للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» أَيْ بِفَتْحِ الْمِيمِ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي أَخْفَافِهَا (تَنْبِيهٌ) مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الثَّمَانِ أَفْضَلُ مِنْ الثِّنْتَيْ عَشْرَةَ لَا يُنَافِي قَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّمَا كَثُرَ وَشَقَّ كَانَ أَفْضَلَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِك وَفِي رِوَايَةٍ نَفَقَتُكِ» ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ يَفْضُلُ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ فِي صُوَرٍ، كَالْقَصْرِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ بِشَرْطِهِ، وَكَالْوِتْرِ بِثَلَاثٍ أَفْضَلُ مِنْهُ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ، وَكَالصَّلَاةِ مَرَّةً فِي جَمَاعَةٍ أَفْضَلَ مِنْهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَحْدَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ الصَّلَاةِ مَعَ الِانْفِرَادِ لِغَيْرِ وُقُوعِ خَلَلٍ فِي صِحَّتِهَا لَا تَجُوزُ فَلَا تَنْعَقِدُ كَمَا يَأْتِي، وَكَرَكْعَةِ الْوِتْرِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَتَهَجُّدِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَثُرَ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ انْسِحَابُ حُكْمِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَهَا أَيْ كَوْنُهَا تَصِيرُ وَظَائِفَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وِتْرًا «وَاَللَّهُ تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» .

وَتَخْفِيفُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِهِمَا بِغَيْرِ الْوَارِدِ، وَرَكْعَتَيْ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ الْكُسُوفِ بِكَيْفِيَّتِهِمَا الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ لِتَوْقِيتِهِ أَشْبَهَ الْفَرْضَ مَعَ شَرَفِ وَقْتِهِ، وَكَوَصْلِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَفْضَلُ مِنْ فَصْلِهِمَا وَبَقِيَتْ صُوَرٌ أُخْرَى وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا يَرِدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا لَمْ تَحْصُلْ الْأَفْضَلِيَّةُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ أَشَقِيَّتِهَا بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى اقْتَرَنَتْ بِهَا كَالِاتِّبَاعِ الَّذِي يَرْبُوا ثَوَابُهُ عَلَى ثَوَابِ الْكَثْرَةِ وَالْمَشَقَّةِ فَتَأَمَّلْهُ لِتَعْلَمَ مَا فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ قَدْ يَرَى مِنْ الْمَصَالِحِ الْمُحْتَفَّةِ بِالْقَلِيلِ مَا يُفَضِّلُهُ عَلَى الْكَثِيرِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتِكْثَارُ قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ اسْتِكْثَارِ عَدَدِهَا، وَالْعِتْقُ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ طِيبُ اللَّحْمِ وَهُنَا تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ وَلَا يُنَافِيهِ حَدِيثُ «خَيْرُ الرِّقَابِ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا» لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ بَلْ تَعَيُّنُهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَاعِدَةُ أَنَّ الْعَمَلَ الْمُتَعَدِّيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرِ فَهِيَ أَغْلَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْقَاصِرَ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ كَالْإِيمَانِ أَفْضَلُ مِنْ نَحْوِ الْجِهَادِ.

وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْإِحْيَاءِ أَنَّ فَضْلَ الطَّاعَاتِ عَلَى قَدْرِ الْمَصَالِحِ النَّاشِئَةِ عَنْهَا كَتَصَدُّقِ بَخِيلٍ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِهِ لَيْلَةً وَصَوْمِهِ أَيَّامًا

(وَ) مِنْهُ (تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) الْخَالِصِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَفِي الثَّانِي الضُّحَى وَفِي الثَّالِثِ الظُّهْرُ وَفِي الرَّابِعِ الْعَصْرُ ع ش وَلَعَلَّ الْأَنْسَبَ الْبَدْءُ بِالضُّحَى، وَالْخَتْمُ بِالْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: صَلَاةِ الْأَوَّابِينَ) أَيْ صَلَاةِ الضُّحَى ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ بِفَتْحِ الْمِيمِ) فِيهِ قَلْبُ مَكَان وَحَقُّ لَفْظَةِ أَيْ أَنْ تُكْتَبَ قُبَيْلَ تَبَرُّكٍ كَمَا فِي غَيْرِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) عِلَّةُ الْقَاعِدَةِ وَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ) عِلَّةُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ كَوْنُ الْمَسَافَةِ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ) مِمَّا يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ السَّابِقُ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ضَمِيرَ مِنْهَا فِي كَلَامِهِ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ جِنْسُهَا لَا شَخْصُهَا فَالْمَعْنَى أَنَّ الظُّهْرَ مَثَلًا فِي يَوْمٍ مَرَّةً جَمَاعَةً أَفْضَلُ مِنْهَا فِي أَيَّامٍ أُخَرَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَثُرَ) أَيْ التَّهَجُّدُ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ ابْنُ الرِّفْعَةِ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَوْنُهَا تَصِيرُ وَظَائِفَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وِتْرًا) أَيْ مَخْتُومَةً بِالْوِتْرِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي سم (قَوْلُهُ: بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى) أَطَالَ الْبَصْرِيُّ فِي اسْتِشْكَالِهِ وَكَتَبَ سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةٍ إلَخْ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ بَلْ يُحَقِّقُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ خُرُوجُ بَعْضِ الصُّوَرِ عَنْهَا، وَقَدْ تَحَقَّقَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَفْضَلِيَّةُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ الْأُخْرَى. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَصْرِيحُهُمْ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّ الْعَمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا يَفْضُلُهُ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِمَا، وَالْبَارِزُ لِلْقَلِيلِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الضَّابِطِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَابْنِ الْعِمَادِ هَذِهِ الْإِضَافَةُ غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ إذْ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَحِيَّةٌ لِرَبِّ الْمَسْجِدِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا لِلْبُقْعَةِ فَلَوْ قَصَدَ سُنَّةَ الْبُقْعَةِ لَمْ تَصِحَّ إلَخْ شَوْبَرِيٌّ قَالَ فِي الْإِيعَابِ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ بُقْعَةٌ لَا تُقْصَدُ بِالْعِبَادَةِ شَرْعًا، وَإِنَّمَا تُقْصَدُ لِإِيقَاعِ الْعِبَادَةِ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ وَبُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) شَمَلَ ذَلِكَ الْمَسَاجِدَ الْمُتَلَاصِقَةَ وَاَلَّذِي بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ الرِّبَاطُ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ عَلَى صُورَةِ الْمَسْجِدِ وَأَذِنَ بَانِيهِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ نِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ م ر وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ إلَخْ أَيْ، وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَبِنْ فِي أَرْضِهِ نَحْوَ دَكَّةٍ أَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا، فَإِنَّهُ تَصِحُّ فِيهِ التَّحِيَّةُ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش وَمِثْلُهَا أَيْ الْأَرْضُ الْمُسْتَأْجَرَةُ الْمُحْتَكَرَةُ، وَالْأَرْضُ الَّتِي لَا تَجُوزُ عِمَارَتُهَا كَالَّتِي بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ أَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَمِنْهُ الْبَلَاطُ وَنَحْوُهُ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ مَسْجِدًا حَيْثُ اسْتَحَقَّ إثْبَاتَهُ فِيهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِمَنَافِعَ تَشْمَلُ الْبِنَاءَ وَنَحْوَهُ وَتَصِحُّ التَّحِيَّةُ فِيهِ. اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِيءُ مَا ذُكِرَ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْضًا (قَوْلُهُ الْخَالِصِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَلِشَرْحِ الْعُبَابِ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ الْخَالِصِ أَخْرَجَ الْمُشَاعَ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ) مِمَّا يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ السَّابِقُ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ كَوْنُهَا تَصِيرُ وَظَائِفَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وِتْرًا) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ وَظَائِفَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهَا مُجَرَّدُ الْفَرَائِضِ أَوْ مَجْمُوعُ الْفَرَائِضِ وَرَوَاتِبُهَا وِتْرٌ فِي نَفْسِهَا بِدُونِ انْضِمَامِ رَكْعَةِ الْوِتْرِ إلَيْهَا بَلْ انْضِمَامُ رَكْعَةِ الْوِتْرِ إلَيْهَا يُصَيِّرُهَا شَفْعًا فَاخْتَبِرْ ذَلِكَ يَظْهَرُ لَك (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى) هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ بَلْ يُحَقِّقُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ خُرُوجُ بَعْضِ الصُّوَرِ عَنْهَا وَقَدْ تَحَقَّقَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَفْضَلِيَّةُ فِيهَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ الْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) لَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ تَمَامِ التَّحِيَّةِ كَأَنْ أَحْرَمَ بِالتَّحِيَّةِ فِي سَفِينَةٍ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ السَّفِينَةُ قَبْلَ تَمَامِهَا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ أَخْرَجَ السَّفِينَةَ بِاخْتِيَارِهِ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا الْمَسْجِدِيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا فِي جَمِيعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ بِأَنْ خَرَجَتْ السَّفِينَةُ قَهْرًا عَلَيْهِ انْقَلَبَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: الْخَالِصُ) أَخْرَجَ الْمُشَاعَ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَرَّ فِي الْغُسْلِ أَنَّ مَا وُقِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>