وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَفَّفَ لِبُكَاءِ الصَّبِيِّ وَشَدَّدَ النَّكِيرَ عَلَى مُعَاذٍ فِي تَطْوِيلِهِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ» وَبِأَنَّ مَفْسَدَةَ تَنْفِيرِ غَيْرِ الرَّاضِي لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قِصَّتَيْ بُكَاءِ الصَّبِيِّ وَمُعَاذٍ لَا كَثْرَةَ فِيهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ.
(وَيُكْرَهُ) لِلْإِمَامِ (التَّطْوِيلُ) ، وَإِنْ كَانَ (لِيَلْحَقَ) هـ (آخَرُونَ) لِإِضْرَارِهِ بِالْحَاضِرِينَ مَعَ تَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِعَدَمِ الْمُبَادَرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ بِمَحَلٍّ عَادَتُهُمْ يَأْتُونَهُ أَفْوَاجًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِي أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ الْأُولَى لِيُدْرِكَهَا النَّاسُ» قِيلَ فَلْتُسْتَثْنَ الْأُولَى مِنْ إطْلَاقِهِمْ مَا لَمْ يُبَالِغْ فِي تَطْوِيلِهَا. اهـ. وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ نَدْبُ تَطْوِيلِهَا عَلَى الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَا بِهَذَا الْقَصْدِ بَلْ لِكَوْنِ النَّشَاطِ فِيهَا أَكْثَرَ وَالْوَسْوَسَةِ أَقَلَّ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ مِنْ حِكْمَةِ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ أَنْ يُدْرِكَهَا قَاصِدُ الْجَمَاعَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: «وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ» ) أَيْ عَنْ نَحْوِ الْمَرَّةِ وَالْأَكْثَرِ سم (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ مَفْسَدَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُوَافِقُ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يُقَالَ وَبِأَنَّ مَصْلَحَةَ الرَّاضِي لَا تُسَاوِي مَفْسَدَةَ تَنْفِيرِ غَيْرِ الرَّاضِي سم (قَوْلُهُ: مَصْلَحَتَهُ) أَيْ مَصْلَحَةَ الرَّاضِي سم وَرَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَخْتَصُّ بِقَصْدِ لُحُوقِ الْآخَرِينَ بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا أَيْ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمَحْصُورُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ نَعَمْ التَّطْوِيلُ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَكْرُوهٌ وَإِنْ رَضِيَ الْحَاضِرُونَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَبَقِيَ مَا لَوْ طَوَّلَ لَا لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ بَلْ لِلُحُوقِ الْآخَرِينَ وَإِعَانَتِهِمْ عَلَى إدْرَاكِ الِاقْتِدَاءِ وَصَرِيحُ الْمَتْنِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ وَسَيَأْتِي كَرَاهَةُ انْتِظَارِ غَيْرِ الدَّاخِلِ وَلَوْ فِيهِمَا نَعَمْ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ الْكَرَاهَةَ هُنَا بِإِضْرَارِ الْحَاضِرِينَ مَعَ تَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ إذَا رَضِيَ الْحَاضِرُونَ الْمَحْصُورُونَ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ سم أَقُولُ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْمُغْنِي بِقَوْلِهِ لِلْإِضْرَارِ بِالْحَاضِرِينَ وَلِتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلِأَنَّ فِي عَدَمِ انْتِظَارِهِمْ حَثًّا لَهُمْ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إلَى فَضِيلَةِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا حَيْثُ جَعَلَ كُلًّا مِنْ التَّقْصِيرِ وَالْحَثِّ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً (قَوْلُهُ: لِإِضْرَارِهِ) إلَى قَوْلِهِ. اهـ. فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَصْرِيحِهِمْ بِاسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا. اهـ.
وَأَجَابَ النِّهَايَةُ بِهَذَا الْجَوَابِ أَيْضًا لَكِنْ بَعْدَ إجَابَتِهِ بِالْجَوَابِ الْآتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ قِيلَ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَتَبِعَهُمَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: «وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ» ) أَيْ عَنْ نَحْوِ الْمَرَّةِ وَالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَفْسَدَةَ تَنْفِيرِ غَيْرِ الرَّاضِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُوَافِقُ لِلْمَطْلُوبِ عَكْسُ هَذَا الْكَلَامِ بِأَنْ يُقَالَ وَبِأَنَّ مَصْلَحَةَ الرَّاضِي لَا تُسَاوِي مَفْسَدَةَ تَنْفِيرِ غَيْرِ الرَّاضِي فَتَأَمَّلْهُ تَعْرِفْهُ (قَوْلُهُ: لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ) أَيْ مَصْلَحَةَ الرَّاضِي شَارِحٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَخْتَصُّ بِقَصْدِ لُحُوقِ الْآخَرِينَ بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا إلَّا إنْ رَضِيَ الْمَحْصُورُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ نَعَمْ التَّطْوِيلُ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ بِمَنْ يَلْحَقُهُ مَكْرُوهٌ وَإِنْ رَضِيَ الْحَاضِرُونَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَالتَّطْوِيلُ لَا بِقَصْدِ التَّكْثِيرِ مَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَحْصُورُونَ فَيُنْدَبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَبِقَصْدِهِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ طَوَّلَ لِلُحُوقِ الْآخَرِينَ لَا لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ بَلْ لِإِعَانَتِهِمْ عَلَى إدْرَاكِ الِاقْتِدَاءِ وَصَرِيحُ الْمَتْنِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ وَسَيَأْتِي كَرَاهَةُ انْتِظَارِ غَيْرِ الدَّاخِلِ وَلَوْ فِيهِمَا نَعَمْ عَلَّلَ الشَّارِحِ الْكَرَاهَةَ هُنَا بِقَوْلِهِ لِإِضْرَارِ الْحَاضِرِينَ مَعَ تَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَضِيَّتُهُ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ إذَا رَضِيَ الْحَاضِرُونَ الْمَحْصُورُونَ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِيَلْحَقَ آخَرُونَ) يَشْمَلُ التَّطْوِيلَ لَا لِيَلْحَقَ آخَرُونَ وَلَا بِقَصْدِ تَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ مَعَ رِضَا الْمَحْصُورِينَ مَعَ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ بَلْ وَمَعَ اسْتِحْبَابِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ مَحْصُورُونَ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ فَيُنْدَبُ لَهُ التَّطْوِيلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: قِيلَ فَلْتُسْتَثْنَ الْأُولَى مِنْ إطْلَاقِهِمْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَتَبِعَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَفِيمَا أَطْلَقُوهُ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ إطَالَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا قَاصِدُ الْجَمَاعَةِ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ فِي الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ» فَالْمُخْتَارُ دَلِيلًا عَدَمِ الْكَرَاهَةِ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا انْتَهَى.
وَفِي قَوْلِهِ فَالْأُولَى إلَخْ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَأَذْكُرُهُ إلَى أَنْ قَالَ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ لِي رَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِكَوْنِ قَاصِدِ الْجَمَاعَةِ يُدْرِكُهَا قَصَدَ الْإِمَامُ بِتَطْوِيلِهِ ذَلِكَ فَقَصْدُهُ لَهُ مَكْرُوهٌ فِي الْأُولَى وَغَيْرِهَا، وَإِنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَا الْمَأْمُومِينَ بِالتَّطْوِيلِ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهِمْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ كَمَا عَلِمْته عَنْ الْمَجْمُوعِ.
فَالْوَجْهُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ كَرَاهَةِ التَّطْوِيلِ بِهَذَا الْقَصْدِ سَوَاءٌ أَزَادَ بِهِ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ رَضُوا بِهِ أَمْ لَا.
وَسَوَاءٌ قُلْنَا يُطَوِّلُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَيُنْدَبُ لَهُ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ وَقَسِيمَاهُ أَمْ لَا ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمَجْمُوعِ عَلَّلَ كَرَاهَةَ انْتِظَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ بِالتَّأْخِيرِ وَبِأَنَّ فِي عَدَمِهِ حَثًّا لَهُمْ عَلَى مُسَارَعَةِ إدْرَاكِ التَّحَرُّمِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّطْوِيلَ لَا بِقَصْدِ تَكْثِيرٍ أَيْ لِلْجَمَاعَةِ وَلَا انْتِظَارٍ أَيْ لِذِي