للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله تعالى، يذكر كثيراً: أن الدول الإسلامية إذا وثق بعضها ببعضٍ وكل منهم اعتمد رؤية الهلال عند الدولة الأخرى فهو حسن لعموم الأحاديث، وإن لم يتيسر ذلك وصاموا برؤيتهم فلا بأس (١).


(١) وقال رحمه الله: ((لاشك أن اجتماع المسلمين في الصوم والفطر أمر طيب محبوب للنفوس ومطلوب شرعاً حيث أمكن، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا بأمرين:
أحدهما: أن يُلغي جميع علماء المسلمين الاعتماد على الحساب كما ألغاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وألغاه سلف الأمة، وأن يعملوا بالرؤية أو بإكمال العدة كما بين ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ٢٥/ ١٣٢ - ١٣٣ اتفاق العلماء على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الصوم والفطر ونحوهما، ونقل الحافظ في الفتح ٤/ ١٢٧ عن الباجي: إجماع السلف على عدم الاعتداد بالحساب، وأن إجماعهم حجة على من بعدهم.
الأمر الثاني: أن يلتزموا بالاعتماد على إثبات الرؤية في أي دولة إسلامية تعمل بشرع الله وتلتزم بأحكامه فمتى ثبت عندها رؤية الهلال بالبينة الشرعية دخولاً أو خروجاً تبعوها في ذلك عملاً بقول لنبي - صلى الله عليه وسلم -: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُم عليكم فأكملوا العدة)). [البخاري، برقم ١٩٠٩]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وأشار بيده ثلاث مرات وعقد إبهامه في الثالثة، ((والشهر هكذا وهكذا وهكذا)) وأشار بأصابعه كلها. [البخاري، برقم ١٩١٣، ومسلم، برقم ١٠٨٠] يعني بذلك عليه الصلاة والسلام: أن الشهر يكون تسعة وعشرين، ويكون ثلاثين، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وحذيفة بن اليمان، وغيرهم - رضي الله عنهم -، ومعلوم أن خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس خاصاً بأهل المدينة بل هو خطاب للأمة جمعاء في جميع أعصارها وأمصارها إلى يوم القيامة، فمتى توافر هذان الأمران أمكن أن تجتمع الدول الإسلامية على الصوم جميعاً، والفطر جميعاً، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك وأن يعينهم على تحكيم الشريعة الإسلامية، ورفض ما خالفها ... )). [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ١٥/ ٧٦] [وانظر: ١٥/ ٧٦ - ١٤٥].

<<  <   >  >>