للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا يلزمه) أي لا يلزم ربَّ المال (حفطُهُ عن الضَّياع والهلاكِ) قال في الفروع: ولا يلزمه عن ماله على الأصح، كما لا يلزمه حفظه عن الضياعِ والهلاك. ذكره القاضي وغيرُه. وفي التبصرة، في الثلاثة: يلزمه في الأصح انتهى.

وله بذل مالِهِ لمن أراده منه على وجه الظلمِ. وذكر القاضي: أن بذلَهُ أفضل من الدفع عنه (١). وأن حنبلاً نقله عن أحْمَد.


(١) في هذا نظر، فقد أثنى الله تعالى على الذين يدفعون البغي عن أنفسهم، وجعل ذلك من صفات المؤمنين، بقوله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} فكيف يكون الذين لا ينتصرون لحقوقهم من ظالميهم أفضل؟ وما يأتي بعد ذلك من قوله تعالى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} إنما ذلك بعد القدرة على الظالم وإدخاله تحت نير الحق وإقراره وتوبته. وهل كانت كثير من غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لأخذ الحقوق ممن اغتصبها أو فرّ بها. ولعل مراد الإِمام أحمد رحمه الله أنه يترك الدفِع عن ماله إن غلب علي ظنه أنه يُقْتَل. أما حيث يستطيع فلا يكون الترك أفضل، قطعاً. وسيأتي في المتن حالاً شأنُ البغاة، يقول الله فيهم {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} والأمران بابهما واحد. ومن بُغِيَ عليه في اليسير فسكت يوشك أن يبغى عليه في الكثير، حتى يكون عبد العصا، وتضرب عليه الذلة والمسكنة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>