(أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) بِأَنْ يَنْوِيَهُمَا ابْتِدَاءً أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا فِيمَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ لَكِنْ فِي هَذِهِ تَرَدُّدٌ إذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بَقَاؤُهُ عَلَى مَنْوِيِّهِ أَوْلَى وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «، وَالنَّهَارِ» .
(وَيُسَنُّ التَّهَجُّدُ) إجْمَاعًا وَهُوَ التَّنَفُّلُ لَيْلًا بَعْدَ نَوْمٍ، مِنْ هَجَدَ سَهِرَ أَوْ نَامَ وَتَهَجَّدَ أَزَالَ النَّوْمَ بِتَكَلُّفٍ كَأَثِمَ وَتَأَثَّمَ أَيْ تَحَفَّظَ عَنْ الْإِثْمِ وَيُسَنُّ لِلْمُتَهَجِّدِ نَوْمُ الْقَيْلُولَةِ وَهُوَ قُبَيْلَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ كَالسُّحُورِ لِلصَّائِمِ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
(وَيُكْرَهُ قِيَامُ) أَيْ سَهَرُ (كُلِّ اللَّيْلِ) وَلَوْ فِي عِبَادَةٍ (دَائِمًا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْحَدِيثُ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ قِيَامٌ مُضِرٌّ وَلَوْ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ وَبَحَثَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَدَمَ كَرَاهَتِهِ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الضَّرَرِ أَصْلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حُسْنٌ بَالِغٌ كَيْفَ وَقَدْ عُدَّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِ أَئِمَّةٍ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ أُولَئِكَ مُجْتَهِدُونَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَسْعَفَهُمْ الزَّمَانُ وَالْإِخْوَانُ وَهَذَا مَفْقُودٌ الْيَوْمَ فَلَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا لِغَلَبَةِ الضَّرَرِ أَوْ الْفِتْنَةِ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِكُلٍّ إلَى آخِرِهِ قِيَامُ لَيَالٍ كَامِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْعُشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ صَوْمُ الدَّهْرِ بِقَيْدِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي فِي اللَّيْلِ مَا فَاتَهُ وَهُنَا لَا يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ لِتَعَطُّلِ ضَرُورِيَّاتِهِ الدِّينِيَّةِ، وَالدُّنْيَوِيَّةِ
(وَ) يُكْرَهُ (تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ)
ــ
[حاشية الشرواني]
فِي عِبَادَةٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إلَى وَمِنْ ثَمَّ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ أَمَّا التَّنَفُّلُ بِالْأَوْتَارِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ وَلَا مَكْرُوهٍ كَمَا مَرَّ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا الِاقْتِصَارِ إلَى نِيَّةٍ سم (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ الثَّالِثَةِ وَ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش وَقَدْ يُشِيرُ إلَى اعْتِمَادِهِ اقْتِصَارُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي عَلَى الصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ «صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. اهـ. .
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ التَّهَجُّدُ) ذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ الْمُتَهَجِّدَ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَرُوِيَ أَنَّ الْجُنَيْدَ رُئِيَ فِي النَّوْمِ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك فَقَالَ طَاحَتْ تِلْكَ الْإِشَارَاتُ وَغَابَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ وَفَنِيَتْ تِلْكَ الْعُلُومُ وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُومُ وَمَا نَفَعَنَا إلَّا رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا عَنْ السَّحَرِ مُغْنِي وع ش زَادَ شَيْخُنَا، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَمْ نَجِدْ لَهَا ثَوَابًا لِاقْتِرَانِهَا بِرِيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَّا الرُّكَيْعَاتُ الْمَذْكُورَةُ لِلْإِخْلَاصِ فِيهَا، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حَثًّا عَلَى التَّهَجُّدِ وَبَيَانًا لِشَرَفِهِ وَإِلَّا فَيَبْعُدُ عَلَى مِثْلِهِ اقْتِرَانُ عَمَلِهِ بِرِيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ مَعَ كَوْنِهِ سَيِّدَ الصُّوفِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَفُّلُ) وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ إخْرَاجُ فِعْلِ الْفَرَائِضِ بِأَنْ قَضَى فَوَائِتَ سم عَلَى حَجّ وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ م ر أَنَّ النَّفَلَ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ. عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَهُوَ التَّهَجُّدُ لُغَةً دَفْعُ النَّوْمِ بِالتَّكَلُّفِ، وَاصْطِلَاحًا صَلَاةٌ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَوْ مَجْمُوعَةً مَعَ الْمَغْرِبِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَبَعْدَ نَوْمٍ وَلَوْ كَانَ النَّوْمُ قَبْلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ نَفْلًا رَاتِبًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ، وَالْوِتْرُ أَوْ فَرْضًا قَضَاءً أَوْ نَذْرًا فَتَقْيِيدُهُ بِالنَّفْلِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ.
اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَوْمٍ) أَيْ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْإِمَامِ شِهَابِ الدِّينِ، وَإِنْ كَانَ النَّوْمُ قَبْلَ فِعْلِهَا بِأَنْ نَامَ ثُمَّ فَعَلَ الْعِشَاءَ وَتَنَفَّلَ بَعْدَ فِعْلِهَا، وَهَلْ يَكْفِي النَّوْمُ عَقِبَ الْغُرُوبِ يَسِيرًا أَوْ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ سم عَلَى حَجّ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ النَّوْمِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِهَا وَيُوَافِقُهُ مَا نُقِلَ عَنْ حَاشِيَةِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَيْ النَّوْمُ وَقْتَ نَوْمٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَلْيُرَاجَعْ ع ش وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ عَدَمِ التَّقَيُّدِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَوْمُ الْقَيْلُولَةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قُبَيْلَ الزَّوَالِ) أَيْ النَّوْمُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ الرَّاحَةُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ وَلَوْ بِلَا نَوْمٍ شَيْخُنَا قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ قَدْرَهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ فِيمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى التَّهَجُّدِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ كَمَا يَأْتِي وَاعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ أَمَّا مِنْ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ مَشَقَّةً اُسْتُحِبَّ لَهُ لَا سِيَّمَا الْمُتَلَذِّذُ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ وَجَدَهَا نُظِرَ إنْ خَشِيَ مِنْهَا مَحْذُورًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ الْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ الْمُحِبُّ أَمْيَلُ وَلَا بُعْدَ فِي تَخْصِيصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُسْنٌ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ كَلَامٌ حَسَنٌ يُعَضِّدُهُ مَا اشْتَهَرَ عَنْ خَلَائِقَ مِنْ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. اهـ. كُرْدِيٌّ عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَسْعَفَهُمْ) أَيْ أَعَانَهُمْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ تَقْيِيدِهِ ذَلِكَ بِمَنْ يَضُرُّهُ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَالَ إنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ مَشَقَّةً اُسْتُحِبَّ لَا سِيَّمَا الْمُتَلَذِّذُ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ وَجَدَهَا نُظِرَ إنْ خَشِيَ عَنْهَا مَحْذُورًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا وَرِفْقُهُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قِيَامُ لَيَالٍ كَامِلَةٍ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَضُرَّ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ شَامِلٌ لَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) أَيْ فَيُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْآتِي) وَهُوَ عَدَمُ الضَّرَرِ وَعَدَمُ فَوْتِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: مَا فَاتَهُ) أَيْ مِنْ أَكْلِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوْسَطِ
(قَوْلُهُ: أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا الِاقْتِصَارِ إلَى نِيَّةٍ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَفُّلُ) ظَاهِرُهُ إخْرَاجُ فِعْلِ الْفَرَائِضِ بِأَنْ قَضَى فَائِتًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَوْمٍ) أَيْ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْإِمَامِ شِهَابِ الدِّينِ، وَإِنْ كَانَ النَّوْمُ قَبْلَ فِعْلِهَا بِأَنْ نَامَ ثُمَّ فَعَلَ الْعِشَاءَ وَتَنَفَّلَ بَعْدَ فِعْلِهَا وَهَلْ يَكْفِي النَّوْمُ عَقِبَ الْغُرُوبِ يَسِيرٌ أَوْ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: -