وَرُدَّ بِقَوْلِهِمْ الْآتِي الِانْتِظَارُ أَفْضَلُ إذْ لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةً لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الِانْتِظَارَ مُمْتَنِعٌ أَوْ مَكْرُوهٌ ضَعِيفٌ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذَا الِاقْتِدَاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا فَلَمْ يَقْتَضِ تَفْوِيتَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الِانْفِرَادُ أَفْضَلَ وَقَدْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى صِحَّةِ الْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ وَصَحَّ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بِقَوْمِهِ» هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ مَكْتُوبَةٌ وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الْفَرْضِ خَلْفَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَيَنْتَظِرُهُ فِي السُّجُودِ إذَا طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ أَوْ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي الْقِيَامِ إذَا طَوَّلَ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمِثْلِهِ فَقَرَأَ إمَامُهُ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْفَاتِحَةِ مَثَلًا أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُهُ بَلْ يَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَاسْتَوْضَحَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَفَّالِ أَنَّ لَهُ انْتِظَارَهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَيَحْتَمِلُ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي ذَلِكَ فَبَعِيدٌ، وَإِنْ مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الْقَصِيرِ مُبْطِلٌ، وَالسَّبَقُ بِالِانْتِقَالِ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مُبْطِلٍ فُرُوعِي ذَلِكَ لِحَظْرِهِ مَعَ عَدَمِ مُحْوِجٍ لِلتَّطْوِيلِ، فَإِنْ قُلْت هَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ الْإِمَامُ إلَى الْقِيَامِ نَاسِيًا أَوْ لِتَذَكُّرِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَّا بِالِانْتِقَالِ كَمَا ذُكِرَ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي، فَإِنَّهُ لَمَّا بَانَ أَنَّهُ إلَى الْآنَ فِي الْقِيَامِ كَانَ انْتِقَالُ الْمَأْمُومِ إلَى السُّجُودِ سَبْقًا لَهُ بِرُكْنَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ قُلْت هُمَا سَوَاءٌ وَيَبْطُلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ إنْ شَرَطَ الْبُطْلَانَ بِالتَّقَدُّمِ كَالتَّأَخُّرِ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِمَنْعِهِ وَتَعَمُّدِهِ لَهُ حَالَةَ فِعْلِهِ لِمَا تَقَدَّمَ بِهِ وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَأْمُومِ حَالَ الرُّكُوعِ، وَالِاعْتِدَالِ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا دَخْلٌ فِي الْإِبْطَالِ وَلَمْ يُحْسَبَا مِنْ التَّقَدُّمِ الْمُبْطِلِ فَلَزِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَّا بِالِانْتِقَالِ إلَى السُّجُودِ عَادَ لِلْقِيَامِ نَاسِيًا أَمْ مُتَعَمِّدًا (وَكَذَا الظُّهْرُ بِالصُّبْحِ، وَالْمَغْرِبِ) وَنَحْوِهِمَا (وَهُوَ كَالْمَسْبُوقِ) فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ وَأَتَمَّ
(وَلَا تَضُرُّ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ) فِي الصُّبْحِ (وَالْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فِي الْمَغْرِبِ) كَالْمَسْبُوقِ بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ فِرَاقِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِقَوْلِهِمْ الْآتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَوْلُهُمْ الْآتِي لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحُكْمُ فِيمَا هُنَا أَيْضًا سم (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقْتَضِ تَفْوِيتَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذِهِ غَيْرُ سُنَّةٍ كَمَا مَرَّ وَمَا لَا يُطْلَبُ لَا ثَوَابَ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي إلَخْ) أَيْ عِشَاءَ الْآخِرَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الْفَرْضِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي السُّجُودِ إلَخْ) أَيْ الْأَوَّلِ عِنْدَ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ، وَالثَّانِي عِنْدَ تَطْوِيلِ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقِيَامِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَيَنْتَظِرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُهُ إلَخْ) الْقِيَاسُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ وَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْتَظِرُهُ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ م ر. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وُجُوبُ الِانْتِظَارِ فِي السُّجُودِ وَعَدَمِ جَوَازِ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَبَعِيدٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ تَقَدَّمَ أَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ فِيهِ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ زِيَادَةٌ عَلَى الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مَفْرُوضًا فِيمَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فَهُوَ قَابِلٌ لِلْخِلَافِ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَمْيَلُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي فَلَا يَضُرُّ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا شَرَعَ فِيهَا ابْتِدَاءً فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ إلَى إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ وَرُكُوعِهِ ثُمَّ اعْتِدَالِهِ لَا يَطُولُ بِهِ اعْتِدَالُ الْمَأْمُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فُرُوعِي ذَلِكَ) أَيْ الْمُبْطِلُ (قَوْلُهُ: لِحَظْرِهِ مَعَ عَدَمِ مُحْوِجٍ لِلتَّطْوِيلِ) وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ هُنَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ، فَإِنْ قُلْت هَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ الْإِمَامُ إلَى الْقِيَامِ نَاسِيًا أَيْ لِتَذَكُّرِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي الْأَوَّلِ إلَّا بِانْتِقَالٍ كَمَا ذُكِرَ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي، فَإِنَّهُ لَمَّا بَانَ أَنَّهُ إلَى الْآنَ فِي الْقِيَامِ كَانَ انْتِقَالُ الْمَأْمُومِ إلَى السُّجُودِ سَبْقًا لَهُ بِرُكْنَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ قُلْت هُمَا سَوَاءٌ وَيُبْطِلُ ذَلِكَ الْفَرْقَ أَنَّ شَرْطَ الْبُطْلَانِ بِالتَّقَدُّمِ كَالتَّأَخُّرِ عِلْمُ الْمَأْمُومِ بِمَنْعِهِ وَتَعَمُّدِهِ لَهُ حَالَةَ فِعْلِهِ لِمَا تَقَدَّمَ بِهِ وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَأْمُومِ حَالَ الرُّكُوعِ، وَالِاعْتِدَالِ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا دَخْلٌ فِي الْإِبْطَالِ وَلَمْ يُحْسَبَا مِنْ التَّقَدُّمِ الْمُبْطِلِ فَلَزِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَّا بِالِانْتِقَالِ إلَى السُّجُودِ عَادَ لِلْقِيَامِ نَاسِيًا أَوْ مُعْتَمِدًا. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا الظُّهْرُ) أَيْ وَنَحْوُهُ كَالْعَصْرِ (وَقَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُقْتَدِي حِينَئِذٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِذَا سَلَّمَ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فِي الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ) وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْعِشَاءِ بِمُصَلِّي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْقُنُوتِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمُصَلِّي التَّسْبِيحِ لِكَوْنِهِ مِثْلَهُ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِي بِصَلَاةِ التَّسْبِيحِ مُشَابَهَةُ هَذَا لِلْفَرْضِ بِتَوْقِيتِهِ وَتَأَكُّدِهِ ع ش أَقُولُ وَقَدْ يَدَّعِي أَنَّ الْوِتْرَ الْمَذْكُورَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ نَحْوِ الْمَغْرِبِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ كَالْمَسْبُوقِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُشْكِلُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَجِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ بِالتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي نَدْبَ الْإِتْيَانِ بِدُعَاءِ الْقُنُوتِ وَبِذِكْرِ التَّشَهُّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَرُدَّ بِقَوْلِهِمْ الْآتِي) لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحُكْمُ فِيمَا هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةً لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ) اُنْظُرْ هَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ مَعَ حُكْمِهِ قَبْلُ بِالْكَرَاهَةِ وَفَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ بِالْهَامِشِ هُنَاكَ فَذِكْرُ الْأَفْضَلِيَّةِ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَفَوَاتَ الْفَضِيلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْوَجْهُ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ فِي تَوْجِيهِ الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِمْ الِانْتِظَارُ أَفْضَلُ بَلْ يُجْعَلُ وَجْهُ الرَّدِّ قَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ الْأَفْضَلِيَّةِ لِيَقَعَ سَلَامُهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِ وُقُوعِ السَّلَامِ فِي جَمَاعَةٍ إنْ لَمْ يَحْصُلْ فَضْلُهَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ إلَخْ) كَذَا م ر (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُهُ) الْقِيَاسُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْتَظِرُهُ) جَرَى عَلَيْهِ م ر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute