للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَعَمْ عَقْدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ قُرْبَةً بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، أَمَّا الْعِتْقُ نَفْسُهُ فَقُرْبَةٌ مُطْلَقًا وَيَجْرِي فِي التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْمُبَالِي وَغَيْرِهِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ لِصِحَّتِهِ مِنْ نَحْوِ رَاهِنٍ مُعْسِرٍ وَمُفْلِسٍ وَمُرْتَدٍّ قِيلَ: وَقْفُ الْمَسْجِدِ تَحْرِيرٌ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ حَدَّ الْعِتْقِ السَّابِقِ يُخْرِجُ هَذَا فَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ، وَأَفْهَم صِحَّةُ تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَأَنْ شَرَطَ لِخِيَارٍ لَهُ أَوْ تَوْقِيتِهِ فَيَتَأَبَّدُ، نَعَمْ إنْ اقْتَرَنَ بِمَا فِيهِ عِوَضٌ أَفْسَدَهُ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ، وَلَيْسَ لِمُعَلِّقِهِ رُجُوعٌ بِقَوْلٍ بَلْ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا يَعُودُ بِعَوْدِهِ وَلَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَوْتِ الْمُعَلِّقِ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَصَرُّفٌ فِيهِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية الشرواني]

الصِّفَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ فَلَا إشْكَالَ ع ش بِحَذْفِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ عَقْدُ التَّعْلِيقِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ غَيْرُ قُرْبَةٍ إنْ قُصِدَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ وَإِلَّا فَقُرْبَةٌ اهـ وَمَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْعِتْقُ نَفْسُهُ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِأَنَّ الَّذِي وُصِفَ بِكَوْنِهِ قُرْبَةً أَوْ غَيْرَ قُرْبَةٍ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ وَفِعْلُهُ هُنَا عَقْدُ التَّعْلِيقِ لَا غَيْرُ وَأَمَّا الْعِتْقُ الَّذِي هُوَ زَوَالُ الرِّقِّ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِفِعْلٍ لَهُ بَلْ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ فِعْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْأَثَرَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى فِعْلِهِ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِهِ وَلَهُ فِي كَلَامِهِمْ نَظَائِرُ لَا تُحْصَى. (قَوْلُهُ: فَقُرْبَةٌ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِ ع ش وَرَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي الطَّلَاقِ مَعْدُودَةٌ مِنْ الْمُبَالِي فَهَلْ الرَّقِيقُ هُنَا كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَرْغُوبٌ لَهُ غَالِبًا فَلَا يَحْرِصُ عَلَى مُرَاعَاةِ السَّيِّدِ أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ حِرْصُهُ عَلَى مُرَاعَاةِ السَّيِّدِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ سم أَقُولُ قِيَاسُ نَظَرِهِمْ فِي الطَّلَاقِ إلَى الْغَالِبِ الثَّانِي وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ إلَخْ) أَيْ: وَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ اعْتِبَارِ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ فِيهَا لَيْسَ بِمُرَادٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِصِحَّتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ بَعْدَ الْفَكِّ أَوْ يُحْتَمَلُ وُجُودُهَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَكَذَا مِنْ مَالِكِ الْعَبْدِ الْجَانِي الَّتِي تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ وَمِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ رِدَّةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدٍّ) أَيْ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّعْلِيقِ بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) أَقَرَّهُ مَعَ أَنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الْوَقْفِ خِلَافَ مَضْمُونِهِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ أَمَّا مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ كَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَقَدْ وَقَفْت هَذَا مَسْجِدًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعِتْقِ انْتَهَى وَعَلَيْهِ فَيُجَابُ عَنْ هَذَا الْقِيلِ بِمَنْعِ مَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ إنْ أَرَادَ أَنَّ تَعْلِيقَهُ يُبْطِلُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ تَعْلِيقَهُ لَا يُعْتَبَرُ فَمَا قَالَهُ مُسَلَّمٌ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ إلَخْ) عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِيهِ أَيْ: الْوَقْفِ صِحَّتُهُ مَعَ التَّعْلِيقِ كَمَا مَرَّ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: صِحَّةَ تَعْلِيقِهِ) أَيْ: الْعِتْقِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ الْوَقْفِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَوْقِيتُهُ) عَطْفٌ عَلَى إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ وَقَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمُغْنِي عَطْفُهُ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ. (قَوْلُهُ: فَيَتَأَبَّدُ) أَيْ: وَلَغَا التَّوْقِيتُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: إنْ اقْتَرَنَ بِمَا فِيهِ إلَخْ) أَيْ: اقْتَرَنَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ بِتَعْلِيقٍ فِيهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَفْسَدَهُ) أَيْ: أَفْسَدَ الشَّرْطُ الْعِوَضَ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِمُعَلِّقِهِ رُجُوعٌ إلَخْ) أَيْ: لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَعُودُ أَيْ: التَّعْلِيقُ وَقَوْلُهُ: بِعَوْدِهِ أَيْ: الرَّقِيقِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ ع ش وَالْأَوْلَى مِلْكُ الْمُعَلِّقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَخْ) هَذَا مُصَوَّرٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ اللَّفْظِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَهُ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُيِّدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ صَارَ وَصِيَّةً وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ سم وَرَشِيدِيٌّ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ بِصِفَةٍ وَأُطْلِقَ اُشْتُرِطَ وُجُودُهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ ع ش. (قَوْلُهُ: فِعْلَهُ) أَيْ: الْعَبْدِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ عَرْضِهِ إلَخْ) وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ عَقْدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ قُرْبَةً) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ: وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَيْ: أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ قَالَ: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَعْلِيقَهُ الْعَارِيَ عَنْ قَصْدِ مَا ذَكَرَ كَالتَّدْبِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي الطَّلَاقِ مَعْدُودَةٌ مِنْ الْمُبَالِي فَهَلْ الرَّقِيقُ هُنَا كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَرْغُوبٌ لَهُ غَالِبًا فَلَا يَحْرِصُ عَلَى مُرَاعَاةِ السَّيِّدِ أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ مَنْ عَلِمَ مِنْهُ حِرْصَهُ عَلَى مُرَاعَاةِ السَّيِّدِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) أَقَرَّهُ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي الْوَقْفِ مَا يَمْنَعُ مَضْمُونَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: أَمَّا مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ كَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَقَدْ وَقَفْتُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعِتْقِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُجَابُ عَنْ هَذَا الْقِيلِ بِمَنْعِ مَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ إنْ أَرَادَ أَنَّ تَعْلِيقَهُ يُبْطِلُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ تَعْلِيقَهُ لَا يُعْتَبَرُ فَمَا قَالَهُ مُسَلَّمٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَوْتِ الْمُعَلِّقِ إلَخْ) هَذَا مُصَوَّرٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ اللَّفْظِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَهُ كَإِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَيَّدَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ صَارَ وَصِيَّةً، وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>