للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ) وَهِيَ كَثِيرَةٌ فِيهَا تَصَانِيفُ مُتَعَدِّدَةٌ (كَأَعْمَى) بَصُرَ أَوْ بَصِيرٌ (قَلَّدَ) وُجُوبًا (ثِقَةً) فِي الرِّوَايَةِ كَأَمَةٍ لَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَا فَاسِقٌ وَكَافِرٌ إلَّا إنْ عَلَّمَهُ قَوَاعِدَ صَيَّرَتْ لَهُ مَلَكَةً يَعْلَمُ الْقِبْلَةَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَيْهَا وَإِنْ نَسِيَ تِلْكَ الْقَوَاعِدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُخَالِفُ لِذَلِكَ ضَعِيفٌ (عَارِفًا) بِالْأَدِلَّةِ كَالْعَامِّيِّ فِي الْأَحْكَامِ يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا فِيهَا فَإِنْ صَلَّى بِلَا تَقْلِيدٍ قَضَى وَإِنْ أَصَابَ وَإِنْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُجْتَهِدَانِ أَخَذَ بِقَوْلِ أَعْلَمْهُمَا وَأَوْثَقِهِمَا نَدْبًا وَقَالَ جَمْعٌ وُجُوبًا

ــ

[حاشية الشرواني]

بِسَبَبِ عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْمُعَارِضِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ يُعْلَمُ أَنَّ الْعَالِمَ بِالْفِعْلِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَغَيْرَ الْعَالِمِ بِالْفِعْلِ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ بِلَا قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَامْتَنَعَ التَّقْلِيدُ فَإِنْ قَلَّدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ سم عَلَى حَجّ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَعْمَى بَصُرَ) إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ عِلْمَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا فَاسِقٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَا مُرْتَكِبُ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الْفِسْقِ عَلَى الْأَقْرَبِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا فَاسِقٌ وَكَافِرٌ) لَعَلَّ صَوَابَهُمَا النَّصْبَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ عِلْمَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ لِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النِّهَايَةِ رُجُوعَهُ لِلْكَافِرِ فَقَطْ عِبَارَتُهُ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ اسْتَعْلَمَ مُسْلِمٌ مِنْ مُشْرِكٍ دَلَائِلَ الْقِبْلَةِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ وَاجْتَهَدَ لِنَفْسِهِ فِي جِهَاتِ الْقِبْلَةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا قَبِلَ خَبَرَ الْمُشْرِكِ فِي غَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَظُنُّهُمْ يُوَافِقُونَهُ عَلَيْهِ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّاشِيُّ وَقَالَ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلْ فِي أَدِلَّتِهَا إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ وَسُكُونُ نَفْسِهِ إلَى خَبَرِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ قَوْلُهُ م ر وَنَظَرَ فِيهِ الشَّاشِيُّ إلَخْ اهـ

وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْهُ، بَلْ أَوْلَى مَا إذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ قَوَاعِدُ مُدَوَّنَةٌ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ وَكَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِفَهْمِهَا فَأَوْقَفَهُ عَلَى فَهْمِ مَعَانِيهَا كَافِرٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: صَيَّرَتْ لَهُ مَلَكَةً إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْقَوَاعِدَ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّتِهَا وَاسْتِلْزَامِهَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَلَكَةٌ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُخَالِفُ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْمُخَالَفَةِ أَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّمَ مِنْهُ الْأَدِلَّةَ وَقَلَّدَهُ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا كَأَنْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ إذَا اسْتَقْبَلْته، أَوْ اسْتَدْبَرْته عَلَى صِفَةِ كَذَا كُنْت مُسْتَقْبِلًا لِلْكَعْبَةِ وَهُوَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ضَعِيفٌ أَمَّا إذَا تَعَلَّمَ أَصْلَ الْأَدِلَّةِ مِنْهُ، ثُمَّ تَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى اسْتِخْرَاجِهَا مِنْ الْكُتُبِ وَاجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ لَهُ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ صَحِيحِ الْأَدِلَّةِ مِنْ فَاسِدِهَا لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ م ر وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (عَارِفًا) أَيْ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَارِفِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي

(قَوْلُهُ: كَالْعَامِّيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقَالَ جَمْعٌ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَصَابَ) أَمَّا مَا صَلَّاهُ بِالتَّقْلِيدِ وَصَادَفَ فِيهِ الْقِبْلَةَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ السُّؤَالِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ تَحْضُرُ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدَانِ) وَلَوْ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا وَتَعَدَّدَ الْآخَرُ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا م ر سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَخَذَ بِقَوْلِ أَعْلَمِهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْثَقَ، وَالْآخَرُ أَعْلَمَ فَالظَّاهِرُ اسْتِوَاؤُهُمَا إلَى آخِرِهِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْأَوْثَقِ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُخْبِرَانِ عَنْ عِلْمٍ، أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ الْقُطْبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَكُونُ أَمَامَك وَقَالَ الْآخَرُ يَكُونُ خَلْفَ أُذُنِك الْيُسْرَى مَثَلًا فَهَلْ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا كَالْمُجْتَهِدِينَ أَوْ يَتَسَاقَطَانِ عِنْدَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ ع ش بِحَذْفٍ

(قَوْلُهُ: نَدْبًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي نَدْبًا كَمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعَيَّ وَوُجُوبًا كَمَا فِي الصَّغِيرِ لَهُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ وَقِيلَ يُصَلِّي مَرَّتَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ جَمْعٌ وُجُوبًا) لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّخْيِيرُ وَهُوَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَمُعَادَةٌ لِفَسَادِ الْأُولَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ اهـ وَبَقِيَ مَا لَوْ سُنَّ إعَادَتُهَا عَلَى الِانْفِرَادِ لِجَرَيَانِ قَوْلٍ بِبُطْلَانِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ فَهَلْ يُجَدَّدُ لَهَا أَيْضًا لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يُحَدَّدُ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ يُعْلَمُ أَنَّ الْعَالِمَ بِالْفِعْلِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَغَيْرُ الْعَالِمِ بِالْفِعْلِ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ بِلَا قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَامْتَنَعَ التَّقْلِيدُ فَإِنْ قَلَّدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدَانِ) لَوْ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا وَتَعَدَّدَ الْآخَرُ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا م ر (قَوْلُهُ: وَأَوْثَقُهُمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْثَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>