للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَا (يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) ابْتِدَاءً، فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ فَارَقَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً (وَمِنْ الْعُذْرِ) الْمُلْحَقِ بِذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْمُرَخِّصِ فِي الْأَثْنَاءِ إلْحَاقُهُ بِهِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَتَخَيُّلُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ ذَاكَ أَوْلَى (تَطْوِيلُ الْإِمَامِ) الْقِرَاءَةَ أَوْ غَيْرَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ لَعَلَّهُ لِلْغَالِبِ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا يَصْبِرُ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ وَلَوْ خَفِيفًا بِأَنْ يَذْهَبَ خُشُوعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ رَضُوا بِتَطْوِيلِهِ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ، وَأَنْ لَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِمَا صَحَّ أَنَّ بَعْضَ الْمُؤْتَمِّينَ بِمُعَاذٍ قَطَعَ الْقُدْوَةَ لِتَطْوِيلِهِ بِهِمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ اسْتَأْنَفَ مُعَارَضَةً بِرِوَايَةِ أَحْمَدَ أَنَّهُ بَنَى عَلَى أَنَّ الْأُولَى شَاذَّةٌ وَبِفَرْضِ عَدَمِ شُذُوذِهَا فَهِيَ حُجَّةٌ أَيْضًا

ــ

[حاشية الشرواني]

مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ نَفْسِهِ لِتَكْلِيفِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) قَدْ يُشْكِلْ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ سم (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْعُذْرِ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر ابْتِدَاءُ قَضِيَّتِهِ أَنَّ مَا أُلْحِقَ هُنَا بِالْعُذْرِ كَالتَّطْوِيلِ وَتَرْكِ السُّنَّةِ الْمَقْصُودَةِ لَا يُرَخِّصُ فِي التَّرْكِ ابْتِدَاءً قَالَ م ر وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ ثُمَّ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ فَارَقَ إنْ أَرَادَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ بَعْدُ مِثْلُ مَا ذَكَرَ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ التَّطْوِيلُ مِنْ الْمُرَخِّصِ ابْتِدَاءً حَيْثُ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْإِمَامِ التَّطْوِيلُ الْمُؤَدِّي لِذَلِكَ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْهُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَخِّصَ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً يُرَخِّصُ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ ثُمَّ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الْقُدْوَةِ وَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ إنْ حَصَلَ بِخُرُوجِهِمْ عَنْ الْجَمَاعَةِ دَفَعَ ضَرَرَ الْحَاضِرِينَ أَوْ عَنْ الْمُصَلِّي نَفْسِهِ كَأَنْ حَصَلَ ضَرَرٌ بِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش وَمَا نَقَلَهُ الْحَلَبِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ آنِفًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ يَجُوزُ قَطْعًا) أَيْ فَلِلْعُذْرِ الْمُرَخِّصِ يَجُوزُ الْقَطْعُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ يَجُوزُ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: الْمُلْحَقُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ بِلَا كَرَاهَةٍ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْمُرَخِّصِ إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعُذْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً فَأَلْ فِي الْعُذْرِ لِلْعَهْدِ، وَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرَهُ مُرَخِّصًا ابْتِدَاءً رَخَّصَ فِي الْأَثْنَاءِ وَعَلَى هَذَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْإِلْحَاقِ، وَالْأَخْذِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) تَقَدَّمَ عَنْ الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَتَخَيُّلُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُرَخِّصِ، وَالْمُلْحَقِ بِهِ (وَقَوْلُهُ: ذَاكَ أَوْلَى) أَيْ الْمُلْحَقُ بِالْمُرَخِّصِ أَوْلَى مِنْهُ بِالتَّجْوِيزِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: الْقِرَاءَةُ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مُعَارَضَةً إلَى شَاذَّةٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الْقِصَّةِ إلَى وَاسْتِدْلَالِهِمْ قَوْلُ الْمَتْنِ (تَطْوِيلُ الْإِمَامِ) أَيْ وَزِيَادَةُ إسْرَاعِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ أَوْ بِالسُّنَنِ الْمُتَأَكِّدَة بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ كَرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا مُطْلَقًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَصْبِرْ الْمَأْمُومُ عَلَيْهِ لِضَعْفٍ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي عَقِبَ الْمَتْنِ: وَالْمَأْمُومُ لَا يَصْبِرُ عَلَى التَّطْوِيلِ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَذْهَبَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِعَدَمِ الصَّبْرِ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِلتَّطْوِيلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ الثُّلَاثِيِّ وَخُشُوعُهُ فَاعِلُهُ وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ بِهِ أَيْ بِالتَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: رَضُوا بِتَطْوِيلِهِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ يُطِيلُ تَطْوِيلًا لَا يُصْبَرُ عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ فَاقْتَدَى بِهِ عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الطُّولُ الْمُؤَثِّرُ فَارَقَهُ فَهَلْ نَقُولُ أَيْضًا لَا تُكْرَهُ الْمُفَارَقَةُ حِينَئِذٍ سم أَقُولُ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش وَعَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لَمَا صَحَّ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْقِصَّةِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَعْضِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ مُعَارَضَةٌ إلَخْ) خَبَرٌ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأُولَى شَاذَّةٌ) انْفَرَدَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَكْثَرُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَحَمْلُهُ وَدَفْنُهُ فَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَطْعُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ حَيْثُ عُدَّ تَهَاوُنًا بِهِ وَإِعْرَاضًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ بِهِ بِخِلَافِ التَّنَاوُبِ فِي نَحْوِ حَفْرِ قَبْرٍ وَحَمْلِهِ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ تَبَرُّكٍ م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ دَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ مَا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِدْلَال عَلَى الْجَوَازِ فِي قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعًا لَا عَلَى كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْعُذْرِ مَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْمُرَخِّصِ إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَمِنْ الْعُذْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً فَأَلْ فِي الْعُذْرِ لِلْعَهْدِ، وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مُرَخِّصًا ابْتِدَاءً رُخِّصَ فِي الْأَثْنَاءِ وَعَلَى هَذَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْإِلْحَاقِ وَالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: رَضُوا بِتَطْوِيلِهِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ يُطِيلُ تَطْوِيلًا لَا يُصْبِرُ عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ فَاقْتَدَى بِهِ عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الطُّولُ الْمُؤَثِّرُ فَارَقَهُ فَهَلْ نَقُولُ أَيْضًا لَا تُكْرَهُ الْمُفَارَقَةُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْأُولَى شَاذَّةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُقَرَّرُ الْمَعْلُومُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ قَبُولُ زِيَادَةِ الثِّقَةِ نَعَمْ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ يَجْعَلُ هَذَا شَاذًّا ضَعِيفًا فَالشَّاذُّ عِنْدَهُمْ أَنْ يَرْوِيَ مَا لَا يَرْوِي بِهِ سَائِرُ الثِّقَاتِ خَالَفَهُمْ أَمْ لَا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الشَّاذَّ مَا يُخَالِفُ الثِّقَاتِ أَمَّا مَا لَا يُخَالِفُهُمْ بِمَعْنَاهُ مَعَ تَعَارُضِ الرِّوَايَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>