للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَالِفُ بِاَللَّهِ وَلَمْ يَظْلِمْهُ خَصْمُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا) أَيْ: الْيَمِينِ (أَوْ اسْتَثْنَى) أَوْ وَصَلَ بِاللَّفْظِ شَرْطًا مَثَلًا (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْقَاضِي لَمْ يَدْفَعْ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ) وَإِلَّا لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْيَمِينِ مِنْ أَنَّهُ يَهَابُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا مَنْ حَلَفَ بِنَحْوِ طَلَاقٍ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ وَالتَّأْوِيلُ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي التَّحْلِيفَ بِهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَذْكَارِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ وَهْمٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ، بَلْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَا يَرَاهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَنْ ظَلَمَهُ خَصْمُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَأَنْ ادَّعَى عَلَى مُعْسِرٍ فَحَلَفَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَيْ: تَسْلِيمَهُ الْآنَ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ وَالتَّأْوِيلُ؛ لِأَنَّ خَصْمَهُ ظَالِمٌ إنْ عَلِمَ وَمُخْطِئٌ إنْ جَهِلَ، وَهِيَ قَصْدُ مَجَازِ لَفْظِهِ دُونَ حَقِيقَتِهِ، كَمَالُهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ أَيْ: قَبِيلَةَ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ إطْلَاقُهُ عَلَى الْحَدِيقَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبِيلَةَ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ هُنَا أَوْ قَمِيصٌ أَيْ: غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ أَيْ: رُجُوعٌ، وَهُوَ هُنَا اعْتِقَادُ خِلَافِ ظَاهِرِ لَفْظِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ وَاسْتُشْكِلَ الِاسْتِثْنَاءُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي إذْ لَا يُقَالُ: أَتْلَفْتُ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ وَمَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِي الطَّلَاقِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ مَا إذَا سَمِعَهُ فَيُعَزِّرُهُ وَيُعِيدُ الْيَمِينَ

وَلَوْ وَصَلَ بِهَا كَلَامًا لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي مَنَعَهُ وَأَعَادَهَا

(وَ) ضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى أَوْ النُّكُولِ أَنَّهُ كُلُّ (مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) أَيْ: دَعْوَى صَحِيحَةٌ كَمَا بِأَصْلِهِ أَوْ الْمُرَادُ طُلِبَتْ مِنْهُ يَمِينٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى كَطَلَبِ قَاذِفٍ اُدُّعِيَ

ــ

[حاشية الشرواني]

الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا أَيْ: الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مَا فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: الْحَالِفُ بِاَللَّهِ) إلَى قَوْلِهِ: وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ قَصْدُ مَجَازِ إلَى كَمَالَهُ عِنْدِي وَقَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ إلَى أَوْ قَمِيصٌ وَقَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَى وَخَرَجَ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ رَأَى إلَى، أَمَّا مَنْ ظَلَمَهُ وَقَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ إلَى أَوْ قَمِيصٌ وقَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَى وَخَرَجَ. (قَوْلُهُ: الْحَالِفُ بِاَللَّهِ) وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْلِمْهُ خَصْمُهُ سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُمَا. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا) أَيْ: بِأَنْ اعْتَقَدَ خِلَافَ نِيَّةِ الْقَاضِي كَحَنَفِيٍّ حَلَّفَ شَافِعِيًّا عَلَى شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ اسْتَثْنَى أَيْ: كَقَوْلِهِ عَقِبَ يَمِينِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: شَرَطَ) أَيْ: كَإِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ مُغْنِي وَكَأَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ فَادَّعَى عَشَرَةً وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى الْعَشَرَةِ وَحَلَفَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عَشْرَةً وَقَالَ سِرًّا: إلَّا خَمْسَةً، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَشِيئَةَ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ صِفَةً أَوْ ظَرْفًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَبَطَلَتْ إلَخْ) فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ فِي اللُّغَةِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ طَلَاقٍ إلَخْ) أَيْ: كَالْعَتَاقِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ: رَدَّ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ نَقْلَهُ عَنْ الْأَذْكَارِ. (قَوْلُهُ: الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ) وَهِيَ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي التَّحْلِيفَ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: مَحَلَّ نَفْعِ مَا ذَكَرَ فِي الْحَلِفِ بِنَحْوِ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: فِيمَنْ لَا يَرَاهُ أَيْ: فِي قَاضٍ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِذَلِكَ كَالشَّافِعِيِّ فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ يَرَاهُ كَالْحَنَفِيِّ لَا يَنْفَعُ مَا ذَكَرَ عِنْدَهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: ظَالِمٌ) أَيْ: بِالْمُطَالَبَةِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ: عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: التَّوْرِيَةُ نِهَايَةٌ وَسَمِّ. (قَوْلُهُ: إطْلَاقُهُ) أَيْ: مَجَازًا، وَإِلَّا فَلَا يُوَافِقُ الْمُمَثَّلَ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَمِيصٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَا لَهُ قِبَلِي ثَوْبٌ وَلَا شُفْعَةٌ وَلَا قَمِيصٌ وَالثَّوْبُ الرُّجُوعُ وَالشُّفْعَةُ الْبُعْدُ وَالْقَمِيصُ غِشَاءُ الْقَلْبِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: التَّوْرِيَةُ مُغْنِي فَكَانَ الْأَوْلَى التَّأْنِيثَ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ الِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ: الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اسْتَثْنَى ع ش. (قَوْلُهُ: أَتْلَفَتْ كَذَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يُقَالُ: مَا لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ) أَيْ: فَيَكُونُ الْمَعْنَى تَنْعَقِدُ يَمِينِي إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا إذَا وَجَّهَهُ إلَى نَفْسِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالشَّرْطِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ وَأَعَادَهَا) فَإِنْ قَالَ: كُنْتُ أَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا وَقْتَهُ مُغْنِي

. (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ اُسْتُفْتِيتُ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ مَالِكِهَا وَأَنَّهُ رَأَى وَتَسَلَّمَ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَأَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُؤَجِّرِ بِذَلِكَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَا عَلَى الرُّؤْيَةِ ثُمَّ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُفْتِينَ أَجَابَ بِأَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ فِي الرُّؤْيَةِ أَيْضًا فَكَتَبْتُ لَهُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَأْبَاهُ الْقَوَاعِدُ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ فَكَتَبَ لِي مَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِمْ: إنَّ كُلَّ مَا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ نَفْعَ الْمُدَّعِي تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهِ وَتُسْمَعُ، وَخُصُوصِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ ثُمَّ قَالَ: كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْتُ لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ عِلَّةِ فَسَادٍ وَعِلَّةِ صِحَّةٍ، وَإِذَا حَلَفَ بَعْدَ إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِالْبَيْعِ فَتَحْلِيفُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ أَوْلَى إلَى آخِرِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ هَذَا الْبَعْضِ ثُمَّ بَالَغَ فِي رَدِّهِ، وَأَطَالَ، وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ عَلَى الرُّؤْيَةِ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِ م ر فَبَالَغَ فِي مُنَازَعَةِ الْجَلَالِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ وَالْمَيْلُ إلَى أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ بَلْ جَزَمَ بِذَلِكَ اهـ. سم بِحَذْفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ النُّكُولُ) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ ضَابِطًا لِكُلِّ حَالِفٍ فَإِنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَا يَمِينُ الرَّدِّ وَلَا يَمِينُ الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْحَالِفَ فِي جَوَابِ دَعْوَى أَصْلِيَّةٍ، وَأَيْضًا فَهُوَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ لِاسْتِثْنَائِهِمْ مِنْهُ صُوَرًا كَثِيرَةً أَشَارَ فِي الْمَتْنِ لِبَعْضِهَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فِي الصَّغِيرِ لِغَيْرِهِ أَيْضًا لَكِنْ يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ عِنْدَ الظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ هُنَاكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَغَيْرِهِ: وَقَدْ يُقَالُ: لَا يُتَصَوَّرُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ فِي خَطِّهِ إلَّا بِالتَّذَكُّرِ بِخِلَافِ خَطِّ الْأَبِ وَضَبَطَ الْقَفَّالُ الْوُثُوقَ بِخَطِّ الْأَبِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِكَوْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ وُجِدَ فِي التَّذْكِرَةِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ بَلْ يُؤَدِّيهِ مِنْ التَّرِكَةِ انْتَهَى

(قَوْلُهُ: وَهِيَ قَصْدُ مَجَازِ لَفْظِهِ دُونَ حَقِيقَتِهِ) أَيْ: التَّوْرِيَةِ

. (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى أَوْ النُّكُولِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ قَالَ: اُسْتُفْتِيتُ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ مَالِكِهَا وَأَنَّهُ رَأَى وَتَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>