للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عائشة وحفصة رضي الله عنهما زوجي النبي - صلى الله عليه وسلم - موقوفاً عليهما، قالتا: ((لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر)) (١).

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما موقوفاً عليه، قال: ((إذا لم يُجمع الرجل الصوم من الليل فلا يصُمْ) وفي لفظ: ((لا يصوم إلا من أجمع الصيام من الليل)) (٢)؛ ولهذه الأحاديث لابد على الصحيح من تبييت النية في صوم أيام رمضان فينوي ويجزم في أول ليلة من ليالي رمضان: أن يصوم رمضان كله، ثم ينوي كل ليلة أن يصوم غداً، وكذلك صيام الفرض من قضاء رمضان، والنذر والكفارات لا بد من أن ينوي الصيام ويبيّته ليلاً، كل ليلة (٣) (٤)، وهذا هو الموافق لظاهر حديث حفصة،


(١) النسائي، كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك، برقم ٢٣٤٠، ومو طأ الإمام مالك، كتاب الصيام، باب من أجمع الصيام قبل الفجر، ١/ ٢٨٨، وصححه الألباني موقوفاً، في صحيح سنن النسائي، ٢/ ١٥٠.
(٢) النسائي، كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك، برقم ٢٣٤١، ورقم ٢٣٤٢، وموطأ الإمام مالك، كتاب الصيام، باب من أجمع الصيام قبل الفجر، ١/ ٢٨٨، وصححه الألباني موقوفاً، في صحيح سنن النسائي، ٢/ ١٥٠.
(٣) انظر: المغني لابن قدامة،٤/ ٣٣٧،والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، ٧/ ٣٩٥، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ١٠/ ٢٤٤ - ٢٤٦، ومجموع فتاوى ابن باز، ١٥/ ٢٥١ - ٢٥٢.
(٤) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في وقت نية الفرض في رمضان والصوم الواجب على النحو الآتي:
القول الأول: لايجزئ صيام فرض حتى ينويه بقلبه في أي وقت من الليل، فلا بد في صيام رمضان، والكفارات، والنذر، وكل صوم واجب: أن ينوي من كل ليلة ولو من أولها بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وبهذا قال الإمام أحمد، ومالك والشافعي؛ لحديث حفصة، وعائشة، وابن عمر - رضي الله عنهم - المذكور آنفاً.
القول الثاني: يجزئ صيام رمضان وكل صوم واجب بنية من النهار، وبهذا قال الإمام أبو حنيفة؛ لحديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: ((من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه ومن أصبح صائماً فليصم))، قالت: فكنا نصومه بعد، ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللُّعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار))، وفي رواية مسلم: ((فكنا بعد ذلك نصومه ونصوِّم صبياننا الصغار منهم، إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم ... ))، وفي لفظ: ((ونضع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يتمُّوا صومهم/ح)). [البخاري، برقم ١٩٦٠، ومسلم، برقم ١١٣٦]؛ ولحديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من أسلم يوم عاشوراء فأمره أن يؤذن في الناس: ((من كان لم يصم فليصم، ومن كان أكل فليتم صيامه إلى الليل)). [مسلم، برقم ١١٣٥]؛ ولحديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها نهاراً فسألها عن طعام، فلم يجد فقال: ((إني إذاً صائم)). [وسيأتي تخريجه إن شاء الله قريباً].

<<  <   >  >>