَالِيهِ، وَالْحَالُ لَا مَحْذُورَ فِي الْتِزَامِ صِحَّتِهِ، فَحَاصِلُ الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بِلَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ وَلَا جُزْءٌ مِنْهَا، وَاسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى الْعَشَرَةِ فَقَطْ فَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ عَلَيْهَا، فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ دَعْوَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا، إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَهَذَا لَا مَحْذُورَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْأَنْوَارِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا عَرَضَهُ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَدُونَهَا فَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعَشَرَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَنَاكِلٌ عَمَّا دُونَ الْعَشَرَةِ، وَلِلْمُدَّعِي الْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا بِقَلِيلٍ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ مُطْلَقِ الْيَمِينِ، وَأَرَادَ الْمُدَّعِي الْحَلِفَ عَلَى بَعْضِ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ عَرَضَ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَعَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا، فَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى بَعْضِهَا، وَإِنْ عَرَضَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَحْدَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى بَعْضِهَا، بَلْ يَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى لِلْبَعْضِ الَّذِي يُرِيدُ الْحَلِفَ عَلَيْهِ اهـ. وَيَتَّضِحُ بِذَلِكَ عَدَمُ إرَادَةِ مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي سم. وَأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ: وَلَمْ يَقُلْ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ نَكَحَهَا إلَخْ) أَيْ أَوْ بَاعَهَا دَارِهِ رَوْضٌ وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تَحْلِفْ هِيَ إلَخْ) أَيْ: بَلْ إنْ حَلَفَتْ يَمِينَ الرَّدِّ قُضِيَ لَهَا وَاسْتَحَقَّتْ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ، وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُثْبِتُ شَيْئًا، هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، سَوَاءٌ بَنَى ذَلِكَ عَلَى حَلِفِهَا يَمِينَ الرَّدِّ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ لَا يُقَالُ: وَجْهُ قَوْلِهِ: فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَنَّ الزَّوْجَ مُعْتَرِفٌ بِالنِّكَاحِ، لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِهِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ أَنَّهُ نَكَحَ بِخَمْسِينَ شَامِلٌ لِإِنْكَارِ نَفْسِ النِّكَاحِ، وَلَوْ سَلَّمَ فَمُجَرَّدُ الِاعْتِرَافِ بِالنِّكَاحِ لَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ، كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الِاخْتِلَافِ قُبَيْلَ الْوَلِيمَةِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ تَعْرِفْهُ. ثُمَّ بَحَثْت بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَيْهِ اهـ. سم. وَلَك أَنْ تُجِيبَ: بِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الِاعْتِرَافِ وَتَقْدِيرِ إلَّا إنْ ثَبَتَ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي دَعْوَى أَلْفٍ صَدَاقًا. (قَوْلُهُ لَمْ تَحْلِفْ هِيَ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: إلَّا إذَا اسْتَأْنَفَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِبَعْضِ الْخَمْسِينَ، فَإِنَّهَا تَحْلِفُ عَلَيْهِ لِنُكُولِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا سم. وَعِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ: إلَّا بِدَعْوَى
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا تَتَعَيَّنُ مُرَاجَعَتُهُ
. (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُجِيبُ بِقَوْلِهِ يُثْبِتُ مَا يَدَّعِيهِ إلَخْ) وَيَقَعُ أَيْضًا أَنَّهُ أَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِقَوْلِ مَا بَقِيتُ أَتَحَاكَمُ عِنْدَك أَوْ مَا بَقِيتُ أَدَّعِي عِنْدَك وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُجْعَلُ بِذَلِكَ مُنْكِرًا نَاكِلًا فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِقُّ وَلَوْ تَنَازَعَا قَبْلَ الدَّعْوَى فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْأَصْلَ أَيْ: الْقَاضِيَ الْكَبِيرَ وَطَلَبَ الْآخَرُ نَائِبَهُ أُجِيبَ مَنْ طَلَبَ الْأَصْلَ فِي وَقْتِ انْتِصَابِهِ لِلْحُكْمِ م ر. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَكَلَ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالنُّكُولِ الْإِنْكَارَ مَعَ الْحَلِفِ وَإِلَّا فَالنُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ يَقْتَضِي حَلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْعَشَرَةِ وَاسْتِحْقَاقِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تَحْلِفْ هِيَ عَلَى أَنَّهُ نَكَحَهَا بِدُونِ الْخَمْسِينَ) أَيْ: بَلْ إنْ حَلَفَتْ يَمِينَ الرَّدِّ قُضِيَ لَهَا وَاسْتَحَقَّتْ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute