للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ فِي الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ مَعْذُورٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّهُ فِي بَعْضِهَا وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مُصَرَّحٌ بِإِجْرَاءِ التَّفْصِيلِ فِيهِ أَيْضًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا أَتَى بِهِ مِمَّا يَجْهَلُهُ أَكْثَرُ الْعَوَامّ فَيُعْذَرُ مُطْلَقًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّنَحْنُحِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَالثَّانِي عَلَى أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَعْرِفُهُ أَكْثَرُهُمْ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ إلَّا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ، بِالْإِسْلَامِ) لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ تَكَلَّمَ جَاهِلًا بِذَلِكَ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ عَالِمِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ أَصَالَةً بِخِلَافِ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَمْرُ الضَّرُورِيُّ لَا غَيْرُ فَيَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ وَإِنْ بَعُدَ وَلَا يَكُونُ نَحْوُ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ عُذْرًا لَهُ وَيُكَلَّفُ بَيْعَ نَحْوِ قِنِّهِ الَّذِي لَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَنْ نَشَأَ بَيْنَنَا ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يُعْذَرُ وَإِنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ دِينِنَا اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُخَالِطٍ قَضَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَهِلَ إبْطَالَ التَّنَحْنُحِ عُذِرَ فِي حَقِّ الْعَوَامّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا عُذِرُوا بِجَهْلِهِ لِخَفَائِهِ عَلَى غَالِبِهِمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَيْنًا إنَّمَا هُوَ تَعَلُّمُ الظَّوَاهِرِ لَا غَيْرُ (لَا كَثِيرَة) عُرْفًا فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ عُذِرَ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ وَهَيْئَتَهَا (وَ) يُعْذَرُ (فِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا مَرَّ مَعَهُ (لِلْغَلَبَةِ) عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية الشرواني]

لِتَعَلُّقِهِ بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ يَقْتَضِي إلَخْ) خَبَرٌ وَقَوْلُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ إلَخْ) أَيْ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَبُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَ (قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ) أَيْ جِنْسِهِ سم (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ الْجَاهِلَ بِتَحْرِيمِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْكَلَامِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ جِنْسِ الْكَلَامِ الْمُتَحَقِّقِ فِي غَيْرِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ وَهَذَا اعْتَمَدَهُ م ر وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَشَيْخُنَا كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ) أَيْ شَيْخَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَالْجَاهِلِ بِحُرْمَةِ جِنْسِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ عُذْرِ الْجَاهِلِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ إجْرَاءِ التَّفْصِيلِ فِي ذَلِكَ الْجَاهِلِ أَيْضًا قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَظْهَرُ نِهَايَةٌ قَالَ الْكُرْدِيُّ وَكَذَا فِي شُرُوحِ الشَّارِحِ عَلَى الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ وَأَقَرَّ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الْمُخَالِطَ لَنَا إذَا قَضَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُعْذَرُ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ نَشَأَ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ بَعُدَ إسْلَامُهُ وَقَرُبَ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُضْبَطَ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ أَيْ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً م ر اهـ عَلَى حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ عَلِمَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالسَّفَرِ أَمَّا مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ وَرَأَى أَهْلَهُ عَلَى حَالَةٍ يَظُنُّ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا مَا تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مَا تَعَلَّمَهُ غَيْرَ كَافٍ فَمَعْذُورٌ وَإِنْ تَرَكَ السَّفَرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يُؤَدِّي ضَبْطُهُ بِذَلِكَ إلَى تَفَاوُتِهِ بِتَفَاوُتِ الْأَشْخَاصِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِجَعْلِهِ أَيْ الْبُعْدِ صِفَةً لِلْبَادِيَةِ لَا بِمَنْ فِي الْبَادِيَةِ فَلَوْ ضُبِطَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَحَلٍّ يَكْثُرُ قَصْدُ أَهْلِهِ لِمَحَلِّ عَالِمِي ذَلِكَ لَكَانَ أَنْسَبَ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَنْ نَشَأَ بَيْنَنَا إلَخْ) وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مُغْنِي وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَشُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ لِلشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَجَهْلُ إبْطَالِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَإِلَى قَوْلِهِ نَظِيرٌ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ عُذِرَ (قَوْلُهُ وَجَهْلُ إبْطَالِ التَّنَحْنُحِ إلَخْ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ جِنْسِ الْكَلَامِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَعِبَارَةُ سم أَيْ مَعَ جَهْلِ تَحْرِيمِهِ كَذَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْعُبَابِ أَوْ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ التَّنَحْنُحِ دُونَ إبْطَالِهِ بَطَلَتْ اهـ وَأَقَرَّهُ الشَّارِحُ اهـ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّنَحْنُحِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ أَوْ حَرْفٍ وَمَدَّةٍ وَإِلَّا فَالصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ الْخَالِي عَنْ الْحَرْفِ لَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ عُذِرَ إلَخْ) أَيْ إنْ قَلَّ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ سم أَيْ وَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ ع ش وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْعَوَامّ) أَيْ لِخَفَاءِ حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عُرْفًا) إلَى قَوْلِهِ نَظِيرَ إلَخْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ عُذِرَ (قَوْلُهُ فَلَا يُعْذَرُ) ثَمَّ قَوْلُهُ وَإِنْ عُذِرَ لَعَلَّ الْأَوَّلَ مِنْ حَيْثُ الْإِبْطَالُ وَالثَّانِيَ مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ وَالْأَوْلَى بِكَوْنِهِ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ) أَيْ سَبْقِ اللِّسَانِ وَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ وَجَهْلِ التَّحْرِيمِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْعُذْرِ كَمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْعَمْدِ وَمَرْجِعُ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَى الْعُرْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ الْمَعْذُورِ) أَيْ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ أَيْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ، وَهَذَا اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُضْبَطَ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ لَا يَحْتَمِلُ عَادَةً م ر (قَوْلُهُ وَجَهِلَ إبْطَالَ التَّنَحْنُحِ) أَيْ مَعَ جَهْلِ تَحْرِيمِهِ كَذَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْعُبَابِ أَوْ عَالِمًا تَحْرِيمَ التَّنَحْنُحِ دُونَ إبْطَالِهِ بَطَلَتْ اهـ.

وَأَقَرَّهُ الشَّارِحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ الْإِبْطَالَ بَطَلَتْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ وَجَعَلَ الْإِبْطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ وَجَهِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>