للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الجنايات]

القتلُ العَمَد: ضربُهُ قصداً بما يفرِّقُ الأجزاءَ كسلاحٍ ومحدَّدٍ من خشبٍ أو حجرٍ أو لِيْطة ونار، وبهِ يأثم، ويجبُ القَوَدُ عيناً لا الكفَّارة، وشبه العمدِ: ضربُهُ قصداً بغيرِ ما ذكر

[كتاب الجنايات]

اعلمْ أنَّ القتلَ على خمسةِ أنواع: عمدٍ، وشبهِ عَمْد، وخطأ، وجارٍ مجرى الخطأ، والقتلِ بسبب، فبيَّن هذه الأنواعَ بأحكامها فقال:

(القتلُ العَمَد: ضربُهُ قصداً بما يفرِّقُ الأجزاءَ كسلاحٍ ومحدَّدٍ من خشبٍ أو حجرٍ أو لِيْطة (١) ونار)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما وعند الشَّافعيِّ (٢) - رضي الله عنه -: ضربُهُ قصداً بما لا يطيقه البِنْية (٣)، حتى إن ضربَه بحجرٍ عظيمٍ أو خشبٍ عظيم، فهو عمد، (وبهِ يأثم، ويجبُ القَوَدُ عيناً)، هذا عندنا خلافاً للشَّافعيِّ (٤) - رضي الله عنه -، فإنَّ القَوَدَ غيرُ متعيِّنٍ عنده، بل الوليُّ مخيَّرٌ بينَ القَوَدِ وأخذِ الدّية. لنا: أنّ المالَ إنَّما يجبُ في الخطأ ضرورةَ صيانةِ الدَّمِ عن الهدر، إذ لا مماثلةَ بينه وبين النَّفس، ففي العمدِ لا يجبُ مع احتمالِ المثلِ صورةً ومعنىً، (لا الكفَّارة)، خلافاً للشَّافعيِّ (٥) - رضي الله عنه -، وهو يقول: لَمَّا وجبتْ في الخطأ، فأولى أن تَجِبَ في العمد، ونحن نقول: لا يلزمُ من كونِ الكفَّارةِ ساترةً للخطأ كونُها ساترةً للعمد، وهو كبيرةٌ محضة (٦)

(وشبه العمدِ: ضربُهُ قصداً بغيرِ ما ذكر): كالعصا والسَّوط، أو الحجرِ الصَّغير، وأمَّا الضَّربُ بالحجرِ العظيم، والخشبِ العظيمِ فمن شبهِ العمدِ أيضاً عندَ


(١) لِيْطة؛: قشرُ القصب، ويجوزُ الذبح بها. ينظر: «المغرب» (ص ٤٣٤).
(٢) ينظر: «النكت» (٣: ٣٤٢)، وغيرها.
(٣) البِنْية: البَدَن، بنى الطعام بَدَنه: سمنه، ولحمه: أنبته. ينظر: «القاموس» (٤: ٣٠٧). و «رد المحتار» (٦: ٥٢٨).
(٤) ينظر: «النكت» (٣: ٣٤٦)، وغيرها.
(٥) ينظر: «روض الطالب»، وشرحه «أسنى المطالب» (٤: ٣)، وغيرهما.
(٦) بيانه: أن الكفارة فيما كان دائراً بين الحظر والإباحة والقتل كبيرة محضة لا تليق أن تكون الكفارة ساترة له لوجود معنى العبادة فيها. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٦١٦). «المحيط» (ص ١٢٧ - ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>