للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ سَجَدَ الْمُصَلِّي لِغَيْرِ سَجْدَةِ إمَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ حَرُمَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ، وَكَلَامُ التِّبْيَانِ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سُجُودٍ فِيهَا إلَّا لِسَبَبٍ كَمَا أَنَّ الْوَقْتَ الْمَكْرُوهَ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ إلَّا لِسَبَبٍ فَالْقِرَاءَةُ فِيهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ فَقَطْ كَتَعَاطِي السَّبَبِ بِاخْتِيَارِهِ فِيهِ لِيَفْعَلَ الصَّلَاةَ كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ بِقَصْدِ التَّحِيَّةِ فَقَطْ فَاعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ قِرَاءَةُ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] السَّجْدَةُ فِي أَوَّلِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ لِيَسْجُدَ مَرْدُودٌ كَمَا بَسَطَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا اتِّبَاعُ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَالسُّجُودُ لَهَا وَذَلِكَ غَيْرُ مَا مَرَّ مِنْ تَجْرِيدِ قَصْدِ السُّجُودِ فَقَطْ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُ فَقَطْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ عِبَادَةً لَا مَانِعَ مِنْهَا هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ فِيمَا مَرَّ فِي الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يَجُوزُ قَطْعُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ السُّجُودُ فِيهَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَحْرُمُ حَتَّى فِي النَّفْلِ كَمَا أَنَّهُ يُبْطِلُهُ وَخَرَجَ بِالسَّامِعِ غَيْرُهُ.

وَإِنْ عَلِمَ بِرُؤْيَةِ السُّجُودِ وَزَعَمَ دُخُولَهُ فِي {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: ٢١] يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قُرِئَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ سَمِعَهُ وَصَحَّ عَنْ جَمْعِ صَحَابَةٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ أَيْ سَمِعَ.

(فَإِنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ قِيَامِهَا أَوْ بَدَلِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ (سَجَدَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِدَلِيلِ إفْرَادِهِ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لِقِرَاءَتِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ حِينَئِذٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَخْ) أَيْ بِالسُّجُودِ لَا بِمُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ ع ش وَمُغْنِي عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ إلَخْ يَنْبَغِي حُصُولُ الْبُطْلَانِ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الْهَوِيِّ الْمُخْرِجِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ لِشُرُوعِهِ فِي الْمُبْطِلِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ زِيَادَةٌ يُبْطِلُ تَعَمُّدُهَا اهـ.

(قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ إلَخْ) (فَرْعٌ)

لَوْ قَصَدَ سَمَاعَ الْآيَةِ لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَقِرَاءَتِهَا لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ (فَرْعٌ)

لَوْ سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ قَرَأَ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَقَطْ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِمَّا يَخْفَى لَا يَبْعُدُ نَعَمْ سم (قَوْلُهُ وَتَعَمَّدَ) أَيْ السُّجُودَ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ فَالْقِرَاءَةُ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ (قَوْلُهُ كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ إلَخْ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَاعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) وَافَقَ م ر أَيْ وَالْخَطِيبُ الْبُلْقِينِيُّ (فَرْعٌ) لَوْ قَرَأَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: ١] فِي أَوَّلِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ سُنَّ لَهُ قِرَاءَةُ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] فِي الثَّانِيَةِ وَيَتَّجِهُ سَنُّ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ السُّجُودُ وَإِنْ قَرَأَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ بِخُصُوصِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ آيَةَ سَجْدَةٍ غَيْرَ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] بِقَصْدِ السُّجُودِ فَيَضُرُّ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ ل م ر اهـ سم أَيْ وَخِلَافًا لِمَا مَرَّ آنِفًا فِي رَدِّ اعْتِرَاضِ الْبُلْقِينِيِّ الْمُفِيدِ أَنَّهُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالسُّجُودِ فِيمَا إذَا قَرَأَ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَقَطْ مُطْلَقًا حَتَّى بِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] فِي أَوَّلِ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرْمَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ بَيْنَ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] وَغَيْرِهَا فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَثْنَى فِي النِّهَايَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ اهـ وَقَوْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَسَمِّ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُ إلَخْ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْجُدُ حِينَئِذٍ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ انْتَهَى وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ عَدَمُ صِحَّةِ السُّجُودِ وَقَدْ يُفَرَّقُ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَإِذَا قَرَأَهَا فِي غَيْرِ هَذَيْنِ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَقَطْ يَسْجُدُ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ التُّحْفَةِ وَظَاهِرُ الْإِمْدَادِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَفِي الْإِيعَابِ لَا يُسَنُّ السُّجُودُ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ كَهِيَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَسْنَى وَأَقَرَّهُ الزِّيَادِيُّ وَالْحَلَبِيُّ وَقَالَ الْعَنَانِيُّ وَافَقَهُ م ر اهـ أَقُولُ وَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ التَّأْثِيرِ قَوْلُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ فِيهِمَا سَجْدَةٌ لِيَسْجُدَ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا عِنْدَنَا وَفِي كَرَاهَتِهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ، وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُكْرَهْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَمْ يُكْرَهْ أَيْ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ السُّجُودُ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ كَمَا أَنَّهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَزَعَمَ إلَخْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ إلَخْ) لَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِيمَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ عَنْ جَمْعِ صَحَابَةٍ) بِالْإِضَافَةِ وَيَجُوزُ التَّوْصِيفُ.

(قَوْلُهُ أَيْ قِيَامِهَا) إلَى قَوْلِهِ وَجُوِّزَ فِي الْمُغْنِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَإِنْ ضَمَّ لِقَصْدِ الشُّكْرِ قَصْدَ التِّلَاوَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مُجَرَّدَ قَصْدِ التِّلَاوَةِ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلسُّجُودِ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُمَا هُنَاكَ وَأَثَّرَ هُنَا (فَرْعٌ) لَوْ قَصَدَ سَمَاعَ الْآيَةِ لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَقِرَاءَتِهَا لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ (فَرْعٌ) سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ مَعَ السَّلَامِ أَنَّ الْإِمَامَ قَرَأَ بِقَصْدِ السُّجُودِ حَيْثُ يُبْطِلُ ذَلِكَ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِمَّا يَخْفَى لَا يَبْعُدُ نَعَمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ) يَنْبَغِي حُصُولُ الْبُطْلَانِ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الْهُوِيِّ بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ الْمُجْزِئِ لِشُرُوعِهِ فِي الْمُبْطِلِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ زِيَادَةٌ يُبْطِلُ تَعَمُّدُهَا (قَوْلُهُ: كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ كَمَا صَوَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ فَاعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) وَافَقَ م ر الْبُلْقِينِيَّ وَاسْتَثْنَى مَا لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى {هَلْ أَتَى} [الإنسان: ١] فَإِنَّهُ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] لَكِنْ لَوْ قَرَأَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْجُدَ فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ، وَفِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي مَرَّةٍ وَافَقَ عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، ثُمَّ تَكَرَّرَ مِنْهُ هَذِهِ الْمُوَافَقَةُ وَزِدْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ قِرَاءَتُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِكَوْنِهِ هُوَ، أَوْ إمَامِهِ قَدْ قَرَأَهَا فِي الْأُولَى، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ أَبْطَلَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فِي الثَّانِيَةِ (فَرْعٌ)

لَوْ قَرَأَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: ١] فِي أَوَّلِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ سُنَّ لَهُ قِرَاءَةُ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] فِي الثَّانِيَةِ وَيَتَّجِهُ سَنُّ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ السُّجُودُ وَإِنْ قَرَأَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ بِخُصُوصِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ آيَةَ سَجْدَةٍ غَيْرَ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] بِقَصْدِ السُّجُودِ فَيَضُرُّ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لَ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُ فَقَطْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ إلَخْ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْجُدُ حِينَئِذٍ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>