للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَبَرُ مُسْلِمٍ «وَاقْضِ مَا سَبَقَك» يُحْمَلُ الْقَضَاءُ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ مَشْهُورٌ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ الشَّرْعِيَّةِ هُنَا (فَيُعِيدُ فِي الْبَاقِي) مِنْ الصُّبْحِ مَثَلًا مَنْ أَدْرَكَ ثَانِيَتَهَا مَعَهُ الَّتِي هِيَ أُولَى الْمَأْمُومِ وَقَنَتَ مَعَهُ فِيهَا كَمَا هُوَ السُّنَّةُ كَمَا مَرَّ وَأَفَادَهُ قَوْلُهُ يُعِيدُ (الْقُنُوتَ) ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ آخِرَ الصَّلَاةِ وَفِعْلُهُ قَبْلَهُ مَعَ الْإِمَامِ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ.

(وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ) مَعَ الْإِمَامِ (تَشَهَّدَ فِي ثَانِيَتِهِ) إذْ هِيَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ وَتَشَهُّدُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي أُولِي نَفْسِهِ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنَّا وَمِنْ الْمُخَالِفِ وَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا عَلَى أَنَّ مَا يُدْرِكُهُ مَعَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ مَثَلًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فِيهِمَا قِرَاءَةُ السُّورَةِ مَعَهُ قَرَأَ وَإِلَّا قَرَأَهُمَا مِنْ غَيْرِ جَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَا تُقْضَى فِي أَخِيرَتَيْ نَفْسِهِ تَدَارُكًا لَهُمَا لِعُذْرِهِ.

(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ (رَاكِعًا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) أَيْ مَا فَاتَهُ مِنْ قِيَامِهَا وَقِرَاءَتِهَا، وَإِنْ قَصَّرَ بِتَأْخِيرِ تَحَرُّمِهِ لَا لِعُذْرٍ حَتَّى رَكَعَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ جَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا لِمُخَالَفَتِهِمْ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ الِاحْتِيَاطُ تَوَقَّى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ أَوْ تَكُونَ ثَانِيَةَ الْجُمُعَةِ يُرَدُّ بِمَا ذَكَرْته وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا مَعَ مَنْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قُلْت) إنَّمَا يُدْرِكُهَا (بِشَرْطِ أَنْ) يَكُونَ ذَلِكَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي الْجُمُعَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُحْدِثًا عِنْدَهُ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حَدَثِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ تُوَجَّهَ الْأَوْلَوِيَّةُ بِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ حَقِيقَةً أُخْرَى شَرْعِيَّةً سم (قَوْلُهُ: فَخَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ الْمُوهِمُ سَبْقَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى الْقَضَاءِ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ وَهُوَ وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَلَفْظُ مَا سَبَقَك يُشْعِرُ بِمَا فَرَّ مِنْهُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) أَيْ حَمْلُهُ عَلَى الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ ع ش.

(قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ خَارِجَ وَقْتِهَا مُغْنِي وَقَدْ تَمْنَعُ دَلَالَةُ هَذِهِ الِاسْتِحَالَةِ عَلَى التَّعَيُّنِ لِجَوَازِ أَنَّ لِلْقَضَاءِ شَرْعًا مَعْنًى آخَرَ كَوُقُوعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ مِنْ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ جَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَا تُقْضَى.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُخَالِفِ) وَهُوَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ ثُلَاثِيَّتُهُ كَالْمَغْرِبِ وَفِي الْحَلَبِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ أَنَّهُ يُكَرِّرُ السُّورَةَ مَرَّتَيْنِ فِي ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَرَأَهُمَا) الْأَوْلَى هُنَا وَفِي قَوْلِهِ الْآتِي لَهُمَا الْإِفْرَادُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ جَهْرٍ، وَالضَّمِيرُ لِلْجَهْرِ (وَقَوْلُهُ فِي أَخِيرَتَيْ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قَرَأَهُمَا (قَوْلُهُ: تَدَارُكًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْهَا. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ تَدَارُكًا إلَخْ أَيْ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهَا مَعَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّدَارُكَ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَخِيرَتَيْ الْإِمَامِ فَعَلَهَا وَلَا تَدَارُكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمَأْمُومُ) إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ عُلِمَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُكْرَهُ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (رَاكِعًا) أَيْ أَوْ قَرِيبًا مِنْ الرُّكُوعِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ جَمِيعِهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إدْرَاكِهَا بِذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ وَيُتِمَّهَا مَعَهُ أَوْ لَا كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ فِي اعْتِدَالِهِ أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَ طُمَأْنِينَةِ الْمَسْبُوقِ. اهـ. زَادَ الرَّشِيدِيُّ وَيَشْمَلُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِيَ قَرِيبًا فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حَدَثِهِ إلَخْ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَا فَاتَهُ مِنْ قِيَامِهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَغَايَةُ هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ تَحَمَّلَ عَنْهُ لِعُذْرِهِ ع ش وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ أَيْ وَثَوَابَهَا كَمَا فِي الْمُحَلَّى فِي كِتَابِ الصَّوْمِ حَتَّى ثَوَابَ جَمَاعَتِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِمْ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِعَدَمِ سَنِّ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَعِلَّةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: تَوَقَّى ذَلِكَ) أَيْ خِلَافَ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ إلَخْ) خَبَرٌ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ إلَخْ) أَيْ عَمَّا يَسَعُ رَكْعَةً كَامِلَةً ع ش (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ سم عَلَى حَجّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ) كَانَ وَجْهُهُ لِتَصِيرَ صَلَاتُهُ أَدَاءً لَا قَضَاءً وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى وُقُوعِ جَمِيعِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ أَيْضًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ تَرْكُهُ إلَى إخْرَاجِ جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ الْمُتَقَدِّمُ فِي شَرْحِ وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ وَعَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِهِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي هَامِشِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُدْرِكُهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ إلَخْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُكَبِّرُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا إلَخْ) وَلَوْ أَتَى الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ الَّذِي لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ بِالرَّكْعَةِ كَامِلَةً بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ حُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا نَعَمْ إنْ عَلِمَ سَهْوَهُ أَوْ حَدَثَهُ ثُمَّ نَسِيَ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَاقْضِ مَا سَبَقَك لِيَتَّفِقَا لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ تُوَجَّهَ الْأَوْلَوِيَّةُ بِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ حَقِيقَةً أُخْرَى شَرْعِيَّةً.

(قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ دَلَالَةُ هَذِهِ الِاسْتِحَالَةِ عَلَى التَّعَيُّنِ لِجَوَازِ أَنَّ لِلْقَضَاءِ شَرْعًا مَعْنًى آخَرَ كَوُقُوعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حَدَثِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي سُجُودِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الرَّكْعَةَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: لِأَنَّهُ أَدْرَكَ رُكُوعًا مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حَدَثَهُ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ الْمَأْمُومُ فِي الرُّكُوعِ وَاطْمَأَنَّ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>