للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ظَهْرُهُمَا وَبَطْنُهُمَا إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] أَيْ إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَلِلْحَاجَةِ لِكَشْفِهِمَا وَإِنَّمَا حَرُمَ نَظَرُهُمَا كَالزَّائِدِ عَلَى عَوْرَةِ الْأَمَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةٌ لِلْفِتْنَةِ وَعَوْرَتُهَا خَارِجُهَا فِي الْخَلْوَةِ كَمَا مَرَّ وَعِنْدَ نَحْوِ مُحْرِمٍ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَصَوْتُهَا غَيْرُ عَوْرَةٍ

(تَنْبِيهٌ) عَبَّرَ شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ وَالْخُنْثَى رِقًّا وَحُرِّيَّةً كَالْأُنْثَى وَقَوْلُهُ رِقًّا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّ عَوْرَةَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْقِنَّيْنِ لَا تَخْتَلِفُ إلَّا عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ عَوْرَةَ الْأُنْثَى أَوْسَعُ مِنْ عَوْرَةِ الذَّكَرِ.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ السَّاتِرُ (مَا) الْأَحْسَنُ كَوْنُهَا مَصْدَرِيَّةً (مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ) وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ حَجْمَهَا وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى الْمَسْتُورِ لُبْسًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا يَكْفِي زُجَاجٌ وَمَاءٌ صَافٍ وَثَوْبٌ رَقِيقٌ لِأَنَّ مَقْصُودَ السَّتْرِ لَا يَحْصُلُ بِهِ وَلَا الظُّلْمَةُ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سَاتِرًا عُرْفًا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إيرَادُ أَصْبَاغٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَجَمَعَ الْخَطِيبُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَحَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ لِلشَّكِّ فِي الِانْعِقَادِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَحَمَلَ الثَّانِيَ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ مَسْتُورًا كَالْمَرْأَةِ ثُمَّ طَرَأَ كَشْفُ شَيْءٍ مِمَّا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَضُرُّ لِلْجَزْمِ بِالِانْعِقَادِ وَالشَّكِّ فِي الْبُطْلَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْجَمْعَ سم وَالزِّيَادِيُّ وَالسَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ وَشَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي عَوْرَتُهَا كَالْحُرَّةِ إلَّا رَأْسَهَا أَيْ عَوْرَتَهَا مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَالرَّأْسَ وَالثَّالِثُ عَوْرَتُهَا مَا لَا يَبْدُو مِنْهَا فِي حَالِ خِدْمَتِهَا بِخِلَافِ مَا يَبْدُو كَالرَّأْسِ وَالرَّقَبَةِ وَالسَّاعِدِ وَطَرَفِ السَّاقِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) أَيْ حَتَّى شَعْرِ رَأْسِهَا وَبَاطِنِ قَدَمَيْهَا وَيَكْفِي سَتْرُهُ بِالْأَرْضِ فِي حَالِ الْوُقُوفِ فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ سُجُودِهَا أَوْ ظَهَرَ عَقِبَهَا عِنْدَ رُكُوعِهَا أَوْ سُجُودِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهَا شَيْخُنَا عِبَارَةُ ع ش وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْقَدَمَيْنِ وَلَيْسَ مُمَاسًّا لِبَاطِنِ الْقَدَمِ كَفَى السَّتْرُ بِهِ لِكَوْنِهِ يَمْنَعُ إدْرَاكَ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَلَا تُكَلَّفُ لُبْسَ نَحْوِ خُفٍّ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ لَكِنْ يَجِبُ تَحَرُّزُهَا فِي سُجُودِهَا عَنْ ارْتِفَاعِ الثَّوْبِ عَنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَى الْكُوعَيْنِ) بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ فَالْأَوْلَى إلَى الرُّسْغَيْنِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) الِاسْتِدْلَال بِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّهُ وَارِدٌ فِي الصَّلَاةِ سم (قَوْلُهُ أَيْ إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ) قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا حَرُمَ نَظَرُهُمَا إلَخْ) أَيْ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْحُرَّةِ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ قَالَ الزِّيَادِيُّ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ بَعْدَ كَلَامٍ وَعُرِفَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ لَهَا ثَلَاثَ عَوْرَاتٍ عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ وَعَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْأَجَانِبِ إلَيْهَا جَمِيعُ بَدَنِهَا حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَعَوْرَةٌ فِي الْخَلْوَةِ وَعِنْدَ الْمَحَارِمِ كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ اهـ. وَيُزَادُ رَابِعَةٌ هِيَ عَوْرَةُ الْمُسْلِمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْكَافِرَةِ غَيْرِ سَيِّدَتِهَا وَمَحْرَمِهَا وَهِيَ مَا لَا يَبْدُو عِنْدَ الْمَهْنَةِ وَيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عَلَى الْمَرْأَةِ نَظَرُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَمْ تَخْشَ فِتْنَةً كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْخَلْوَةِ كَمَا مَرَّ أَوْ عِنْدَ نَحْوِ مَحْرَمٍ إلَخْ) الْأَخْصَرُ فِي الْخَلْوَةِ وَمِثْلِهَا عِنْدَ نَحْوِ الْمَحَارِمِ مَا مَرَّ وَأَدْخَلَ بِالنَّحْوِ مِثْلَهَا وَالْمَمْسُوحَ وَمَمْلُوكَهَا عِبَارَةُ بَافَضْلٍ مَعَ شَرْحِهِ وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ عِنْدَ مِثْلِهَا وَمَمْلُوكِهَا الْعَفِيفِ إذَا كَانَتْ عَفِيفَةً أَيْضًا مِنْ الزِّنَا وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ الْمَمْسُوحِ لِلَّذِي لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الشَّهْوَةِ وَعِنْدَ مَحَارِمِهَا الذُّكُورِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَجُوزُ لِمَنْ ذَكَرَ النَّظَرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِشَرْطِ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى رِقًّا وَحُرِّيَّةً كَالْأُنْثَى) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى رِقًّا وَحُرِّيَّةً اهـ. (قَوْلُهُ عَوْرَةِ الذَّكَرِ إلَخْ) أَيْ وَالْخُنْثَى الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ عَوْرَةَ الْأُنْثَى أَوْسَعُ إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي آنِفًا إيضَاحُهُ.

(قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ كَوْنُهَا مَصْدَرِيَّةً) أَيْ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَنْعُ لَا الْمَانِعُ الَّذِي هُوَ السَّاتِرُ وَجَعْلُهُ شَرْطًا مِنْ حَيْثُ مَانِعِيَّتُهُ فِيهِ اسْتِدْرَاكٌ وَتَكْرَارٌ سم وَحَمَلَهَا النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَلَى الْمَوْصُوفَةِ فَقَالَا أَيْ جَزَمَ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ (مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ) أَيْ الْمُعْتَدِلِ الْبَصَرِ عَادَةً كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَذَا نَقَلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ م ر وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ كَذَا ضَبَطَهُ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ نَاشِرِيٌّ اهـ. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يُمْنَعُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ الْقُرْبِ لِلْمُصَلِّي جِدًّا لَأَدْرَكَ لَوْنَ بَشَرَتِهِ لَا يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ كَانَتْ تُرَى الْبَشَرَةُ بِوَاسِطَةِ شَمْسٍ أَوْ نَارٍ وَلَا تُرَى عِنْدَ عَدَمِهَا اهـ. ع ش وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرِمِيِّ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ حَجْمَهَا) أَيْ كَسَرَاوِيلَ ضِيقٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَخِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ السَّتْرِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ) أَقُولُ يَنْبَغِي تَعَيُّنُ ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ بَعْضَ الْعَوْرَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّوْبِ الرَّقِيقِ لِسَتْرِهِ بَعْضَ أَجْزَائِهِ أَمَّا الزُّجَاجُ أَيْ أَوْ الْمَاءُ الصَّافِي فَإِنْ حَصَلَ بِهِ سَتْرُ شَيْءٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ وَلَا الظُّلْمَةُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَشَرْطُهُ أَيْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ إيرَادُ أَصْبَاغٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى تَعْبِيرِهِمْ بِمَا يَسْتُرُ اللَّوْنُ سم

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَقَدْ يَقْتَضِي جَعْلُهُ كَالْأُنْثَى احْتِيَاطًا لِلْبُطْلَانِ أَيْضًا عِنْدَ طُرُوُّ الِانْكِشَافِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) الِاسْتِدْلَال بِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّهُ وَارِدٌ فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ كَوْنُهَا مَصْدَرِيَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَنْعُ لَا الْمَانِعُ الَّذِي هُوَ السَّاتِرُ وَجَعْلُهُ شَرْطًا مِنْ حَيْثُ مَانِعِيَّتُهُ فِيهِ اسْتِدْرَاكٌ وَتَكْرَارٌ (قَوْلُهُ إيرَادُ أَصْبَاغٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى تَعْبِيرِهِمْ بِمَا يَسْتُرُ اللَّوْنَ لَكِنَّ الِانْدِفَاعَ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ اللَّوْنَ يُسَمَّى سَاتِرًا عُرْفًا دُونَ مَنْ سَكَتَ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>