للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

عاش المؤلِّفُ والشارحُ في الوقت الذي سيطرَ فيه المغولُ على بلاد ما وراء النهر وعاثوا فيها فساداً ودماراً ولا سيما بخارا؛ إذ خربت على يد جنكيزخان عام (٦١٦ هـ)، قال ابن بطوطة (١) عنها: كانت بُخارا قاعدة ما وراء نهر جيحون من البلاد التي خرَّبها جنكيز التتريّ، فمساجدُها الآن ومدارسُها وأسواقُها خربةً إلاَّ القليل، وأهلُها أذلاّء، وشهادتهم لا تقبل بخوارزم وغيرها؛ لاشتهارهم بالتعصّب ودعوى الباطل وإنكار الحقّ، وليس بها اليوم مَن يُعَلِّم الناس شيئاً من العلم ولا مَن له عناية به. انتهى (٢).

ثمَّ أعيد بناؤها على يد أوكيدى خان، وهو الابن الثالث لجنكيز خان وولي عهده، جلس على العرش بعد أبيه سنة (٦٢٤ هـ)، وفي سنة (٦٣٦ هـ) ثار الشعب ضد المغول وطبقة الملاك، ولكن هذه الثورة أخمدت، وفي سنة (٦٧١ هـ) فتح مغول فارس بخارا وظلّوا يعملون فيها السلب والنهب سبعةَ أيّام متواصلة، فدبّ فيها الخراب وتمّ تخريبها بعد ذلك بثلاثة أعوام على يدي الأميرين جوبه وقان، وهما من الأتراك الجغتاي، وظلّت سبعة أعوام لا تدب فيها نسمة، وفي عام (٦٨٢ هـ) أعاد تعميرها الأمير قيدومسعود بك وجلب إليها السكان، وفي (٧١٦ هـ) أغار عليها مغول فارس مرّة أخرى وأخرجوا أكثر أهلها وأسكنوهم إقليم جيحون مرغمين (٣).


(١) كانت رحلة ابن بطوطة لبخارا في أوائل القرن الثامن. وابن بطوطة: هو محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي، أبو عبد الله، المعروف بابن بطوطة، طاف البلاد واتصل بكثير من الملوك والأمراء ومدحهم، وكان ينظم الشعر، واستعان بهباتهم على أسفاره، واستغرقت رحلاته (٢٧) سنة، من مؤلفاته: «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، (٤٠٣ - ٧٧٩ هـ). ينظر: «الدرر الكامنة» (٣: ٤٨٠ - ٤٨١). «إيضاح المكنون» (١: ٢٦٢). «هدية العارفين» (٢: ١٦٩).
(٢) من «رحلة ابن بطوطة» (١: ٢٣٧).
(٣) ينظر: «مقدمة تاريخ بخارا» (ص ١١). و «علماء النظاميات» (ص ١١٥ - ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>