بَلْ وَلَا غَالِبٍ وَلَا يُقَالُ رَمْيُهَا فِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا لِأَنَّهَا تَعِيشُ بِالتُّرَابِ مَعَ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً كَدَفْنِهَا وَهِيَ الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ إيذَائِهَا لَوْ تُرِكَتْ بِلَا رَمْيٍ أَوْ بِلَا دَفْنٍ.
(وَسَهْوُ الْفِعْلِ) أَوْ الْجَهْلُ بِحُرْمَتِهِ وَإِنْ عُذِرَ بِهِ (كَعَمْدِهِ) وَعِلْمِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيُبْطِلُ مَعَ الْكَثْرَةِ أَوْ الْفُحْشِ لِنُدْرَتِهِ فِيهَا وَلِقَطْعِهِ النَّظْمَ بِخِلَافِ الْقَوْلِ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ بَيْنَ سَهْوِهِ وَعَمْدِهِ وَمَشْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ يَحْتَمِلُ التَّوَالِيَ وَعَدَمَهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ (وَتَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْأُكْلِ) أَيْ الْمَأْكُولِ أَيْ بِوُصُولِهِ لِلْجَوْفِ وَلَوْ مَعَ إكْرَاهٍ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ لَهَا مَعَ نُدْرَتِهِ أَمَّا الْمَضْغُ نَفْسُهُ فَلَا يُبْطِلُ قَلِيلُهُ كَبَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ
(تَنْبِيهٌ) مُقْتَضَى تَفْسِيرِ الْأُكْلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
(قُلْت إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا) لِلصَّلَاةِ (أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ) فِيهَا وَعُذِرَ بِمَا مَرَّ فَلَا يُبْطِلُ قَطْعًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِخِلَافِ كَثِيرِهِ عُرْفًا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يُبْطِلْ الصَّوْمَ لِأَنَّهُ لَا هَيْئَةَ تُذْكَرُ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا فَكَانَ التَّقْصِيرُ هُنَا أَتَمَّ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنْ يَسِيرَ الْمَأْكُولِ يَضُرُّ تَعَمُّدُهُ لَا نَحْوُ نِسْيَانِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِعْلٌ قَلِيلٌ أَوْ لَا (فَلَوْ كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ) فَذَابَتْ (فَبَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّازِمِ (ذَوْبَهَا) أَوْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ.
ــ
[حاشية الشرواني]
سم (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا غَالِبٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ إيذَاؤُهَا حَرُمَ إلْقَاؤُهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ خِلَافًا لِمَا صَمَّمَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا قَصَدَ إيذَاءَ الْغَيْرِ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ تَعَمُّدُ الْفِعْلِ الْمُؤْذِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُؤْذٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيذَاءَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي نَحْوِ الشَّارِعِ بِحَفْرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا حُرْمَةَ التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ سم (قَوْلُهُ وَهِيَ الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ إيذَائِهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الرَّمْيَ فِي الْمَسْجِدِ مَظِنَّةُ إيذَائِهَا مَنْ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ع ش.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَسَهْوُ الْفِعْلِ) أَيْ الْمُبْطِلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ الْجَهْلُ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَعَمْدِ قَلِيلِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِنُدْرَتِهِ) أَيْ السَّهْوِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَثِيرَ الْقَوْلِ مُبْطِلٌ مَعَ السَّهْوِ وَالْجَهْلِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَثِيرُ الْقَوْلِ الْمُبْطِلُ مُطْلَقًا غَيْرُ كَثِيرِ الْفِعْلِ الْمُبْطِلِ كَذَلِكَ سم (قَوْلُهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ) أَيْ وَالِاحْتِمَالُ يُبْطِلُهَا ع ش وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ يَعُودُ إلَيْهَا وَيَفْعَلُهُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ فَقَوْلُهُمْ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بِفِعْلٍ كَثِيرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ بَلْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يَتَأَتَّى بِدُونِ ذَلِكَ خُصُوصًا وَلَمْ يُقَيِّدُوا ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بِقُرْبِ بَابِ الْمَسْجِدِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ اهـ. عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي مَسْأَلَةِ تَيَقُّنِ تَرْكِ شَيْءٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَإِنْ مَشَى قَلِيلًا اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ فِيهَا قَوْلُهُ إنْ قَصُرَ زَمَنُهُ قَالَ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ انْتَهَى قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَيْ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ كَثِيرٍ مُتَوَالٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى اهـ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اغْتِفَارِ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِقَلِيلِ الْأُكْلِ) أَيْ عُرْفًا وَلَا يَتَقَيَّدُ بِنَحْوِ السِّمْسِمَةِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَصَلَ مُفْطِرٌ جَوْفَهُ كَبَاطِنِ أُذُنٍ وَإِنْ قَلَّ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْمَأْكُولِ) أَيْ وَالْمَشْرُوبِ وَلَوْ مِنْ الرِّيقِ الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ ذَوْبهَا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ بِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ بِقَلِيلِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ مُفَرَّقًا اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا هَيْئَةَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَصْلُحُ فَرْقًا لِلنَّاسِي دُونَ الْجَاهِلِ وَالْفَرْقُ الصَّالِحُ لِذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ ذَاتُ أَفْعَالٍ مَنْظُومَةٍ وَالْفِعْلُ الْكَثِيرُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ كَفٌّ مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَا نَحْوُ نِسْيَانِهِ) أَدْخَلَ بِالنَّحْوِ الْجَهْلَ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ اللَّازِمِ) وَحُكِيَ فَتْحُهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَبَلَعَ إلَخْ وَضَمِيرُ مَجُّهُ لِذَوْبِهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ فَقَصَّرَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَى رِيقُهُ بِبَاقِي الطَّعَامِ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَعَجْزُهُ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ إلَخْ أَيْ أَمَّا مُجَرَّدُ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ الْبَاقِي بَعْدَ شُرْبِ نَحْوِ الْقَهْوَةِ مِمَّا يُغَيِّرُ لَوْنَ رِيقِهِ أَوْ طَعْمِهِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اللَّوْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اكْتَسَبَهُ الرِّيقُ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ لِلْأَسْوَدِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرٍ وَقَوْلُهُ م ر وَلَمْ.
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إلَخْ) إلْقَاؤُهَا فِيهِ مَظِنَّةَ مَوْتِهَا م ر (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا غَالِبٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ إيذَاؤُهَا حَرُمَ إلْقَاؤُهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِمَا صَمَّمَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ قَصَدَ إيذَاءَ الْغَيْرِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ تَعَمُّدُ الْفِعْلِ الْمُؤْذِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُؤْذٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيذَاءَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي نَحْوِ الشَّارِعِ بِحَفْرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا حُرْمَةَ التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ وَفِي الْعُبَابِ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَيُبَاحُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهَا إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ، وَكَذَا الْوُضُوءُ اهـ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ وَإِلَّا حَرُمَ وَقَوْلُهُ، وَكَذَا الْوُضُوءُ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَمَّا مَعَ التَّأَذِّي بِهِ فَيَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ وَلَمْ يُقَيِّدْ أَحَدٌ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا بِقَصْدِ الْإِيذَاءِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ) فِيهِ أَنَّ كَثِيرَ الْقَوْلِ مُبْطِلٌ مَعَ السَّهْوِ وَالْجَهْلِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَثِيرُ الْقَوْلِ الْمُبْطِلُ مُطْلَقًا غَيْرُ كَثِيرِ الْفِعْلِ الْمُبْطِلِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ) يُفِيدُ أَنَّ كَثِيرَ الْمَأْكُولِ يُبْطِلُ؛ لِأَنَّهُ