للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي النَّمْلِ {الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦] وَقِيلَ {تُعْلِنُونَ} [النمل: ٢٥] وَانْتَصَرَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَرَدَّ قَوْلَ الْمَجْمُوعِ إنَّهُ بَاطِلٌ وَفِي ص {وَأَنَابَ} [ص: ٢٤] ، وَقِيلَ {مَآبٍ} [ص: ٢٥] وَفِي فُصِّلَتْ {يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] وَقِيلَ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧] وَفِي الِانْشِقَاقِ {يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: ٢١] ، وَقِيلَ آخِرُهَا.

(تَنْبِيهٌ) إنْ قِيلَ لَمْ اُخْتُصَّتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ بِالسُّجُودِ عِنْدَهَا مَعَ ذِكْرِ السُّجُودِ وَالْأَمْرِ بِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَآخِرِ الْحِجْرِ وَهَلْ أَتَى قُلْنَا لِأَنَّ تِلْكَ فِيهَا مَدْحُ السَّاجِدِينَ صَرِيحًا وَذَمُّ غَيْرِهِمْ تَلْوِيحًا أَوْ عَكْسُهُ فَشُرِعَ لَنَا السُّجُودُ حِينَئِذٍ لِغُنْمِ الْمَدْحِ تَارَةً وَالسَّلَامَةِ مِنْ الذَّمِّ أُخْرَى، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ نَحْوُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجَرَّدًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا دَخْلَ لَنَا فِيهِ فَلَمْ يُطْلَبْ مِنَّا سُجُودٌ عِنْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ سَبْرًا وَفَهْمًا يَتَّضِحْ لَك ذَلِكَ.

وَأَمَّا {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: ١١٣] فَهُوَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ فَضِيلَةٍ لِمَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ

(لَا) سَجْدَةُ (ص) وَقَدْ تُكْتَبُ ثَلَاثَةَ حُرُوفٍ إلَّا فِي الْمُصْحَفِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ حَدِيثِ عَمْرٍو (فَإِنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ) لِلَّهِ تَعَالَى لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا أَيْ عَلَى قَبُولِهِ تَوْبَةَ نَبِيِّهِ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ــ

[حاشية الشرواني]

هَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُلِّ مَحَلٍّ سَجْدَةٌ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ آتِيًا بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ وَالتَّقَرُّبُ بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ لَا يَجُوزُ بَلْ يَسْجُدُ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الْمَحَلِّ الثَّانِي وَيُجْزِئُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّهُ مَحَلُّهَا فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّ مَحَلَّهَا الْآيَةُ قَبْلَهَا فَقِرَاءَةُ آيَةٍ لَا تُطِيلُ الْفَصْلَ، وَالسُّجُودُ عَلَى قُرْبِ الْفَصْلِ مُجْزِئٌ سم عِبَارَةُ ع ش وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ السُّجُودِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَسُئِلَ السُّيُوطِيّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَفِي النَّمْلِ {الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦] إلَخْ) سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ الَّذِينَ عَدُّوا الْآيَ جَزَمُوا بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦] آيَةٌ وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} [فصلت: ٣٨] إلَى {يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] آيَةٌ فَهَلْ إذَا قَرَأَ كُلًّا مِنْ هَاتَيْنِ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ أَوْ لَا حَتَّى يَضُمَّ إلَيْهِمَا مَا قَبْلَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ {أَلا يَسْجُدُوا} [النمل: ٢٥] إلَى قَوْلِهِ {وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل: ٢٥] وَقَوْلُهُ {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ} [فصلت: ٣٧] إلَى قَوْلِهِ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧] فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ضَمِّ مَا قَبْلُ انْتَهَى. وَقَدْ يُسْتَغْرَبُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَأَوْرَدْتُهُ عَلَى م ر فَتَوَقَّفَ وَنَازَعَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) وَهُوَ الْمَدْحُ تَلْوِيحًا وَالذَّمُّ صَرِيحًا وَلَفْظَةُ أَوْ لِلتَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ فَضِيلَةٍ لِمَنْ آمَنَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَدْحٌ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَكَلَامُنَا فِي مَدْحٍ عَامٍّ وَلَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ {كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩] فَإِنَّهُ يُسْجَدُ لَهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأَمَّلْ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) أَيْ تَأَمَّلْ مَا عَدَاهَا وَ (قَوْلُهُ سَبْرًا) أَيْ إحَاطَةً لِلْجَمِيعِ وَ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ فَلَيْسَ إلَخْ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَا سَجْدَةُ ص) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْإِسْكَانِ وَبِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِينٍ وَبِهِ مَعَ التَّنْوِينِ وَ (قَوْلُهُ وَقَدْ تُكْتَبُ إلَخْ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا حَرْفًا وَاحِدًا وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُصْحَفِ) أَيْ فَيُكْتَبُ فِيهِ حَرْفًا وَاحِدًا ع ش وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ) فَلَوْ نَوَى بِهَا التِّلَاوَةَ لَمْ تَصِحَّ حَلَبِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ كَوْنُهَا لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ (قَوْلُهُ خِلَافُ حَدِيثِ عَمْرٍو) أَيْ الْمَارِّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا) أَيْ سُجُودُنَا يَقَعُ شُكْرًا فَلَا يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَتُهُ وَلَا الْعِلْمُ بِهِ قَلْيُوبِيٌّ وَاعْتَمَدَهُ الْحِفْنِيُّ بُجَيْرِمِيٌّ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ وَعَنْ ع ش مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَلْبِ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ نَبِيِّهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهَا كَسَجْدَةِ " حم " هَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُلِّ مَحَلِّ سَجْدَةٍ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ آتِيًا بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ، وَالتَّقَرُّبُ بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ لَا يَجُوزُ، بَلْ يَسْجُدُ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الْمَحَلِّ الثَّانِي وَيُجْزِئُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّهُ مَحَلُّهَا فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّ مَحَلَّهَا الْآيَةُ قَبْلَهَا فَقِرَاءَةُ آيَةٍ لَا تُطِيلُ الْفَصْلَ، وَالسُّجُودُ عَلَى قُرْبِ الْفَصْلِ مُجْزِئٌ اهـ أَقُولُ إذَا سَجَدَ عَقِبَ انْتِهَائِهِ لِلْمَحَلِّ الْأَوَّلِ صَحَّ السُّجُودُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْمَحَلِّ الثَّانِي فَلَوْ قَرَأَ بَعْدَ السُّجُودِ الْمَحَلَّ الثَّانِيَ وَأَرَادَ السُّجُودَ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ فَهَلْ يَصِحُّ السُّجُودُ وَلَا يُعَدُّ السُّجُودُ الْأَوَّلُ فَاصِلًا مَانِعًا، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ قِرَاءَتُهُ لِآيَاتِ السَّجَدَاتِ سَجَدَ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ قِرَاءَةِ الْأُولَى وَسَجْدَتِهَا وَظَاهِرُهُ، أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِسُجُودِ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ تَعَارَضَ السُّجُودُ، وَالتَّحِيَّةُ يَسْجُدُ وَلَا تَفُوتُ التَّحِيَّةُ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ ضَبْطُهُ بِمَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ مِنْ نَظَائِره اهـ وَسُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَمَّا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ السُّجُودُ إذَا قَرَأَ، أَوْ سَمِعَ الْآيَةَ كَامِلَةً فَإِنْ سَمِعَ، أَوْ قَرَأَ بَعْضَهَا لَمْ يُسَنَّ لَهُ وَقَدْ جَزَمَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ عَدَّدُوا الْآيَ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦] آيَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي حم {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} [فصلت: ٣٨] إلَى {يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] آيَةٌ فَهَلْ إذَا قَرَأَ كُلًّا مِنْ هَاتَيْنِ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ أَوَّلًا حَتَّى يَضُمَّ إلَيْهِمَا مَا قَبْلَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ {أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} [النمل: ٢٥] إلَى قَوْلِهِ {وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل: ٢٥] ، وَقَوْلُهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ} [فصلت: ٣٧] إلَى قَوْلِهِ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧] فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ضَمِّ مَا قَبْلُ اهـ وَقَدْ يُسْتَغْرَبُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَأَوْرَدْتُهُ عَلَى م ر فَتَوَقَّفَ نَازَعَ فِيهِ وَيَكَادُ يُصَرِّحُ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي آخِرِ آيَاتِهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَثَلًا الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ آخِرَ آيَةِ النَّمْلِ {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦] أَوْ {تُعْلِنُونَ} [النمل: ٢٥] لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا أَنَّ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦] لَيْسَ هُوَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَحْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ فِي آخِرِ آيَةِ السَّجْدَةِ، بَلْ فِي نَفْسِهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهَا سُجُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>