للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الذبائح]

حَرُمَ ذبيحةٌ لم تذكَّ، وذكاةُ الضَّرورةِ جرحٌ أين كان من البدن، والاختيارُ ذبحٌ بين الحلقِّ واللَّبة، وعروقُهُ: الحلقوم، والمريء، والودجان، فلم يَجُزْ فوقَ العقدة

[كتاب الذبائح]

(حَرُمَ ذبيحةٌ لم تذكَّ)، أرادَ بالذبيحةِ حيواناً من شأنِهِ الذَّبحُ حتَّى يخرجَ السَّمكُ والجراد؛ إذ ليس من شأنِهما الذَّبح، وإنِّما حملْناهُ على ذلك لا على المعنى الحقيقيّ، إذ لو حُمِلَ على المعنى الحقيقي لكان المعنى حرم مذبوحٌ لم يذكَّ: أي لم يذكرْ اسمُ الله تعالى عليه، فلا يتناولُ حرمةَ ما ليس بمذبوح: كالمتردِّية، والنَّطيحة، ونحوهما، ولا ما إذا قَطَعَ من الحيوانِ الحيِّ عضو، وإذا حُمِلَ على المعنى المجازيّ، وهو ما من شأنِهِ أن يذبحَ يتناولُ الصُّورَ المذكورة.

ثُمَّ فَسَّرَ التَّذكيَّة بقوله: (وذكاةُ الضَّرورةِ جرحٌ أين كان من البدن، والاختيارُ ذبحٌ بين الحلقِّ واللَّبة)، اللَّبْةُ: المنحر من الصَّدر، (وعروقُهُ: الحلقوم، والمريء، والودجان (١)) الحلقومُ: مجرى النَّفس، والمريء: مجرى الطَّعام والشَّراب، وفي «الهداية» (٢) عكسُ هذا، وهو سهوٌ من الكاتبِ أو غيرِه، (فلم يَجُزْ فوقَ العقدة) والبعضُ (٣)

أفتوا


(١) الودجان؛ والودج والوداج: عرقٌ في العنق، وهما ودجان؛ أي عرقان، تحرّك فيهما الدم. ينظر: «الصحاح» (٢: ٦٧٤)
(٢) عبارة «الهداية» (٤: ٦٥): أما الحلقوم فيخالف المريء، فإنه مجرى العلف والماءن والمريء مجرى النفس.
(٣) دار اختلاف في هذه المسألة بين علماء المذهب:
فمنهم من أجاز مطلقاً سواء كان كان الذهب في وسطه أو أعلاه أو أسفله، وهو رواية الرستغفني وعليه مشى صاحب «درر الحكام» (٢: ٢٧٦) و «الملتقى» (٢: ٥١٠)، والحصكفي في «الدر المختار» (٥: ١٨٦).
ومنهم من جزم أنه لا بد أن يكون الذبح تحت العقدة، وعليه مشى المصنِّف والشارح وابن كمال باشا في «الإيضاح» (ق ١٥١/ب)، والزيلعيّ في «التبيين» (٥: ٢٩٠).

وحرر ابن عابدين في «رد المحتار» (٥: ١٨٧) المسألة فقال: والتحرير للمقام أن يقال: إن كان بالذبح فوق العقدة حصل قطع ثلاثة من العروق، فالحقّ ما قاله شرّاح «الهداية» تبعاً للرستغني، وإلا فالحق خلافه إذا لم يوجد شرط الحل باتفاق أهل المذهب، ويظهر ذلك بالمشاهدة أو سؤال أهل الخبرة، فاغتنم هذا المقال ودع عنك الجدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>