للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) يُسَنُّ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمُؤَذِّنِ، وَالْمُقِيمِ وَسَامِعِهِمَا (أَنْ يُصَلِّيَ) وَيُسَلِّمَ (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْأَذَانِ، أَوْ الْإِقَامَةِ لِلْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَقِبَ الْأَذَانِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ (ثُمَّ) يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ عَقِبَهُمَا (اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ) هِيَ الْأَذَانُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَمَالِهِ وَسَلَامَتِهِ مِنْ تَطَرُّقِ نَقْصٍ إلَيْهِ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى جَمِيعِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِهِ مَقَاصِدِهَا بِالنَّصِّ وَغَيْرِهَا بِالْإِشَارَةِ (وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ) أَيْ الَّتِي سَتَقُومُ (آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ) هِيَ أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِكْمَةُ طَلَبِهَا لَهُ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهَا لَهُ بِالْوَعْدِ الصَّادِقِ إظْهَارُ الِافْتِقَارِ، وَالتَّوَاضُعِ مَعَ عَوْدِ عَائِدَةٍ جَلِيلَةٍ لِلسَّائِلِ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي» أَيْ وَجَبَتْ كَمَا فِي رِوَايَةِ «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ بِالْوَعْدِ الصَّادِقِ، وَأَمَّا فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا يَجِبُ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا (وَالْفَضِيلَةَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، أَوْ أَعَمُّ وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ، (وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ) وَخَتَمَهُ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُمَا (وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا)

وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا «الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ» (الَّذِي) بَدَلٌ مِنْ الْمُنَكَّرِ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، أَوْ نَعْتٌ لِلْمُعَرَّفِ وَيَجُوزُ الْقَطْعُ لِلرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ (وَعَدْته) بِقَوْلِك {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩]

ــ

[حاشية الشرواني]

«قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ إذَا قُلْت أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، بَلْ قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا قَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إلَخْ

قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ، وَالنِّهَايَةِ وَمُغْنِي لَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَقُولُ عِوَضَهُ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَعْدَهُ الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ عِوَضًا عَنْ الْحَيْعَلَتَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ وَمَالَ جَمْعٌ إلَى الْأَخْذِ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عِوَضًا عَنْهُمَا انْتَهَى اهـ سم وَمِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ الْمُغْنِي كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَلِاشْتِمَالِهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُقِيمُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَكَذَا مُقِيمٌ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ) وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِأَيِّ لَفْظٍ أَتَى بِهِ مِمَّا يُفِيدُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ عَلَى الرَّاجِحِ صَلَاةُ التَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى غَيْرِهَا وَمِنْ الْغَيْرِ مَا يَقَعُ لِلْمُؤَذِّنِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ الصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتُونَ بِهِ فَيَكْفِي (فَائِدَةٌ)

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَيَتَأَكَّدُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوَاضِعَ وَرَدَ فِيهَا أَخْبَارٌ خَاصَّةٌ أَكْثَرُهَا بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ عَقِبَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَأَوَّلَ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطَهُ وَآخِرَهُ وَفِي أَوَّلِهِ آكَدُ وَفِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَالتَّفَرُّقِ وَعِنْدَ السَّفَرِ، وَالْقُدُومِ مِنْهُ، وَالْقِيَامِ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَخَتْمِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الْهَمِّ، وَالْكَرْبِ، وَالتَّوْبَةِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَتَبْلِيغِ الْعِلْمِ، وَالذِّكْرِ وَنِسْيَانِ الشَّيْءِ وَوَرَدَ أَيْضًا فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَطَنَيْنِ الْأُذُنِ، وَالتَّلْبِيَةِ وَعَقِبَ الْوُضُوءِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ، وَالْعُطَاسِ وَوَرَدَ الْمَنْعُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا انْتَهَى مُنَاوِيٌّ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ) أَيْ: لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِذَلِكَ يُفَوِّتُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ، بَلْ، أَوْ كُلَّهَا ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَذَانِ، أَوْ الْإِقَامَةِ) أَيْ، أَوْ الْإِجَابَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُسَنُّ لَهُ إلَخْ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ، وَالْمُقِيمِ وَسَامِعِهِمَا وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجَابَةِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالدُّعَاءِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا سُنَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي ع ش (قَوْلُهُ: عَقِبَهُمَا) أَيْ: الصَّلَاةِ، وَالسَّلَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ (اللَّهُمَّ) أَصْلُهُ يَا اللَّهُ حُذِفَتْ يَاؤُهُ وَعُوِّضَتْ عَنْهَا الْمِيمُ وَلِهَذَا امْتَنَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: هِيَ الْأَذَانُ) أَيْ: أَوْ الْإِقَامَةُ مُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ قَوْلُ الْمَتْنِ (آتِ) أَيْ: أَعْطِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إظْهَارُ الِافْتِقَارِ، وَالتَّوَاضُعِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ إظْهَارُ شَرَفِهِ وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى إلَيْهَا (قَوْلُهُ: «، ثُمَّ سَلُوا» إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ» إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ لِأَحَدٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوُجُوبُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنْ قُدِّرَ قَبُولٌ اُحْتِيجَ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَأَيْضًا لَوْ سَلِمَ فَالْوُجُوبُ هُنَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَيْ الْحُصُولُ، وَالثُّبُوتُ، وَالْمُرَاد بِهِ مُجَرَّدُ الْوَعْدِ بِفَضْلِهِ (قَوْلُهُ: وَحُذِفَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الْمُغْنِي وَزَادَ فِي التَّنْبِيهِ بَعْدَ، وَالْفَضِيلَةَ «، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ» وَبَعْدَ وَعَدْته «يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» اهـ قَالَ الْكُرْدِيُّ وَفِي فَتْحِ الْبَارِي زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ «إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» اهـ.

(قَوْلُهُ: وَخَتَمَهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُنَكَّرِ) أَيْ وَمِنْ الْمُعَرَّفِ بِالْأَوْلَى قَالَ سم أَيْ، أَوْ نَعْتٌ لَهُ مَقْطُوعٌ فَإِنَّ النَّعْتَ الْمَقْطُوعَ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

ثَبَتَ اشْتِرَاطُهُمَا بِالنَّصِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى إسْقَاطِهِمَا فِي هَذَا الْفَرْدِ الْخَاصِّ مُحْتَمَلٌ فَلَمْ يَقْوَ عَلَى دَفْعِ الثَّابِتِ مِنْ غَيْرِ احْتِمَالٍ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْخَادِمِ تَبَعًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ اهـ وَلَك أَنْ تَقُولَ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقُ ظَاهِرٌ فِي سُقُوطِهِمَا فِي هَذَا الْفَرْدِ الْخَاصِّ وَهَذَا كَافٍ فِي تَخْصِيصِ نَصِّ اشْتِرَاطِهِمَا؛ لِأَنَّ تَنَاوُلَهُ لِهَذَا الْفَرْدِ ظَاهِرٌ فَقَطْ، وَأَمَّا حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ الثَّانِي فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَسْلِيمِ ظُهُورِهِ فِي الْمَطْلُوبِ فَهُوَ فِي بَعْضِ الْمَرَّاتِ وَغَايَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَوَازُ الْجَمْعِ لَا تَعَيُّنُهُ فِي أَدَاءِ هَذِهِ السُّنَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ الْمُنَكَّرِ) أَيْ، أَوْ نَعْتٌ لَهُ مَقْطُوعٌ فَإِنَّ النَّعْتَ الْمَقْطُوعَ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ لِلْمَنْعُوتِ تَعْرِيفًا، أَوْ تَنْكِيرًا وَلِذَا أَعْرَبُوا {الَّذِي جَمَعَ مَالا} [الهمزة: ٢] نَعْتًا مَقْطُوعًا {لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: ١] (قَوْلُهُ: أَوْ نَعْتٌ لِلْمُعَرَّفِ) هَلَّا قَالَ، أَوْ بَدَلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>