للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) يُسَنُّ تَدَبُّرُ (الذِّكْرِ) كَالْقِرَاءَةِ وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ ثَوَابِهِ وَإِنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَأْتِي هَذَا فِي الْقُرْآنِ لِلتَّعَبُّدِ بِلَفْظٍ فَأُثِيبَ قَارِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ بِخِلَافِ الذِّكْرِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ.

(وَ) يُسَنُّ (دُخُولُ الصَّلَاةِ بِنَشَاطٍ) لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ تَارِكِيهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ قَائِلًا {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] وَالْكَسَلُ الْفُتُورُ وَالتَّوَانِي (وَفَرَاغِ قَلْبٍ) عَنْ الشَّوَاغِلِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الْخُشُوعِ وَفِي الْخَبَرِ «لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا مَا عَقَلَ» وَبِهِ يَتَأَيَّدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ أَيْ الِاخْتِيَارِيَّ أَوْ الِاسْتِرْسَالَ مَعَ الِاضْطِرَارِيِّ مِنْهُ يُبْطِلُ الثَّوَابَ وَقَوْلُ الْقَاضِي يُكْرَهُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ أَوْ مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُجَهِّزُ الْجَيْشَ فِي صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ مَذْهَبٌ لَهُ أَوْ اضْطَرَّهُ الْأَمْرُ إلَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ اخْتَارَ أَنَّ التَّفَكُّرَ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِلَا بَأْسٍ عَدَمَ الْحُرْمَةِ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ أَوَّلًا.

(وَجَعْلُ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ) وَفَوْقَ سُرَّتِهِ (آخِذًا بِيَمِينِهِ يَسَارَهُ) لِلِاتِّبَاعِ الثَّابِتِ مِنْ مَجْمُوعِ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ أَنْ يَقْبِضَ بِكَفِّ يَمِينِهِ كُوعَ يَسَارِهِ وَبَعْضَ رُسْغِهَا وَسَاعِدِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ. وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ مُصَلِّيًا أَمْ غَيْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الرَّحْمَةَ إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ وَيَسْتَعِيذَ مِنْ الْعَذَابِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ فَإِنْ مَرَّ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ سَبَّحَ أَوْ بِآيَةِ مَثَلٍ تَفَكَّرَ وَإِذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨] سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ وَإِذَا قَرَأَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: ٥٠] يَقُولُ: آمَنَتْ بِاَللَّهِ وَإِذَا قَرَأَ {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: ٣٠] يَقُولُ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ اهـ. وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَحَرْفُ إلَى وَيُسَنُّ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهَا أَيْ الْقِرَاءَةُ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا كَامِلَةً وَإِلَّا وَجَبَ الْإِسْرَاعُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَخَفِّ مَا يُمْكِنُ وَقَوْلُهُ م ر وَحَرْفُ التَّرْتِيلِ أَيْ التَّأَنِّي فِي إخْرَاجِ الْحُرُوفِ وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ أَيْ فَنِصْفُ السُّورَةِ مَثَلًا مَعَ التَّرْتِيلِ أَفْضَلُ مِنْ تَمَامِهَا بِدُونِهِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَا طُلِبَ بِخُصُوصِهِ كَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ إتْمَامَهَا مَعَ الْإِسْرَاعِ لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ قِرَاءَتِهَا فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَكْثَرِهَا مَعَ التَّأَنِّي وَقَوْلُهُ م ر إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إلَخْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ آيَةُ الرَّحْمَةِ أَوْ الْعَذَابِ فِيمَا قَرَأَهُ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي بِهِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الْمُوَالَاةَ وَقَوْلُهُ م ر سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَلَى إلَخْ أَيْ يَقُولُهَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ سِرًّا كَالتَّسْبِيحِ وَأَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ الْآتِيَةِ؛ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَوْ عَذَابٍ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِالسُّؤَالِ وَيُوَافِقُهُ الْمَأْمُومُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحٍ وَيَقُولُ الثَّنَاءُ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ فِيمَا ذَكَرَ عَلَى دُعَائِهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَالْقِرَاءَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَثَلًا غَافِلًا عَنْ مَدْلُولِهِ وَهُوَ التَّنْزِيهُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ مَا يَقُولُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ) وَمِنْ الْوَجْهِ الْكَافِي أَنْ يُتَصَوَّرَ أَنَّ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَنَحْوِهِمَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَثَنَاءً عَلَيْهِ ع ش

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْخَبَرِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْكَسَلُ الْفُتُورُ إلَخْ) أَيْ وَضِدُّهُ النَّشَاطُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عَنْ الشَّوَاغِلِ) قَيَّدَهَا النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي بِالدُّنْيَوِيَّةِ، وَقَضِيَّةُ صَنِيعِ الشَّارِحِ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ الْإِطْلَاقُ وَاعْتَمَدَهُ الْحَلَبِيُّ وَفِي النِّهَايَةِ قَبْلَ هَذَا مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ) أَيْ بِالْخَبَرِ (قَوْلُهُ يَبْطُلُ الثَّوَابُ) لَكِنَّ قَضِيَّةَ إلَّا مَا عَقَلَ أَنَّ بُطْلَانَ الثَّوَابِ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الْخَلَلُ فِيهِ فَقَطْ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ بَافَضْلٍ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْقَاضِي إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ إطْلَاقُ قَوْلِهِ وَفَرَاغِ قَلْبٍ عَنْ الشَّوَاغِلِ الشَّامِلِ لِلْأُخْرَوِيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُ الْقَاضِي يُكْرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَانَ يُجَهِّزُ الْجَيْشَ) أَيْ يُدَبِّرُ أَمْرَ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ إلَخْ) أَوْ مَا كَانَ التَّجْهِيزُ يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ كَمَا هُوَ اللَّائِقُ بِعُلُوِّ مَقَامِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ اخْتَارَ إلَخْ) أَيْ وَفِعْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ فَاخْتِيَارُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُوَافِقُهُ وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ أَوَّلًا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ هَذَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ وَأَمَّا فِيمَا يَقْرَؤُهُ فَمُسْتَحَبٌّ.

(فَائِدَةٌ) فِيهَا بُشْرَى رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَامَ يُصَلِّي أُتِيَ بِذُنُوبِهِ فَوُضِعَتْ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى عَاتِقِهِ فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ أَيْ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ مَا مَرَّ أَوَّلًا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ كُرْدِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْقَاضِي مِنْ الْكَرَاهَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَفَرَاغِ قَلْبٍ عَنْ الشَّوَاغِلِ الشَّامِلِ لِأُمُورِ الْآخِرَةِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَجَعْلُ يَدَيْهِ إلَخْ) أَيْ فِي قِيَامِهِ أَوْ بَدَلِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (أَخَذَ بِيَمِينِهِ يَسَارَهُ) لَا يَبْعُدُ فِيمَنْ قُطِعَ كَفُّ يُمْنَاهُ مَثَلًا وَضْعُ طَرَفِ الزَّنْدِ عَلَى يُسْرَاهُ وَفِيمَنْ قُطِعَ كَفَّاهُ وَضْعُ طَرَفِ أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ عِنْدَ طَرَفِ الْآخَرِ تَحْتَ صَدْرِهِ سم (قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ إلَخْ) وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَحُطُّ يَدَيْهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ تَحْتَ صَدْرِهِ وَقِيلَ يُرْسِلُهُمَا ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ نَقْلَهُمَا إلَى تَحْتِ صَدْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْقَصْدُ مِنْ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ تَسْكِينُ الْيَدَيْنِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا وَلَمْ يَعْبَثْ بِهِمَا فَلَا بَأْسَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فَلَا بَأْسَ أَيْ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ مَا تَقَدَّمَ اهـ.

(قَوْلُهُ أَنْ يَقْبِضَ بِكَفِّ يَمِينِهِ إلَخْ) أَيْ وَيُفَرِّجَ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

السُّجُودِ وَهَذَا صَادِقٌ مَعَ التَّغْمِيضِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلِذَا خَصَّهُ بِحَالَةِ الدُّخُولِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ إغْنَاءِ مَا يَأْتِي عَنْ تَعْمِيمِ مَا هُنَا لِلْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ ذَاكَ سَبَبًا لِأَنَّ الْخُشُوعَ بِالْقَلْبِ مَطْلُوبٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ يَبْطُلُ الثَّوَابُ) أَيْ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الْخَلَلُ فَقَطْ

(قَوْلُهُ آخِذًا بِيَمِينِهِ يَسَارَهُ) لَا يَبْعُدُ فِيمَنْ قُطِعَ كَفُّ يُمْنَاهُ مَثَلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>