للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفِسْقِ وَالْبِدْعَةِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ حِرْمَانُ الْفَضِيلَةِ مَوْجُودَةٌ فِي الْكُلِّ إذْ كُلٌّ مَكْرُوهٌ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ يَمْنَعُ فَضْلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً صُورَةً يَسْقُطُ بِهَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ بَلْ وَيُكْتَفَى بِهَا فِي الْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهَا، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا تَرَدَّدَ فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا وَلَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ لَمْ يَأْذَنْ لَا يُصَلِّي مَعَهُ مُطْلَقًا لِكَرَاهَةِ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامِهِ وَإِلَّا صَلَّى مَعَهُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّ مَحَلَّ سَنِّ الْإِعَادَةِ مَعَ جَمَاعَةٍ إذَا كَانُوا بِغَيْرِ مَسْجِدٍ تُكْرَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ ثَانِيًا وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا رَجَّحْته وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهَا وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تُسَنُّ إذَا كَانَ الِانْفِرَادُ أَفْضَلَ وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا نَحْوُ الْعُرَاةِ.

فَإِنْ سُنَّتْ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَحَلَّ سَنِّهَا مَا لَمْ يُعَارِضْهَا مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا وَإِلَّا فَقَدْ تَحْرُمُ وَقَدْ تُكْرَهُ وَقَدْ تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى. اهـ. وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ الِانْعِقَادِ لِمَنْ لَمْ تُشْرَعْ لَهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَمُقَابِلَهَا هُنَا لِمَعْنًى خَارِجٍ فَلَا يُنَافِي مَشْرُوعِيَّةَ الْجَمَاعَةِ وَفَضْلَهَا.

(تَنْبِيهٌ) وَقَعَ فِي شَرْحِي لِلْإِرْشَادِ، وَالْعُبَابِ مَعَ الْإِشَارَةِ فِي الثَّانِي إلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ النَّظَرِ لِكَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ الدَّالِ عَلَى أَنَّ سَبَبَ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا وُجُودُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ تَارَةً وَصُورَتِهَا أُخْرَى وَلِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً رَجَاءَ كَوْنِ الْفَضْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ دُونَ الْأُولَى لِمَا فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَذْهَبُ وَيُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ مَعَ كَوْنِ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى أَكْمَلَ وَأَتَمَّ» فَبَنَيْتُ عَلَى ذَلِكَ حَمْلَ تِلْكَ الْأَبْحَاثِ السَّابِقَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ فِي عَدَمِ نَدْبِ الْإِعَادَةِ سم (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ فَضْلَهَا إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ وَلَا يُنَافِي إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ سم أَقُولُ تَقَدَّمَ عَنْهُ عَنْ م ر مَا يُصَرِّحُ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) شَامِلٌ لِإِقَامَتِهَا بَعْدَ إقَامَةِ إمَامِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهَا قَدْحًا فِيهِ وَفِي جَمَاعَتِهِ سم وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ عَنْ ع ش اسْتِشْكَالُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَلَّى إلَخْ) أَيْ نَدْبًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: مَا رَجَّحْتُهُ) يَعْنِي قَوْلَهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً إلَخْ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُفِيدُهُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً أَيْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَلَا يُعِيدُ اهـ قَالَ ع ش أَيْ فَلَوْ أَعَادَ لَمْ تَنْعَقِدْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ إلَخْ) هَلَّا كَفَى عَوْدُهَا عَلَى الْمَأْمُومِ، وَالْمُتَّجَهُ جَوَازُهَا بَلْ نَدْبُهَا خَلْفَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ جَوَازَهَا لِحُصُولِ الْجَمَاعَةِ لِلْمَأْمُومِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهَا الْإِمَامُ سم وَظَاهِرُهُ وَلَوْ صَلَّى الْمَأْمُومُ جَمَاعَةً وَكَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ نَظَرْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ إلَخْ عَزَاهُ الْمُغْنِي إلَى الْأَذْرَعِيِّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الِانْفِرَادُ أَفْضَلَ) أَيْ لِنَحْوِ فِسْقِ الْإِمَامِ سم (قَوْلُهُ: نَحْوُ الْعُرَاةِ) اُنْظُرْ مَا أَدْخَلَ بِلَفْظَةِ النَّحْوِ وَقَدْ تَرَكَهَا النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ سُنَّتْ لَهُمْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ ع ش (قَوْلُهُ: مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا) أَيْ كَإِنْقَاذِ مُحْتَرَمٍ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ الْمَالِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي) أَيْ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَوْلُهُ مَا تَقَرَّرَ مَفْعُولُ يُنَافِي ش. اهـ.

سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَمُقَابِلَهَا هُنَا لِمَعْنًى خَارِجٍ) قَدْ يُقَالُ الْكَرَاهَةُ مَعَ فِسْقِ الْإِمَامِ أَوْ بِدْعَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا أَيْضًا لِمَعْنًى خَارِجٍ لَا لِذَاتِ الْجَمَاعَةِ كَفِسْقِ الْإِمَامِ وَبِدْعَتِهِ وَاعْتِقَادِ عَدَمِ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ سم وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فِسْقَ الْإِمَامِ وَمَا بَعْدَهُ خَارِجٌ لَازِمٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الذَّاتِيِّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَارِجِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْغَيْرُ اللَّازِمِ

(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) أَيْ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَ (قَوْلُهُ: إلَى التَّوَقُّفِ) أَيْ عَدَمِ تَرْجِيحِ وَجْهٍ وَ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) إشَارَةٌ إلَى كَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَ (قَوْلُهُ: النَّظَرُ) فَاعِلُ وَقَعَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: النَّظَرِ لِكَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّ سَبَبَ الْإِعَادَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَوَجْهُ سَنِّ الْإِعَادَةِ فِيمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا تَحْصِيلُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ كَأَنَّهَا فُعِلَتْ كَذَلِكَ وَجَمَاعَةً احْتِمَالُ اشْتِمَالِ الثَّانِيَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَكْمَلَ مِنْهَا ظَاهِرٌ انْتَهَى. اهـ.

سم (قَوْلُهُ: وَصُورَتِهَا إلَخْ) أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ قُلْت بَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ كَوْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ احْتِمَالُ اشْتِمَالِ الثَّانِيَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ لَمْ تُوجَدْ فِي الْأُولَى، وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَكْمَلَ فِي الظَّاهِرِ انْتَهَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لِمَا فِي الْخَبَرِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْغَايَةِ (قَوْلُهُ: فَبَنَيْتُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى النَّظَرِ لِكَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: حَمْلَ تِلْكَ الْأَبْحَاثِ السَّابِقَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ وَقَوْلُهُ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا تَرَدَّدَ إلَخْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ فِي عَدَمِ نَدْبِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ احْتِجَاجُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: يَمْنَعُ فَضْلَهَا) قَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ وَلَا يُنَافِي إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ) شَامِلٌ لِإِقَامَتِهَا بَعْدَ إقَامَةِ إمَامِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهَا قَدْحًا فِيهِ وَفِي جَمَاعَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ) هَلَّا كَفَى عَوْدُهَا عَلَى الْمَأْمُومِ، وَالْمُتَّجَهُ جَوَازُهَا بَلْ نَدْبُهَا خَلْفَ مِنْ لَا يَعْتَقِدُ جَوَازَهَا لِحُصُولِ الْجَمَاعَةِ لِلْمَأْمُومِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهَا الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تُسَنُّ إذَا كَانَ الِانْفِرَادُ أَفْضَلَ) هَذَا يَشْمَلُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمَكْرُوهَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا) بَعْدَ الْوَقْتِ وَهِيَ غَيْرُ مَنْدُوبَةٍ لَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ. اهـ.

م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي) أَيْ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا تَقَرَّرَ فَمَا مَفْعُولُ يُنَافِي ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَمُقَابِلَهَا هُنَا لِمَعْنًى خَارِجٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْكَرَاهَةُ مَعَ فِسْقِ الْإِمَامِ أَوْ بِدْعَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا أَيْضًا لِمَعْنًى خَارِجٍ لَا لِذَاتِ الْجَمَاعَةِ كَفِسْقِ الْإِمَامِ وَبِدْعَتِهِ وَاعْتِقَادِهِ عَدَمَ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ

(قَوْلُهُ: رَجَاءَ كَوْنِ الْفَضْلِ فِي الثَّانِيَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَوَجْهُ سَنِّ الْإِعَادَةِ فِيمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا تَحْصِيلُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ حَتَّى كَأَنَّهَا فُعِلَتْ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>