أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ مَعَ وَصْلِهَا بِكُلِّ كَلِمَةٍ عَلَى حِيَالِهَا أَنَّهَا قُرْآنٌ لَمْ تُبْطِلْ
(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَحْوَ يَا يَحْيَى إلَخْ فِيمَا تَقَرَّرَ كَالْكِنَايَةِ فِي احْتِمَالِهِ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ مَعَهُ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ مَثَلًا لِجَمِيعِ اللَّفْظِ لَكِنْ إنَّمَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ إنْ قُلْنَا فِي الْكِنَايَةِ بِنَظِيرِهِ، أَمَّا إذَا قُلْنَا فِيهَا بِأَنَّهُ يَكْفِي قَرْنُهَا بِأَوَّلِهَا أَوْ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ هُنَا وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ بَعْضَ اللَّفْظِ ثَمَّ الْخَالِيَ عَنْ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي وُقُوعًا وَلَا عَدَمَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ فَاشْتُرِطَ مُقَارَنَةُ الْمَانِعِ لِجَمِيعِهِ حَتَّى لَا يَقَعَ الْإِبْطَالُ بِبَعْضِهِ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَبِهِ يَظْهَرُ اتِّجَاهُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْمَتْنِ هُنَا مَعَهُ وَحِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي الْكِنَايَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَغْفَلُوهُ مَعَ كَوْنِهِ مُهِمًّا أَيَّ مُهِمٍّ.
(وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ) الْجَائِزِ لِمَشْرُوعِيَّتِهِمْ افِيهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتَى بِهِمَا بِالْعَجَمِيَّةِ مَعَ إحْسَانِهِ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا مَعَ إحْسَانِهِ وَقَدْ اخْتَرَعَهُمَا أَوْ بِدُعَاءٍ مَنْظُومٍ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ مُحَرَّمٍ بَطَلَتْ وَلَيْسَ مِنْهُمَا قَالَ اللَّهُ كَذَا لِأَنَّهُ مَحْضُ إخْبَارٍ لَا ثَنَاءَ فِيهِ بِخِلَافِ صَدَقَ اللَّهُ وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ أَوْ قَالَ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْفَتَاوَى وَاعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ.
ــ
[حاشية الشرواني]
شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ قَصَدَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ الْمُصَلِّي قَافٌ أَوْ صَادٌ أَوْ نُونٌ وَقَصَدَ بِهِ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ بَطَلَتْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْفِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ هُوَ مُسَمَّى الْحَرْفِ لَا اسْمُهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَيَجْرِي مَا ذَكَر فِي كُلِّ مَا لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْقُرْآنِ بِنَفْسِهِ كَزَيْدٍ وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْقُرْآنَ سم (قَوْلُهُ فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَهُ الْمُصَلِّي لِنَحْوِ مَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ (قَوْلُهُ أَوْ أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا) وَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ مُقَارَنَةَ الْمَانِعِ) أَيْ عَنْ الْإِبْطَالِ وَذَلِكَ الْمَانِعُ هُوَ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ لِجَمِيعِهِ) وَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُقَارَنَةِ لِأَوَّلِهِ إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانَ بِالْجَمِيعِ سم عَلَى حَجّ وَهَذَا مِنْ الْعَالِمِ لِمَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الْجَاهِلَ يُعْذَرُ مُطْلَقًا ع ش (قَوْلُهُ بِبَعْضِهِ) أَيْ الْخَالِي سم (قَوْلُهُ وَهَذَا أَقْرَبُ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَقَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ بَعْدَ سَوْقِ عِبَارَتِهِ أَيْ النِّهَايَةِ قَدْ يُقَالُ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ الْحَرَجِ وَلَا دَلِيلَ فِيمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَقَصْدُ الْقِرَاءَةِ بِجَمِيعِ اللَّفْظِ وَلَوْ مَعَ أَوَّلِ اللَّفْظِ لَا يَتَّجِهُ فِيهِ الْبُطْلَانُ وَإِنْ عَزَبَ الْقَصْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِوُجُودِ الْقَصْدِ أَوَّلَ اللَّفْظِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْفَاضِلِ الْمُحَشِّي سم قَوْلُهُ وَهَذَا أَقْرَبُ لَا يَبْعُدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكْفِي الِاقْتِرَانُ بِأَوَّلِهِ إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانَ بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى اهـ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ ع ش أَقَرَّهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ أَغْفَلُوهُ) قَدْ يُقَالُ لَا إغْفَالَ مَعَ قَوْلِهِمْ مَعَهُ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ الْمَعِيَّةُ لِجَمِيعِ الْمَأْتِيِّ بِهِ سم وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا نَسَبَ الْإِغْفَالَ إلَى الْمُتَأَخِّرِينَ لَا الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ عَاصَرَهُمَا أَوْ سَبَقَهُمَا.
(قَوْلُهُ الْجَائِزِ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ بِدُعَاءٍ مَنْظُومٍ إلَى أَوْ مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ الْجَائِزِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَدْ اخْتَرَعَهُمَا) أَيْ لَمْ يَكُونَا مَأْثُورَيْنِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) الْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ سم عَلَى حَجّ وَبَصْرِيٍّ أَيْ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ الْمَكْرُوهَيْنِ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَكْرُوهِ حَيْثُ بَطَلَتْ بِهِ ثُمَّ ظَفِرْت لِلشَّيْخِ حَمْدَانَ فِي مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ بِفَرْقٍ بَيْنَهُمَا لَا يَظْهَرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ع ش أَقُولُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ حَمْدَانُ فَرَّقَ بِهَذَا فَهَذَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ (قَوْلُهُ أَوْ مُحَرَّمٍ) وَمِثْلُ الدُّعَاءِ الْمُحَرَّمِ الذِّكْرُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْتَمِلَ الذِّكْرُ عَلَى أَلْفَاظٍ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَهَا كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ قَالَ النَّبِيُّ كَذَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صَدَقَ اللَّهُ) وَمِثْلُهُ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ فِيهِ ثَنَاءً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصْدِ الثَّنَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ فَيَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ بَلْ قَدْ يَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ إذَا مَحَّضَ قَوْلَهُ فِي السُّجُودِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ إلَخْ لِلْإِخْبَارِ م ر اهـ سم قَالَ ع ش وَكَذَا لَا يَضُرُّ لَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ مَا يُنَاسِبُهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَ (قَوْلُهُ وَلَا دُعَاءً) أَيْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَا مَرَّ وَبَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هُنَا أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْفِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ بِهِ هُوَ مُسَمًّى الْحَرْفِ لَا اسْمُهُ اهـ. وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِي كُلِّ مَا لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْقُرْآنِ بِنَفْسِهِ كَزَيْدٍ وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا أَوْ مُوسَى وَعِيسَى إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْقُرْآنَ.
(قَوْلُهُ لِجَمِيعِهِ) وَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ لِأَوَّلِهِ (قَوْلُهُ بِبَعْضِهِ) أَيْ الْخَالِي وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَقْرَبُ وَأَفْقَهُ م ر لَا يَبْعُدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكْفِي الِاقْتِرَانُ بِأَوَّلِهِ إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانَ بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ أَغْفَلُوهُ) قَدْ يُقَالُ لَا إغْفَالَ مَعَ قَوْلِهِمْ مَعَهُ الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ الْمَعِيَّةُ لِجَمِيعِ الْمَأْتِيِّ بِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) الْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صَدَقَ اللَّهُ) وَمِثْلُهُ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ فِيهِ ثَنَاءً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُفَارِقُ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ الْآتِيَ بِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ ثُمَّ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ صَدَقَ اللَّهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصَدَ الثَّنَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ فَيَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ بَلْ قَدْ يَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ إذَا مَحَضَ قَوْلَهُ فِي السُّجُودِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ فَصَوَّرَهُ إلَخْ لِلْإِخْبَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا) إنْ كَانَتْ الْقَرِينَةُ هُنَا كَوْنَهُ بَعْدَ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ جَوَابٌ لَهُ تَصَوُّرُ نَظِيرِهِ