كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَرِيحِ الْمِسْكِ وَطَعْمِ الْخَلِّ أَوْ فِي صِفَةٍ قَدَّرْنَاهُ مُخَالِفًا فِيهَا فَقَطْ (فَنَجِسٌ) إجْمَاعًا وَلَوْ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ فِي الْأَوْلَى أَوْ بَعْضِهِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَإِنْ كَثُرَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ بَقِيَ عَلَى طَهَارَتِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا قَدَّرَ الطَّاهِرَ بِالْوَسَطِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَلَوْ وَقَعَ فِي مُتَغَيِّرٍ بِمَا لَا يَضُرُّ قَدْرُ زَوَالِهِ فَإِنْ غُيِّرَ حِينَئِذٍ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا.
(فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ كَأَنْ طَالَ مُكْثُهُ (أَوْ بِمَاءٍ) انْضَمَّ إلَيْهِ وَلَوْ مُتَنَجِّسًا، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ وَالْبَاقِي كَثِيرٌ بِأَنْ كَانَ الْإِنَاءُ مُنْخَنِقًا بِهِ فَزَالَ انْخِنَاقُهُ وَدَخَلَهُ الرِّيحُ وَقَصَرَهُ أَوْ بِمُجَاوِرٍ وَقَعَ فِيهِ أَيْ أَوْ بِمُخَالِطٍ تَرَوَّحَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ زَعْفَرَانٍ لَا طَعْمَ وَلَا رِيحَ (طَهُرَ) لِزَوَالِ سَبَبِ التَّنَجُّسِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدَّ طَهَارَةُ الْجَلَّالَةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ مِنْ غَيْرِ عَلَفٍ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ سَبَبَ نَجَاسَتِهَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا رَدَاءَةُ لَحْمِهَا وَهِيَ لَا تَزُولُ إلَّا بِالْعَلَفِ الطَّاهِرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّرُوا هُنَا الْوَاقِعَ بَعْدَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ مُخَالِفًا أَشَدَّ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَغْلَظِ الصِّفَاتِ اهـ (قَوْلُهُ كَلَوْنِ الْحِبْرِ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْبَوْلِ الْمَذْكُورِ فَنَقُولُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْخَلِّ هَلْ يُغَيِّرُ طَعْمَ الْمَاءِ أَوْ لَا فَإِنْ قَالُوا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا يُغَيِّرُهُ نَقُولُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْحِبْرِ هَلْ يُغَيِّرُ لَوْنَ الْمَاءِ أَوْ لَا فَإِنْ قَالُوا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا يُغَيِّرُهُ نَقُولُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْمِسْكِ هَلْ يُغَيِّرُ رِيحَهُ أَوْ لَا فَإِنْ قَالُوا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الطَّاهِرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ فِي صِفَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ فِي صِفَتَيْنِ فُرِضَ مُخَالِفًا فِيهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ التَّغَيُّرُ بِفَرْضِهِ فَقَطْ بَعْدَ فَرْضِ الْآخَرَيْنِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا لَوْ وَافَقَهُ فِي الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضِهِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْمَاءُ الْقُلَّتَيْنِ سم (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ تَغَيَّرَ بَعْضُهُ فَقَطْ فَالْمُتَغَيِّرُ نَجِسٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يُنَجَّسْ، وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَلَوْ بَالَ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا فَارْتَفَعَتْ مِنْهُ رَغْوَةٌ فَهِيَ طَاهِرَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهَا عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهَا مِنْ الْبَوْلِ، وَإِنْ طُرِحَتْ فِي الْبَحْرِ بَعْرَةٌ مَثَلًا فَوَقَعَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ بِسَبَبِ سُقُوطِهَا عَلَى شَيْءٍ لَمْ تُنَجِّسْهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهَا إلَخْ كَانَتْ بِرَائِحَةِ الْبَوْلِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ لَوْنِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ زَوَالُهُ) أَيْ التَّغَيُّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) فَلَوْ غَرَفَ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ قُلَّتَيْنِ فَقَطْ وَفِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ وَلَمْ يَغْرِفْهَا مَعَ الْمَاءِ فَبَاطِنُ الدَّلْوِ طَاهِرٌ لِانْفِصَالِ مَا فِيهِ عَنْ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ قُلَّتَيْنِ لَا ظَاهِرُهَا لِتَنَجُّسِهِ بِالْبَاقِي الْمُتَنَجِّسِ بِالنَّجَاسَةِ لِقِلَّتِهِ فَإِنْ دَخَلَتْ مَعَ الْمَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فِي الدَّلْوِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ إلَخْ) ، وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ وَعَنْ عَمِيرَةَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ بِمَا لَا يَضُرُّ) صَادِقٌ بِالْمُتَغَيِّرِ بِطُولِ الْمُكْثِ، وَهَلْ الْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ أَوْ لَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَنْضَمَّ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ بِمُجَاوِرٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَا بِعَيْنٍ كَطُولِ مُكْثٍ وَهُبُوبِ رِيحٍ اهـ أَيْ أَوْ شَمْسٍ ع ش (قَوْلُهُ كَأَنْ طَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَأَنْ زَالَ بِطُولِ الْمُكْثِ اهـ.
(قَوْلُهُ انْضَمَّ إلَيْهِ) بِفِعْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بِمُجَاوِرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُجَاوِرِ رِيحٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ بِمُخَالِطٍ تَرَوَّحَ بِهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَيُّفٌ بِرَائِحَةِ ذَلِكَ الْمُخَالِطِ فَزَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ فَهُوَ مُشْكِلٌ حِينَئِذٍ فِي الِاسْتِتَارِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا يَأْتِي وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم، وَأَشَارَ الْكُرْدِيُّ إلَى جَوَابِهِ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تَرَوَّحَ بِهِ يَعْنِي لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَلْ بَلَغَتْهُ الرَّائِحَةُ فَيُشْبِهُ الْمُجَاوِرَ اهـ وَيَرُدُّهُ أَيْ جَوَابُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُ ع ش مَا نَصُّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَوَّحَ الْمَاءُ بِنَحْوِ مِسْكٍ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الرَّائِحَةِ فِي الْمَاءِ يَسْتُرُ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ وَلَا فَرْقَ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي الْمَاءِ وَكَوْنِهِ خَارِجًا عَنْهُ هَذَا وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ إذَا زَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ بِرَائِحَةٍ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يُحْكَمْ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَا رِيحَ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي وَلَا رِيحَ بِالْوَاوِ قَوْلُ الْمَتْنِ (طَهُرَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدَّ طَهَارَةُ الْجَلَّالَةِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ عَوْدِ الطَّهَارَةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا ع ش وَسَمِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّرُوا هُنَا الْوَاقِعَ) أَيْ النَّجَسَ الْوَاقِعَ حَيْثُ يَكُونُ التَّغَيُّرُ السَّابِقُ نَاشِئًا عَنْ نَجَاسَةٍ خَالَطَتْ الْمَاءَ وَاسْتَمَرَّتْ فِيهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ أَيْ النَّجَسُ الْوَاقِعُ فِي الْمَاءِ الْقُلَّتَيْنِ الْمُغَيِّرِ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَشَدُّ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَهَلْ الَّذِي يُفْرَضُ مُخَالِفًا أَشَدُّ الْمَائِعِ مَعَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ أَوْ مَا وَقَعَ فِيهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَائِعَ لَيْسَ نَجِسًا حَتَّى يُقَدَّرَ مُخَالِفًا الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الثَّانِي وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ جَامِدَةً كَعَظْمِ مَيْتَةٍ ثُمَّ أُخْرِجَتْ مِنْهُ قَبْلَ إلْقَائِهِ فِي الْمَاءِ لَمْ يُفْرَضْ شَيْءٌ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ عَنْ الشَّارِحِ خِلَافُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَطَعْمُ الْخَلِّ) قَدْ يُنْظَرُ فِي أَنَّ طَعْمَ الْخَلِّ أَشَدُّ الطُّعُومِ، وَقَدْ يَدَّعِي أَنَّ طَعْمَ نَحْوِ الصَّبْرِ أَشَدُّ وَقَدْ يُنْظَرُ فِي الْأَخِيرَيْنِ بِنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَ الْمَاءِ الْقُلَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ قَدْرَ زَوَالِهِ أَيْ زَوَالِ التَّغَيُّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ.
(قَوْلُهُ تَرَوَّحَ بِهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَيَّفَ بِرَائِحَةِ ذَلِكَ الْمُخَالِطِ فَزَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ فَهُوَ مُشْكِلٌ حِينَئِذٍ فِي الِاسْتِتَارِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا يَأْتِي وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدُّ طَهَارَةُ الْجَلَّالَةِ)