للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: وإن ادعى صياله بلا بيّنةٍ ولا إقرارٍ لم يصدّق. ولم يذكر ذلك في الفروع (١).

(ويجب) على من أريدت حرمته (أن يدفَعَ عن حريمِهِ) فمن رأى مع امرأتِهِ أو ابنتِهِ أو أختِهِ أو نحوهنّ رجلاً يزني بها، أو رجلاً يلوط بابنه، أو نحوِهِ، وجب عليه قتلُهُ إن لم يندفعْ بدونه، لأنه اجتمَعَ فيه حق الله تعالى، وهو منعه من الفاحشةِ، وحقُّ نفسِهِ بالمنع عن أهلِهِ، فلا يسعه إضاعةُ هذه الحقوق.

(و) يجب على كل مكلف أن يدفع عن (حريمِ غيرِهِ).

(وكذا) يجب على الإِنسان الدفع (في غير الفتنة عن نفسِهِ ونفسِ غيرِهِ) على الأصح لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التّهْلُكَةِ} وكما يحرم عليه قتل نفسِهِ، يحرُم عليه إباحةُ قتل نفسِه. ولأنه قدر على إحياء نفسه فوجب عليه فعل ما تبقى معه الحياة، كالمضطر إذا وجد الميتة.

(و) كذا (ماله) يعني وكذا يجب عليه الدفع عن مالِهِ، أي مال غيره، لئلا تذهب الأموال.

تنبيه: إنما يجب الدفع عن حرمة غيرِهِ، أو مال غيرِهِ، مع ظنّ سلامة الدافع والمدفوع عن حرمته أو ماله، وإلا حَرُمَ.

(لا مالُ نفسِهِ) يعني أنه لا يجب على إنسان دفع من أراد ماله على الأصح، لأنه ليس فيه من المحذورِ ما في النفس، فإن المالَ لا حرمةَ له كحرمةِ النفسِ، فلا يجب عليه أن يفعل بسبب المال ما فيه الخطَرُ على نفسه، لأنه ربما لا يمكنه دفع الصائل بدون القتال، ولا يأمنُ أن يقتله الصائل، فناسَبَ ذلك عدمَ وجوبه عليه.


(١) لم يصرّح بالحاجة إلى البينة في صيال إنسان، لوضوحه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو يعطى الناس بدعواهم لأدعى قوم دماء رجل وأموالهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>