للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقِبَ سَلَامِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ نِسَاءٌ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَالسُّنَّةُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ وَلَوْ بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ عَلَى مُشَرِّفِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِمِحْرَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافُ مَا عُرِفَ مِنْهُ فَبَحْثُ اسْتِثْنَائِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ لَا سِيَّمَا مَعَ رِعَايَةِ أَنَّ سُلُوكَ الْأَدَبِ أَوْلَى مِنْ امْتِثَالِ الْأَمْرِ يَمِينُهُ لِلْمَأْمُومَيْنِ وَيَسَارُهُ لِلْمِحْرَابِ وَلَوْ فِي الدُّعَاءِ وَانْصِرَافُهُ لَا يُنَافِي نَدْبَ الذِّكْرِ لَهُ عَقِبَهَا لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهَا أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْمَوْعُودِ بِهِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ إلَى الْفَرَاغِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ وَعَلَى مَا ذَكَرَ فَهَلْ يُقَدِّمُ الذِّكْرَ الَّذِي هُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ أَوْ سُورَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ تَقْدِيمُ الذِّكْرِ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَمَّا يَطْلُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ ع ش (قَوْلُهُ عَقِبَ سَلَامِهِ إلَخْ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ لِئَلَّا يَشُكَّ هُوَ أَوْ مَنْ خَلْفَهُ هَلْ سَلَّمَ أَوْ لَا وَلِئَلَّا يَدْخُلَ غَرِيبٌ فَيَظُنَّهُ بَعْدُ فِي صَلَاتِهِ فَيَقْتَدِيَ بِهِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْعِلَّتَانِ تَنْتَفِيَانِ إذَا حَوَّلَ وَجْهَهُ إلَيْهِمْ أَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ اهـ وَيَنْبَغِي كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا قَعَدَ مَكَانَهُ يَذْكُرُ اللَّهَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَتَقَدَّمَ عَنْ سُمَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مِثْلُهُ مَعَ زِيَادَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَيَنْدُبُ أَنْ يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ عَقِبَ سَلَامِهِ وَفَرَاغِهِ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بَعْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ نِسَاءٌ) فَسَيَأْتِي نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ إلَخْ) وِفَاقًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَلَوْ مَكَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ فَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَرْجِيحُهُ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ الصِّفَةَ الْأُولَى يَصِيرُ مُسْتَدْبِرًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قِبْلَةُ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ اهـ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ التَّعْمِيمَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ بِمِحْرَابِهِ) أَيْ بِمُصَلَّاهُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمِحْرَابَ الْمَعْرُوفَ مُحْدَثٌ (قَوْلُهُ فَبَحْثُ اسْتِثْنَائِهِ إلَخْ) أَيْ مِحْرَابَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَعْلِ يَمِينِهِ فِيهِ إلَى الْمِحْرَابِ اعْتَمَدَهُ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَأَتْبَاعُهُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأَئِمَّةِ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْمَ وَلِلدَّمِيرِيِّ

وَسُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَلْتَفِتَا ... بَعْدَ الصَّلَاةِ لِدُعَاءِ ثَبَتَا

وَيَجْعَلُ الْمِحْرَابَ عَنْ يَسَارِهِ ... إلَّا تُجَاهَ الْبَيْتِ فِي أَسْتَارِهِ

فَفِي دُعَائِهِ لَهُ يَسْتَقْبِلُ ... وَعَنْهُ لِلْمَأْمُومِ لَا يَنْتَقِلُ

وَإِنْ يَكُنْ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَة ... فَلْيَجْعَلَنْ مِحْرَابَهُ يَمِينَهْ

لِكَيْ يَكُونَ فِي الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَا ... خَيْرَ شَفِيعٍ وَنَبِيٍّ أُرْسِلَا

اهـ كُرْدِيٌّ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَمُ اعْتِمَادِ مَا بَحَثَهُ الدَّمِيرِيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى تُجَاهِ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الدُّعَاءِ) وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ يَسْتَقْبِلُهُمْ بِوَجْهِهِ فِي الدُّعَاءِ وَقَوْلُهُمْ مِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مُرَادُهُمْ غَالِبًا لَا دَائِمًا وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَيَّدَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتِحْبَابَ إكْثَارِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بِالْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَصِرَ فِيهِمَا بِحَضْرَةِ الْمَأْمُومِينَ فَإِذَا انْصَرَفُوا طَوَّلَ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ انْتَهَى وَهُمْ لَا يَمْنَعُونَ ذَلِكَ مُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهَا أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِهَا أَيْ التَّسْبِيحَاتِ عَلَى الْفَوْرِ وَعَلَى التَّرَاخِي وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَفُوتُ بِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَهَا لِطُولِ الْفَصْلِ لَكِنْ قَالَ حَجّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ كَالِاشْتِغَالِ بِالرَّاتِبَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ سم عَلَيْهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي اغْتِفَارِ الرَّاتِبَةِ أَنْ لَا يَفْحُشَ الطُّولُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ التَّسْبِيحُ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ عُرْفًا انْتَهَى ثُمَّ عَلَى هَذَا لَوْ وَالَى بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ أَخَّرَ التَّسْبِيحَ عَنْ الثَّانِيَةِ وَهَلْ يَسْقُطُ تَسْبِيحُ الْأُولَى حِينَئِذٍ أَوْ يَكْفِي لَهُمَا ذِكْرًا وَاحِدًا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَقِبَ سَلَامِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْأَذْكَارُ الَّتِي طُلِبَ الْإِتْيَانُ بِهَا قَبْلَ تَحَوُّلِهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَعْنِي قِيَامَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ الصُّبْحِ لِمَا صَحَّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَاسْتَدَلَّ فِي الْخَادِمِ بِخَبَرِ مَنْ قَالَ دُبُرَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثَ السَّابِقَ قَالَ فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَأْتِي بِهَذَا الذِّكْرِ قَبْلَ أَنْ يُحَوِّلَ رِجْلَيْهِ وَيَأْتِيَ مِثْلَهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِيهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ بِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَوَّلَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا فَحُشَ التَّطْوِيلُ بِحَيْثُ صَارَ لَا يَصْدُقُ عَلَى الذِّكْرِ أَنَّهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَدْ يُقَالُ وُقُوعُهُ بَعْدَ تَوَابِعِهَا وَإِنْ طَالَتْ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ بَعْدَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>