للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ كُلُّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ تُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْحُضُورَ عِنْدَ النَّاسِ لَكِنَّهَا فِيهَا آكَدُ

(قُلْت وَأَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ شَذَّ فَكَرِهَ ذِكْرَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سُورَةٍ (يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) وَالْأَفْضَلُ أَوَّلُهُمَا مُبَادَرَةً لِلْخَيْرِ وَحَذَرًا مِنْ الْإِهْمَالِ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْهَا فِيهِمَا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّ الْأَوَّلَ يُضِيءُ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» وَلِخَبَرِ الدَّارِمِيِّ «أَنَّ الثَّانِيَ يُضِيءُ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهَا ذِكْرَ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا وَمُقَدِّمَاتِهَا وَهِيَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ وَلِشَبَهِهِ بِهَا فِي اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ فِيهَا (وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ) فِي يَوْمِهَا رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ وَهِيَ لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ وَأَرْجَاهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ وَمَنْ طَابَ رِيحُهُ زَادَ عَقْلُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: كَالصُّنَانِ هُوَ رِيحٌ كَرِيهٌ يَكُونُ تَحْتَ الْإِبِطِ وَدَخَلَ بِالْكَافِ بَخَرٌ وَنَحْوُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ أَيْ كَالْمُرْتِكِ الذَّهَبِيِّ وَالطِّينِ وَاللَّيْمُونِ وَنَحْوِهَا بِأَنْ يُلَطِّخَ ذَلِكَ مَوْضِعَهُ فِي الْحَمَّامِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا بَيَّنْتهَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ: فِيهِ رَدٌّ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَحْرُمُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ: ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: لِمَا جَاءَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْتهَا إلَى وَيُؤْخَذُ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ إلَخْ) أَيْ التَّزَيُّنُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْحُضُورَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مُبَاحٌ كَمَا تَقَدَّمَ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ إلَخْ) وَقِرَاءَتُهَا مَعَ التَّدَبُّرِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِهَا بِدُونِ تَدَبُّرٍ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ تَسَاوِيهِمَا سم (قَوْلُهُ: فِيهِ رَدٌّ إلَخْ) أَيْ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْكَهْفِ بِدُونِ لَفْظِ سُورَةٍ.

(قَوْلُهُ: فَكُرِهَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ كُرِهَ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ السُّورَةِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ لَفْظِ سُورَةٍ إلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَوَّلُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ وَأَوْلَاهَا بَعْدَ الصُّبْحِ إلَخْ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى قِرَاءَتِهَا أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْلَى مُسَارَعَةً إلَخْ وَقِيلَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقِيلَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَفِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ عِنْدَ الرَّوَاحِ إلَى الْجَامِعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثَرْ مِنْهَا إلَخْ) وَأَقَلُّ الْإِكْثَارِ ثَلَاثَةٌ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ مَنْ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يُضِيءُ لَهُ مِنْ النُّورِ إلَخْ) هَلْ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى أَوْ بِشَرْطِهَا سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَى فَلَا ارْتِبَاطَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْجَمِيعِ بِغَيْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّ الثَّانِيَ) أَيْ مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَتِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَكُونُ نُورُ الْأَبْعَدِ أَكْثَرَ مِنْ نُورِ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ نُورَ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مَسَافَةً يُسَاوِي نُورَ الْأَبْعَدِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ مَسَافَةً سم عَلَى حَجّ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ السُّيُوطِيّ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِيهَا " يس " " والم تَنْزِيلٌ " " وَالدُّخَانَ " " وَتَبَارَكَ " فَإِذَا فَرَغَ حَمِدَ وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَاسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، ثُمَّ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ الْمَعَاصِي أَبَدًا مَا أَبْقَيْتنِي وَارْحَمْنِي أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِينِي وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيمَا يُرْضِيك عَنِّي اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْقُوَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ أَسْأَلُك يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِك كَمَا عَلَّمْتنِي، وَارْزُقْنِي أَنْ أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيك عَنِّي اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ أَسْأَلُك يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِك بَصَرِي وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي وَأَنْ تُشْغِلَ بِهِ بَدَنِي فَإِنَّهُ لَا يُعِينُنِي عَلَى الْحَقِّ غَيْرُك وَلَا يُؤْتِينِيهِ إلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. انْتَهَى.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكَرَّرُ الدُّعَاءُ، وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَكَانَ حَسَنًا وَقَوْلُهُ: وَاسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ع ش وَقَوْلُهُ: حِكَايَةً عَنْ سم أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: وَحِكْمَةُ ذَلِكَ) أَيْ تَخْصِيصُ الْكَهْفِ بِالْقِرَاءَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ إلَخْ) وَتُسْتَحَبُّ كَثْرَةُ الصَّدَقَةِ وَفِعْلُ الْخَيْرِ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا مُغْنِي وَشَيْخِنَا (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الْخُطْبَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْبُلْدَانِ بَلْ فِي الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ إذْ يَتَقَدَّمُ الْخَطِيبُ فِي بَعْضِ الْجُمَعِ وَيَتَأَخَّرُ فِي بَعْضٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ كُلِّ مَحَلٍّ مِنْ جُلُوسِ خَطِيبِهِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ بَعْدَ الزَّوَالِ فَقَدْ يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ وَلَا يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ آخَرَ بِتَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ، وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ كَيْفَ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الدُّعَاءِ التَّلَفُّظُ بَلْ اسْتِحْضَارُ ذَلِكَ بِالْقَلْبِ كَافٍ فِي ذَلِكَ

وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ، وَإِمَّا بَيْنَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَهُ أَحْيَانًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ يَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ انْتَهَى شَرْحُ م ر وَقِرَاءَتُهَا مَعَ التَّدَبُّرِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِهَا بِدُونِ تَدَبُّرٍ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ تَسَاوِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) يُحْتَمَل أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَكُونُ نُورُ الْأَبْعَدِ أَكْثَرَ مِنْ نُورِ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ نُورَ الْأَقْرَبِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مَسَافَةً يُسَاوِي نُورَ الْأَبْعَدِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>