للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَا يَأْتِي وَالْمُحَرَّرُ قَدْ يُبَيِّنُ وَقَدْ لَا وَلَا يُنَافِيهِ جَزْمُهُ بِمَسَائِلَ فِيهَا خِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ ذِكْرَ كُلِّ خِلَافٍ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ إنَّهُ حَيْثُ ذَكَرَ خِلَافًا بَيْنَ مَرْتَبَتِهِ أَوْ فِيهَا نَصٌّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لَهُ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ سِيَاقِهِ الْآتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَذْكُرُ نَصًّا يُقَابِلُهُ وَجْهٌ أَوْ تَخْرِيجٌ، وَأَنَّهُ لَا يَذْكُرُ كُلَّ نَصٍّ كَذَلِكَ بَلْ إنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.

(فَحَيْثُ) بِالضَّمِّ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ مَعَ إبْدَالِ يَائِهِ وَاوًا أَوْ أَلِفًا وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى الْمَكَانِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا كَمَا فِي {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] بِتَضْمِينِ أَعْلَمُ مَعْنَى مَا يَتَعَدَّى إلَى الظَّرْفِ أَيْ اللَّهُ أَنْفَذُ عِلْمًا حَيْثُ يَجْعَلُ أَيْ هُوَ نَافِذُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَتَعَيَّنُ أَنَّهَا مَفْعُولٌ بِهِ عَلَى السَّعَةِ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يَنْصِبُهُ لَا ظَرْفٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ فِي مَكَان أَعْلَمَ مِنْهُ فِي مَكَان، وَلِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَعْلَمُ نَفْسَ الْمَكَانِ الْمُسْتَحِقَّ لِوَضْعِ الرِّسَالَةِ لَا شَيْئًا فِي الْمَكَانِ قِيلَ وَكَمَا هُنَا وَهُوَ عَجِيبٌ إذْ التَّقْدِيرُ فَكُلُّ مَكَان مِنْ هَذَا الْكِتَابِ (أَقُولُ) فِيهِ.

وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ أَنَّهَا تَرِدُ لِلزَّمَانِ (الْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْمَخْصُوصِ (قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَحَيْثُ أَقُولُ وَقِيلَ كَذَا إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ قَدْ يُبَيِّنُ) أَيْ نَحْوُ أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَأَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا أَيْ نَحْوُ الْأَصَحِّ وَالْأَظْهَرِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ حَيْثُ ذُكِرَ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يُفَرِّعْهُ عَلَيْهِ نَظَرًا لِعَطْفِ قَوْلِهِ أَوْ فِيهَا نَصٌّ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ فِيهَا خِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرْجَاعِ قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ بَلْ قَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُ قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ بِقَوْلِهِ وَمَرَاتِبِ الْخِلَافِ، وَبِهِ يَسْهُلُ الْحَالُ جِدًّا سم وَقَدْ يُغْنِي عَنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَعَنْ قَوْلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ إلَخْ قَوْلُهُ غَالِبًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سِيَاقِهِ الْآتِي) أَيْ بِقَوْلِهِ وَحَيْثُ أَقُولُ النَّصُّ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ نَصًّا يُقَابِلُهُ وَجْهٌ أَوْ تَخْرِيجٌ) أَيْ بِحَسَبِ اطِّلَاعِهِ فَلَا يَرِدُ مَا عَسَاهُ يُفْرَضُ مِنْ تَرْكِهِ نَصًّا يُقَابِلُهُ مَا ذُكِرَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ يُغْنِي عَمَّا قَدَّرَهُ قَوْلُ الشَّارِح، وَأَنَّهُ لَا يُذْكَرُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مَا قَدَّرَهُ يُغْنِي عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُذْكَرُ كُلُّ نَصٍّ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ فَمَا الْمُرَجِّحُ حِينَئِذٍ لِتَخْصِيصِ الْبَعْضِ بِالذِّكْرِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ

(قَوْلُهُ أَيْ اللَّهُ أَنْفَذُ إلَخْ) تَأْوِيلُ أَعْلَمُ بِأَنْفَذُ لَا يَخْلُصُ فَإِنْ أُوِّلَ أَنْفَذُ بِأَصْلِ الْفِعْلِ فَيُمْكِنُ تَأْوِيلُ أَعْلَمُ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ النُّفُوذِ، وَقَوْلُهُ أَيْ هُوَ نَافِذٌ يَقْتَضِي صَرْفَ أَعْلَمُ عَنْ التَّفْضِيلِ سم وَلَك مَنْعُ أَوَّلِ كَلَامِهِ بِأَنَّ تَأْوِيلَ أَعْلَمُ بِأَنْفَذُ لِتَحْصِيلِ مَا يَتَعَدَّى إلَى الظَّرْفِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ أَيْ هُوَ نَافِذُ الْعِلْمِ الْمُقْتَضِي لِمَا ذُكِرَ فَلِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى بَلْ جَمِيعَ صِفَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُتَعَلِّقَاتِهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّفْضِيلُ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ) صَرَّحَ ابْنُ هِشَامٍ بِأَنَّ حَيْثُ فِي الْآيَةِ مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَعْلَمُ سم وَكَذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّضِيُّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِعَلَى السَّعَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يَنْصِبُهُ) لَمْ يَقُلْ لَا يَعْمَلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ بِحَرْفِ التَّقْوِيَةِ فَيُقَالُ أَنَا أَضْرَبُ مِنْك لِزَيْدٍ وَأَعْرَفُ مِنْك بِزَيْدٍ عِصَامٌ (قَوْلُهُ لَا ظَرْفٌ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَفْعُولٍ بِهِ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعَالَى إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْأَظْرُفِ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَمَا هُنَا) كَأَنَّهُ عُطِفَ عَلَى كَمَا فِي اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذْ التَّقْدِيرُ إلَخْ كَأَنَّهُ رُدَّ عَلَى مَا فِي هَذَا الْقِيلِ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْمَكَانِ الْمَجَازِيِّ بِأَنَّ مَا هُنَا مَكَانٌ حَقِيقِيٌّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْكِتَابِ سَوَاءٌ جُعِلَ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ أَوْ النُّقُوشِ أَوْ الْمَعَانِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فُصِّلَ فِي مَحَلِّهِ لَيْسَتْ أَمَاكِنَ حَقِيقِيَّةً لِلْقَوْلِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ أَرَدْنَا بِالْمَكَانِ الْمَكَانَ لُغَةً أَوْ الْمَكَانَ اصْطِلَاحًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ إنَّمَا الْعَجِيبُ التَّعَجُّبُ مِنْهُ سم (قَوْلُهُ أَنَّهَا تُرَدُّ) أَيْ لَفْظَةُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ فَهُوَ مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، وَالْفَاءُ لِلتَّفْسِيرِ وَبِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْقَلِيلِ مُبَالَغَةً فِي مَقَامِ الْمَدْحِ وَالْخَطَابَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرْجَاعِ قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ بَلْ قَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُ قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ بِقَوْلِهِ وَمَرَاتِبُ الْخِلَافِ وَبِهِ يَسْهُلُ الْحَالُ جِدًّا (قَوْلُهُ نَصًّا يُقَابِلُهُ وَجْهٌ أَوْ تَخْرِيجٌ) أَيْ بِحَسَبِ اطِّلَاعِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا عَسَاهُ يُفْرَضُ مِنْ تَرْكِهِ نَصًّا يُقَابِلُهُ مَا ذُكِرَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَيْ اللَّهُ أَنْفَذُ) تَأْوِيلُ أَعْلَمُ بِأَنْفَذُ لَا يَخْلُصُ فَإِنْ أُوِّلَ أَنْفَذُ بِأَصْلِ الْفِعْلِ فَيُمْكِنُ تَأْوِيلُ أَعْلَمُ بِهِ فَلَا وَجْه لِذِكْرِ النُّفُوذِ، وَقَوْلُهُ أَيْ هُوَ نَافِذٌ يَقْتَضِي صَرْفَ أَعْلَمُ عَنْ التَّفْضِيلِ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَتَعَيَّنُ أَنَّهَا مَفْعُولٌ بِهِ) صَرَّحَ ابْنُ هِشَامٍ بِأَنَّ حَيْثُ فِي الْآيَةِ مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَعْلَمُ (قَوْلُهُ لَا ظَرْفٌ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَفْعُولِ بِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَكَمَا هُنَا) كَانَ قَوْلُهُ وَكَمَا هُنَا عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] وَقَوْلُهُ إذْ التَّقْدِيرُ إلَخْ كَأَنَّهُ رَدٌّ عَلَى مَا فِي هَذَا الْقِيلِ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْمَكَانِ الْمَجَازِيِّ بِأَنَّ مَا هُنَا مَكَانٌ حَقِيقِيٌّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْكِتَابِ سَوَاءٌ جُعِلَ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ أَوْ النُّقُوشِ أَوْ الْمَعَانِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فُصِّلَ فِي مَحَلِّهِ لَيْسَتْ أَمَاكِنَ حَقِيقَةً لِلْقَوْلِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ أَرَدْنَا بِالْمَكَانِ لُغَةً أَوْ الْمَكَانِ اصْطِلَاحًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ مَعْنَى الْمَكَانِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا، وَنِسْبَةُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ) إنَّمَا الْعَجِيبُ التَّعَجُّبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَحَيْثُ أَقُولُ الْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ) الْمُرَادُ بِالْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ اللَّفْظُ أَيْ وَحَيْثُ أَقُولُ هَذَا اللَّفْظُ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الْحِكَايَةِ لِحَالَةِ رَفْعِهِ، وَيَجُوزُ غَيْرُ الرَّفْعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ فَمِنْ الْقَوْلَيْنِ أَيْ فَمُرَادِي بِالْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ هُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ أَيْ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا فَالْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ الْمُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ وَالْمُقَدَّرُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْمُرَادِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>