للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وردّت شهادته لم يلزمه الصوم ولا غيره، ونقله حنبل عن أحمد في الصوم، وكما لا يعرِّف ولا يضحى وحده، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (١).

وقال سماحة شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله: ((ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يصوم وحده، والصواب أنه لا يجوز له أن يصوم وحده، بل عليه: أن يصوم مع الناس ويفطر معهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون)) (٢)، أما إذا كان في البرية ما عنده أحد فإنه يعمل برؤيته في الصوم والفطر)) (٣) والله - عز وجل - أعلم (٤).


(١) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص١٥٨، ومجموع الفتاوى له، ٢٥/ ١١٤،
و٢٥/ ٢٠٢.
(٢) أبو داود، برقم ٢٣٢٤،والترمذي برقم ٦٩٧،وابن ماجه، برقم ١٦٦٠،وتقدم تخريجه.
(٣) مجموع فتاوى ابن باز،١٥/ ٧٢ - ٧٤،وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٥/ ١١٧.
(٤) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيمن رأى هلال رمضان وحده ولم تقبل شهادته، كما اختلفوا فيمن رأى هلال شوال وحده ولم تقبل شهادته كذلك على النحو الآتي:
المسألة الأولى: من رأى هلال شهر رمضان ولم تقبل شهادته فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: يلزمه الصوم، وجميع أحكام الشهر: من طلاق وغيره معلق به؛ لعلمه أنه من رمضان، وهذا هو المشهور في مذهب أحمد، وهو قول مالك، والليث، والشافعي، وأصحاب الرأي، وابن المنذر، وهذا قول أكثر أهل العلم؛ لأنه تيقن أنه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به الحاكم، وكونه محكوماً به من شعبان ظاهر في حق غيره، وأما في الباطن فهو يعلم أنه من رمضان فلزمه صيامه كالعدل.
القول الثاني: لا يلزمه الصوم وهو رواية عن أحمد، فقد روى حنبل عن أحمد: لا يصوم إلا في جماعة الناس، وبه قال عطاء وإسحاق، وروي عن الحسن وابن سيرين؛ لأنه يوم محكوم به من شعبان فأشبه التاسع والعشرين. وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، كما لا يعرِّف ولا يضحّي وحده؛ ولأن الهلال لا يسمى هلالاً إلا بالاشتهار والظهور كما يدل عليه الكتاب والسنة والقياس، والقول الآخر أن الهلال اسم لما يطلع في السماء وهما روايتان عن الإمام أحمد. ورجح هذا القول وأنه لا يلزمه الصوم شيخ الإسلام كما تقدم، وشيخنا ابن باز، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية.
[انظر: المغني لابن قدامه، ٤/ ٤١٦، والشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين، ٦/ ٣٢٨، والاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص١٥٨، والفتاوى لابن تيمية أيضاً، ٢٥/ ١١٤ - ١١٧، ومجموع فتاوى ابن باز، ١٥/ ٧٢،وكتاب الصيام من شرح عمدة الأحكام لابن تيمية،١/ ١٣١. قال شيخ الإسلام: ((فأما إذا رآه في موضع ليس فيه غيره فيلزمه الصوم رواية واحدة، وإن انفرد برؤيته بين الرفقة أو في قرية صغيرة ونحو ذلك)). [كتاب الصيام من شرح عمدة الأحكام،
١/ ١٣٢، ومجموع الفتاوى له، ٢٥/ ١١٧، وبه يقول شيخنا ابن باز كما تقدم في متن هذه الرسالة].
المسألة الثانية: من رأى هلال شهر شوال ولم تقبل شهادته فعلى قولين:
القول الأول: يلزمه الصوم ولا يفطر إلا مع الناس، وهذا مذهب الإمام أحمد، وبه قال مالك والليث، وهو مذهب الجمهور، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخنا ابن باز، وأنه يجب عليه أن يصوم ويفطر مع الناس.
القول الثاني: يجب عليه الفطر سراً، وبه قال الشافعي وغيره.
[انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، ٢٥/ ١١٧، وسبل السلام للصنعاني، ٢/ ٧٢، وتهذيب السنن لابن القيم، ٣/ ٢١٤، وفتاوى ابن باز، ١٥/ ٧٢. والمغني لابن قدامة، ٤/ ٤٢٠، والروض المربع مع تعليق الطيار ومن معه، ٤/ ٢٨١.

<<  <   >  >>