للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب المساقاة]

هي دفعُ الشَّجرِ إلى مَن يصلحُهُ لجزءٍ من ثمرِه، وهي كالمزرعةِ حكماً، وخلافاً، وشروطاً، الإَّ المدَّة؛ فإنِّها تصحُّ بلا ذكرِها، وتقعُ على أوَّلِ ثمرٍ يخرج، وإدراكُ بِذْرِ الرَّطبةِ كإدراك الثَّمر

[كتاب المساقاة]

(هي دفعُ الشَّجرِ إلى مَن يصلحُهُ لجزءٍ من ثمرِه، وهي كالمزرعةِ حكماً، وخلافاً، وشروطاً)، فإنَّ حكمَ المساقاةِ حكمُ المزارعةِ في أنَّ الفتوى على صحَّتِها، وفي أنَّها باطلةٌ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - خلافاً لهما، وفي أنَّ شروطَها كشروطِها في كلِّ شرطٍ يمكنُ وجودُها في المساقاة، كأهليَّةِ العاقدين، وبيانِ نصيبِ العامل، والتَّخليةِ بين الأشجارِ وبين العامل، والشَّركةِ في الخارج، فأمَّا بيانُ البذرِ ونحوِه، فلا يمكنُ في المساقاة، وعند الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه - المساقاة جائزة، والمزارعةُ إنِّما تجوزُ في ضِمْنِ المساقاة؛ لأنَّ الأصلَ هو المضاربة، والمساقاةُ أشبهه بها؛ لأنَّ الشَّركةَ في الرِّبح فقط، وفي المزارعةِ لا تجوزُ الشَّركة في مجرَّدِ الرِّبح، وهو ما زادَ على البذر.

(الإَّ المدَّة؛ فإنِّها تصحُّ بلا ذكرِها)، استحساناً؛ فإنَّ لإدراكِ الثَّمر وقتاً معلوماً، (وتقعُ على أوَّلِ ثمرٍ يخرج، وإدراكُ بِذْرِ الرَّطبةِ (٢) كإدراك الثَّمر)، الرَّطبةُ بالفارسية: سيست تر، فإنَّه إذا دَفَعَ الرَّطبة مساقاةً لا يشترطُ بيان المدَّة، فيمتدُّ إلى إدراكِ بذر الرَّطبة؛ فإنَّه كإدراكِ الثَّمرِ في الشَّجر.

أقول: الغالبُ أنَّ البذرَ فيها غيرُ مقصود، بل يُحْصَدُ في كلِّ سنةٍ ستَّ مرَّات أو أكثر، فإن أريدَ البذرُ يحصد مرَّة، ويتركُ في المرَّة الثَّانية إلى أن يُدْركَ البذرَ ففيما لا يؤخذُ البذر ينبغي أن يقعَ على السنة الأولى: أي على السنة التي تنتهي الرَّطبة فيها بعد العقد.


(١) ينظر: «التنبيه» (ص ٨٢)، وغيره.
(٢) الرَّطبة؛ بالفتح: الاسفست، وفي (كتاب العشر): البقول غير الرطاب، فإنّما البقولُ مثل الكرَّاثّ، ونحو ذلك، والرِّطاب هو: القِثَّاء، والبطيخ، والباذنجان وما يجري مجراه، والأوّل هو المذكور فيما عندي من كتب اللغة فحسب. ينظر: «المغرب» (ص ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>