للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ) بِقَوْلِهِ: أَنَا عَاجِزٌ عَنْ كِتَابَتِي مَعَ تَرْكِهِ الْأَدَاءَ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا تَصْوِيرٌ، وَالْمَدَارُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَمَتَى امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ عِنْدَ الْمَحَلِّ (فَلِلسَّيِّدِ) وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي (الصَّبْرُ، وَالْفَسْخُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ) ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى حَاكِمٍ لَكِنَّهُ آكَدُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَلِلْمُكَاتَبِ) ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ (الْفَسْخُ) لَهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخَ الرَّهْنِ وَإِذَا عَادَ لِلرِّقِّ فَأَكْسَابُهُ كُلُّهَا لِلسَّيِّدِ إلَّا اللُّقَطَةَ كَمَا مَرَّ

. (وَلَوْ اسْتَمْهَلَ الْمُكَاتَبُ) السَّيِّدَ (عِنْدَ حُلُولِ) النَّجْمِ الْأَخِيرِ، أَوْ غَيْرِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ حِينَئِذٍ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا (إمْهَالُهُ) إعَانَةً لَهُ عَلَى الْعِتْقِ أَوَّلًا لِعَجْزٍ لَزِمَهُ الْإِمْهَالُ بِقَدْرِ إخْرَاجِ الْمَالِ مِنْ مَحَلِّهِ وَوَزْنِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأَكْلٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَأَنَّهُ لَا تَتَوَسَّعُ الْأَعْذَارُ هُنَا تَوَسُّعَهَا فِي الشُّفْعَةِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا وَاجِبٌ بِالطَّلَبِ فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهُ إلَّا لِلْأَمْرِ الضَّرُورِيِّ وَنَحْوِهِ، وَمِنْ ثَمَّ يَظْهَرُ أَنَّ الْمَدِينَ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ بَعْدَ مُطَالَبَةِ الدَّائِنِ لَهُ كَالْمُكَاتَبِ فِيمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ فَوْرًا بَعْدَ الطَّلَبِ (فَإِنْ أَمْهَلَ) هـ (ثُمَّ أَرَادَ) السَّيِّدُ وَفَهْمُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْعَبْدِ غَلَطٌ (الْفَسْخَ فَلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْحَالَّ لَا يَتَأَجَّلُ (وَإِنْ كَانَ) لَهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى مَلِيءٍ، أَوْ (مَعَهُ عُرُوضٌ أَمْهَلَهُ) وُجُوبًا لِيَسْتَوْفِيَهُ، أَوْ (لِيَبِيعَهَا) لِقُرْبِ مُدَّتِهَا وَعَظِيمِ مَصْلَحَتِهَا (فَإِنْ عَرَضَ كَسَادٌ) ، أَوْ غَيْرُهُ (فَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِتَضَرُّرِهِ لَوْ لَزِمَهُ إمْهَالٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَبْطِ مَا يَلِيهِ بِدُونِ يَوْمَيْنِ بِأَنَّ مَانِعَ الْبَيْعِ لَا ضَابِطَ لَهُ فَقَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهُ وَقَدْ يَنْقُصُ فَأُنِيطَ الْأَمْرُ فِيهِ بِمَا يَطُولُ عُرْفًا، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا الْغَائِبُ فَالْمَدَارُ فِيهِ عَلَى مَا يَجْعَلُهُ كَالْحَاضِرِ وَمَا لَا فَلَا. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ مَا دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ كَالْحَاضِرِ، بِخِلَافِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ وَبِهَذَا يَتَّجِهُ اعْتِمَادُ مَا فِي الْمَتْنِ دُونَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَّلًا أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إمْهَالٌ دُونَ يَوْمَيْنِ كَمَا لَوْ غَابَ مَالُهُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَمْهَلَهُ) وُجُوبًا (إلَى الْإِحْضَارِ إنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ غَابَ لِمَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (فَلَا) يَلْزَمُهُ إمْهَالٌ لِطُولِ الْمُدَّةِ وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ

. (وَلَوْ حَلَّ النَّجْمُ) ، ثُمَّ غَابَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، أَوْ حَلَّ (وَهُوَ) أَيْ: الْمُكَاتَبُ (غَائِبٌ) عَنْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ فِيهِ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ فَأَشْبَهَ الْمُرْتَهِنَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْفَسْخَ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ سم. (قَوْلُهُ: فَمَتَى امْتَنَعَ إلَخْ) أَيْ: مَعَ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ مَعَ حَذْفِ الْغَايَةِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالْفَسْخُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ) إنْ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ عِنْدَهُ وَحُلُولُ النَّجْمِ وَالْعَجْزُ بِإِقْرَارٍ، أَوْ بَيِّنَةٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَادَ لِلرِّقِّ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَيَرِقُّ كُلُّ مَنْ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ مِنْ وَلَدٍ وَوَالِدٍ أَيْ: إذَا مَاتَ رَقِيقًا أَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ وَصَارَ وَمَا فِي يَدِهِ أَيْ: مِنْ الْمَالِ وَنَحْوِهِ لِلسَّيِّدِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ انْتَهَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَأَكْسَابُهُ كُلُّهَا لِلسَّيِّدِ) وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مَا أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ مُغْنِي زَادَ الْأَسْنَى عَلَى مَنْ أَعْطَاهَا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا اللُّقَطَةَ) أَيْ: فَالْأَمْرُ فِيهَا لِلْقَاضِي ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي بَابِهَا مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْإِمْهَالُ إلَخْ) وَيُعْذَرُ لِمَانِعٍ يَطْرَأُ كَضَيَاعِ الْمِفْتَاحِ، أَوْ نَحْوِهِ فَيُمْهَلُ لِذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَابَ مَالُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ أُمْهِلَ ع ش. (قَوْلُهُ: السَّيِّدَ) إلَى قَوْلِهِ: وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَفَهْمُ أَنَّ الضَّمِيرَ) أَيْ: ضَمِيرَ أَرَادَ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْهَلَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ، ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ بِسَبَبٍ مِمَّا مَرَّ فَلَهُ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَهُ دَيْنٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ يُمْهَلُ لِإِحْضَارِ دَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَإِحْضَارِ مَالٍ مُودَعٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ عُرُوضٌ) أَيْ: وَكَانَتْ الْكِتَابَةُ غَيْرَهَا وَاسْتَمْهَلَ لِبَيْعِهَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِيَسْتَوْفِيَهُ) أَيْ الدَّيْنَ. (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ مُدَّتِهَا) أَيْ الْمُهْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَظِيمِ مَصْلَحَتِهَا) وَهُوَ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ: لِتَضَرُّرِهِ إلَخْ) أَيْ: يَمْنَعُهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ ع ش. (قَوْلُهُ: بَيَّنَهُ) أَيْ: بَيَّنَ ضَبْطَ الْإِمْهَالِ هُنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: مَا يَلِيهِ) أَيْ مَا لَوْ غَابَ مَالُهُ. (قَوْلُهُ: فَأُنِيطَ الْأَمْرُ) أَيْ: عَدَمُ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا) أَيْ: لَا يَجْعَلُهُ كَالْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ: فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: يَتَّجِهُ اعْتِمَادُ مَا فِي الْمَتْنِ) وَهَذَا أَيْ: مَا فِي الْمَتْنِ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُحَرَّرُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) صِفَةٌ مَا لَوْ غَابَ إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا) أَيْ: وَاسْتَمْهَلَ لِإِحْضَارِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَمْهَلَهُ وُجُوبًا) أَيْ فَلَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِالْمَالِ لَيْسَ لِلْقَاضِي قَبُولُهُ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَرْضَى الْمُكَاتَبُ بِتَحَمُّلِ مَتْنِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ: وَيَذْكُرُ أَنَّهُ نَدِمَ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ حَيْثُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً عُرْفًا بِحَيْثُ يَقَعُ مِثْلُهَا كَثِيرًا لِلْمُسَافِرِ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ. اهـ. ع ش أَقُولُ: مَا مَرَّ آنِفًا فِي مَسْأَلَةِ عُرُوضِ الْكَسَادِ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ مَا قَالَهُ.

. (قَوْلُهُ: ثُمَّ غَابَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ أَنْظَرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَّ وَهُوَ أَيْ: الْمُكَاتَبُ غَائِبٌ) أَيْ: وَلَوْ بِإِذْنِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْفَسْخِ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ وَالْفَسْخُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ بِخِلَافِ تَعْجِيزِ السَّيِّدِ إيَّاهُ بِشَرْطِهِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَادَ لِلرِّقِّ فَأَكْسَابُهُ كُلُّهَا لِلسَّيِّدِ) فِي الرَّوْضِ وَيَرِقُّ كُلُّ مَنْ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ مِنْ وَلَدٍ، وَوَالِدٍ أَيْ: إذَا مَاتَ رَقِيقًا، أَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَصَارَ وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ وَنَحْوِهِ لِلسَّيِّدِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ. وَفِي الرَّوْضِ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَتَى فُسِخَتْ يَفُوزُ السَّيِّدُ بِمَا أَخَذَ لَكِنْ يَرُدُّ مَا أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ أَيْ: عَلَى مَنْ أَعْطَاهَا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>