للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويثبتُ: دلالةً، فعبدٌ رآهُ سيِّدُهُ يبيعُ ويشترى وسكتَ مأذونٌ، وصريحاً، فلو أذنَ مطلقاً صحَّ كلُّ تجارةٍ منه، فيبيعُ ويشتري، ولو بغُبْنٍ فاحش، ويوكِّل بهما، ويرهن، ويرتهن، ويتقبَّلُ الأرض، ويأخذُها مزارعةً ويشتري بذراً يزرعُه، ويشاركُ عناناً، ويدفعُ

فإنَّهُ إذنٌ بشراءٍ ما لا بدَّ لهذا العملِ فيعمّ، وكذا إذا قيل: أدّ إليَّ الغُلَّةَ كلَّ شهرٍ كذا، بخلافِ ما إذا أُذِنَ بشراءِ شيءٍ معيَّن، فإنَّ هذا استخدامٌ لا إذن.

(ويثبتُ: دلالةً، فعبدٌ رآهُ سيِّدُهُ يبيعُ ويشترى وسكتَ مأذونٌ) (١)، هذا عندنا خلافاً لزفرَ - رضي الله عنه - والشَّافعي (٢) - رضي الله عنه -، وإنِّما يكونُ مأذوناً دفعاً للغرور، (وصريحاً (٣)، فلو أذنَ مطلقاً صحَّ كلُّ تجارةٍ منه) إجماعاً، فإنَّ تخصيصَ الشَّيءَ بالذكرِ في الرِّواياتِ إن دلَّ على نفي الحكمِ عمَّا عداهُ فتعميمُ التِّجارةِ إجماعاً يختصُّ بما إذا أطلق، أمَّا إذا قيَّدَ فعندنا يَعُمُّ التِّجاراتِ خلافاً للشَّافعيّ - رضي الله عنه -.

(فيبيعُ ويشتري، ولو بغُبْنٍ فاحش)، ولا يصحُّ عندهما بغبنٍ فاحشٍ؛ لأنَّهُ تبرُّعٌ (٤) دلالة (٥)، وله: إنَّهُ من بابِ التَّجارة (٦)، (ويوكِّل بهما، ويرهن، ويرتهن، ويتقبَّلُ الأرض): أي يأخذُها قبالةً بالاستئجارِ والمساقاة، (ويأخذُها مزارعةً ويشتري بذراً يزرعُه، ويشاركُ عناناً)، إنَّما قال: عناناً احترازاً عن المفاوضة، (ويدفعُ


(١) لكن إذنه لا يكون إجازة لما اشتراه قبل الإذن وإن أجاز بالإذن أشريته وبياعاته؛ وذلك لأن الأذن وأشريته في المستقبل بعد الأذين لا فيما مضى. ينظر: «المحيط» (ص ٣٦).
(٢) ينظر: «النكت» (ص ٥١٠)، وغيرها.
(٣) كما إذا قال الرجل لعبده أذنت لك في التجارات يصير مأذوناً في التجارات كلها، وهذا بلا خلاف؛ لأن المولى أدخل اللام في التجارات وأنه يفيد استغراق الجنس إذا لم يكن ثمة معهود، وتمامه في «المحيط» (ص ٩١).
(٤) أي بمنْزلةِ التبرُّع؛ لأنّ البيعَ بالغبن الفاحشِ خلافُ المقصود، إذ المقصود بالبيعِ الاسترباح دون الإتلاف، فكان بمنْزلةِ التبرُّع؛ ولهذا اعتبرَ من المريض من الثلث، وما هو خلاف المقصود لا ينتظمه الإذن بالمقصود. ينظر: «العناية» (٩: ٢٨٧).
(٥) زيادة من ف.
(٦) لأن العبدُ متصرِّفٌ بأهليّة نفسه، فصار كالحرّ، وعلى هذا الخلافِ الصبيّ المأذون. ينظر: «الهداية» (٤: ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>