للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت الزوجة معتدةً من وطءٍ شبهةٍ غير مطاوعة للواطئ (١).

وقوله: ما لا غنى لزوجته عنه، يعني (من مأكلٍ ومشربٍ وملبسٍ ومسكنٍ بالمعروف) لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر: "ولهنَّ عليكُمْ رِزْقُهُنَّ وكِسْوتهنَّ بالمعروف" (٢).

(ويعتبرُ الحاكم) تقديرَ (ذلكَ إن تنازعا) أي الزوج الزوجة، في قدر ذلك، أو صفته. (بحالهما) أي حال الزوجين في يَسارِهما، وإعسارهما، ويسار أحدِهما وإعسار الآخر. وكان النظر يقتضي أن يُعْتَبَر ذلك بحال الزوجةِ دون الزوج، لأن النفقة والكسوة لها، بحق الزوجيّة، فكانت معتبرة بها، كمهرها. لكنْ قال الله سبحانه وتعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} فأمَرَ الموسرَ بالسعة في النفقة، ورَدّ الفقير إلى استطاعته. فلذلك اعتبرنا حال الزوجين في قدْرِ الواجب، وجنسه، رعايةً لكلا الجانبين، وأما كون ذلك موكولاً إلى اجتهاد الحاكم فلأنه أمرٌ يَختلِف باختلافِ حال الزوجين، فرُجِعَ فيه إلى اجتهاد الحاكم، كسائر المختلفات.

فيفْرِضُ للموسرةِ مع موسرٍ كفايَتها خبزاً خالصاً بأدمِهِ المعتادِ لمثلِها في تلك البلدة. ويفرِض لها أيضاً لحماً عادةَ الموسرين ببلدة الزوج والزوجة التي هما بها. وتنقل زوجة متبرِّمَةٌ من أدم إلى غيره من الأدم.

ولا بد للزوجة من ماعونِ الدار. ويكتفى منه بخزفٍ وخشب. والعدْلُ ما يليق بها، وما يلبس مثلها من حريرٍ وخزٍّ وجيِّدِ كَتَّانٍ وجيّد قطنٍ على ما جرت به عادة مثلها من الموسرات في ذلك البلد. وأقلُّ ما


(١) أي لأن للزوج أن يستمتع منها بما يحل للصائم. فإن طاوعت عالمة فلا نفقة لها.
(٢) حديث "اتقوا الله في النساء، فإنهنّ عَوَانٍ عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم وأبو داود. وهو قطعة من حديث جابر الطويل في وصف حجة الوداع.

<<  <  ج: ص:  >  >>