للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنِيَّةٍ غَيْرِ الْفَرْضِ وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَنْوِي بِهِ غَيْرَ حَقِيقَتِهِ وَتَأْيِيدُ الْإِجْزَاءِ بِغَسْلِ اللَّمْعَةِ فِي الْوُضُوءِ لِلتَّثْلِيثِ وَإِقَامَةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ مَقَامَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي فِعْلٌ مُسْتَأْنَفٌ فَهُوَ كَانْغِسَالِ اللَّمْعَةِ فِي وُضُوءِ التَّجْدِيدِ وَقَدْ قَالُوا بِعَدَمِ إجْزَائِهِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَمْ تَتَوَجَّهْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَصْلًا فَهَذَا هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا.

وَأَمَّا غَسْلُهَا لِلتَّثْلِيثِ، فَإِنَّمَا أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ اقْتَضَتْ أَنْ لَا يَكُونَ ثَانِيَةٌ وَلَا ثَالِثَةٌ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْأُولَى وَلَا جِلْسَةُ اسْتِرَاحَةٍ إلَّا بَعْدَ جُلُوسٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَنِيَّتُهُ مُتَضَمِّنَةٌ حُسْبَانَ هَذَيْنِ، وَأَمَّا نِيَّتُهُ فِي الْأُولَى هُنَا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِفِعْلِ الثَّانِيَةِ بِوَجْهٍ وُجُودًا وَلَا عَدَمًا فَأَثَّرَ فِيهَا مَا قَارَنَهَا مِمَّا مَنَعَ وُقُوعَهَا فَرْضًا كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي غَسْلِ اللَّمْعَةِ لِلنِّسْيَانِ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ هُنَا فِعْلَ الْأُولَى فَصَلَّى مَعَ جَمَاعَةٍ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْأُولَى أَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ لِجَزْمِهِ بِنِيَّتِهَا حِينَئِذٍ (تَنْبِيهٌ) يَجِبُ فِيهَا الْقِيَامُ كَمَا مَرَّ وَيَحْرُمُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لَهَا أَحْكَامَ الْفَرْضِ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ جَوَازُ جَمْعِهَا مَعَ الْأَصْلِيَّةِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا لِحَيْثِيَّةِ الْفَرْضِ وَثَمَّ لِصُورَتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا عَلَى صُورَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَرُوعِيَ فِيهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالصُّورَةِ وَهُوَ النِّيَّةُ وَالْقِيَامُ وَعَدَمُ الْخُرُوجِ وَنَحْوُهَا لَا مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْهُ.

(وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (وَإِنْ قُلْنَا) إنَّهَا (سُنَّةٌ) لِتَأَكُّدِهَا (إلَّا لِعُذْرٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ» قِيلَ السُّنَّةُ فِي تَرْكِهَا رُخْصَةٌ مُطْلَقًا فَكَيْفَ ذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُرَادَ لَا رُخْصَةَ تَقْتَضِي مَنْعَ الْحُرْمَةِ عَلَى الْفَرْضِ، وَالْكَرَاهَةِ عَلَى السُّنَّةِ إلَّا لِعُذْرٍ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ عَلَى السُّنَّةِ أَنَّ تَارِكَهَا يُقَاتَلُ عَلَى وَجْهٍ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَتَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ إلَّا مَعَ عُذْرٍ (عَامٍّ كَمَطَرٍ)

ــ

[حاشية الشرواني]

الْفَرْضِيَّةِ

(قَوْلُهُ بِنِيَّةِ غَيْرِ الْفَرْضِ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ بِعَدَمِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: بِغَسْلِ اللَّمْعَةِ) أَيْ بِأَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) خَبَرُ وَتَأْيِيدُ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا) أَيْ الِانْغِسَالُ فِي التَّجْدِيدِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَسْلُهَا لِلتَّثْلِيثِ) كَانَ يَنْبَغِي لِيُطَابِقَ سَابِقَهُ وَيَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ وَلَا جِلْسَةٌ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ ثَانِيَةٌ إلَخْ أَنْ يَزِيدَ هُنَا قَوْلُهُ وَجِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثَانِيَةٌ إلَخْ) فَاعِلُ تَكُونُ (قَوْلُهُ فَنِيَّتُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَوَضِّئِ، وَالْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: حُسْبَانُ هَذَيْنِ) أَيْ غَسْلُ اللَّمْعَةِ وَجِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا نِيَّتُهُ فِي الْأُولَى) أَيْ نِيَّةُ الْمُعِيدِ فِي الصَّلَاةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَمَّا عَلَى الثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ جَمَاعَةٍ) يَظْهَرُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ أَيْ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي إعَادَةِ شَرْطِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْقَطْعُ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْقِيَامِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَنَّ الْمُعَادَةَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِمَا حِكَايَةُ الصُّورَةِ، وَأَمَّا جَوَازُ الْخُرُوجِ فَهُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النَّفْلِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتِلْكَ الْحِكَايَةِ فَكَانَ عَلَى أَصْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَنَحْوِهِ بِجَوَازِ فِعْلِ الْمُعَادَةِ مَعَ الْأُولَى بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ انْتَهَى. اهـ.

سم (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْقِيَامِ وَحُرْمَةِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهَا) لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِهِ الِاسْتِقْبَالَ فِي السَّفَرِ وَ (قَوْلُهُ لَا مُطْلَقًا) أَخْرَجَ بِهِ عَدَمَ جَوَازِ الْجَمْعِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا رُخْصَةَ إلَخْ) ، وَالرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا لُغَةً: التَّيْسِيرُ وَالتَّسْهِيلُ وَاصْطِلَاحًا: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحًا الْحُكْمُ إلَخْ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِأَنَّهَا الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَقَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ إلَخْ دَخَلَ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ امْتِنَاعُهُ بَلْ وَرَدَ ابْتِدَاءً عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ كَالسَّلَمِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى اشْتِمَالِهِ عَلَى الْغَرَرِ عَدَمُ جَوَازِهِ فَجَوَازُهُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْجَمَاعَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا وَحْلٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبَرْدٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش لَعَلَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْمُوَاظَبَةِ عَدَمُهَا عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ غَيْرَ مُعْتَنٍ بِالْجَمَاعَةِ لَا تَرْكُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الْفَرَائِضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِعُذْرٍ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُمْ لَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا، وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةً إلَّا بِعُذْرٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي مَنْعَ الْحُرْمَةِ) أَيْ حَيْثُ تَوَقَّفَ وَاجِبُ الشِّعَارِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم (قَوْلُهُ عَلَى السُّنَّةِ) أَيْ أَوْ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ الشِّعَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ) أَيْ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى التَّرْكِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَمَرَ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لِقِيَامِ الْعُذْرِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْحُضُورِ مَعَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْجَمَاعَةِ أَمْرًا مُطْلَقًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُمْ الْعُذْرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ لِحَمْلِ أَمْرِهِ عَلَى غَيْرِ أَوْقَاتِ الْعُذْرِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ ثُمَّ عَرَضَ إلَخْ أَيْ أَوْ فِيهِمْ مَعْذُورٌ بِالْفِعْلِ لَا يَعْلَمُهُ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ أَوْقَاتِ الْعُذْرِ أَيْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْمُرَادُ بِهِمَا الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ بِدَلِيلِ التَّوْجِيهِ (قَوْلُهُ أَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْقَطْعُ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْقِيَامِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَنَّ الْمُعَادَةَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا حِكَايَةُ الصُّورَةِ، وَأَمَّا جَوَازُ الْخُرُوجِ فَهُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النَّفْلِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتِلْكَ الْحِكَايَةِ فَكَانَ عَلَى أَصْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَنَحْوِهِ بِجَوَازِ فِعْلِ الْمُعَادَةِ مَعَ الْأُولَى بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ ش م ر (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ لَا رُخْصَةَ تَقْتَضِي مَنْعَ الْحُرْمَةِ) أَيْ حَيْثُ تَوَقَّفَ وَاجِبُ الشِّعَارِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (قَوْلِهِ -

<<  <  ج: ص:  >  >>