للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الغصب]

هو أخذُ مالٍ مُتَقَوَّمٍ محترمٍ بلا إذنِ مالكِه، يزيلُ يده، فاستخدامُ العبد، وحملُ الدَّابة غصبٌ، لا جلوسُهُ على البساط

[كتاب الغصب]

(هو أخذُ مالٍ مُتَقَوَّمٍ محترمٍ بلا إذنِ مالكِه، يزيلُ يده)، فالغصبُ لا يتحقَّقُ في الميتة؛ لأنَّها ليست بمال، وكذا في الحرّ، ولا في خمرِ المسلم؛ لأنَّها ليست بمتقوِّمة، ولا في مالِ الحربيّ؛ لأنَّهُ ليس بمحترم. وقوله: بلا إذنِ مالكِه؛ احترازٌ عن الوديعة، وإنَّما قال: يزيلُ يده؛ لأنَّ عند أصحابِنا هو إزالةَ اليدِ المحقَّةِ بإثباتِ اليدِ المبطلة، وعند الشَّافعيّ (١) - رضي الله عنه - هو إثباتَ اليدِ المبطلة، ولا يشترطُ إزالةُ اليد، قلنا: كلامُنا في الفعلِ الذي هو سببٌ للضَّمان، وهو إزالةُ اليد.

ويتفرَّعُ على هذا مسائلُ كثيرةٍ منها: إنَّ زوائدَ المغصوبِ لا تكونَ مضمونةً عندنا، خلافاً (٢) له؛ لأنَّ إثباتَ اليد متحقِّقٌ بدونِ إزالةِ اليد.

ومنها: الاختلافُ في غصبِ العقار (٣)، وسيأتي (٤).

ومنها: ما قالَ في المتن: (فاستخدامُ العبد، وحملُ الدَّابة (٥) غصبٌ، لا جلوسُهُ على البساط)؛ إذ في الأوَّلَيْن نقلهما من مكانٍ إلى مكان، وفي الآخر: البساطُ على حالِه، ولم يفعلْ فيه شيئاً، يكونُ إزالةً لليد. وقد فُرَّعَ على هذا الاختلاف: تبعيدُ المالك عن المواشي حتى هلكت، وإمساكُ الغيرِ حتى قلعَ الآخرُ ضرسَه، وليسَ هذا التَّفريعُ بمستقيم؛ لأنّ إثباتَ اليدِ لم يوجدْ في هاتَيْن المسئلتَيْن، ثمَّ لا بدَّ أن يزادَ على هذا


(١) ينظر: «تصحيح التنبيه» للنووي (ص ٧٩)، وغيره.
(٢) ينظر: «النكت» (ص ٥٩٥)، وغيرها.
(٣) ينظر: «النكت» (ص ٦٠١)، وغيرها.
(٤) ص ٤٥).
(٥) أي ولو مشتركة، وكذا ركوبها، فيضمنُ نصيبَ صاحبها، ولو ركب فنَزلَ وتركها في مكانها لم يضمن؛ لأنَّ الغصبَ لم يتحقَّق بدون النقل. وينبغي أن يكون الاستخدامُ كذلك، لكن إذا تلفَ بنفس الحمل والركوبِ يضمن، وإن لم يحوِّلْها؛ لوجود الإتلاف بفعله. ينظر: «ردّ المحتار» (٦: ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>