للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحكمُهُ: الإثمُ لمَن عَلِم، وردُّ العينِ قائمة، والغرمُ هالكةً، ويجبُ المثلُ في المثلي: كالمكيل، والموزون، والعددي المتقارب، فإن انقطعَ المثلُ فقيمتُهُ يوم يختصمان

التعريف، لا على سبيلِ الخفية ليخرجَ السَّرقة.

(وحكمُهُ: الإثمُ لمَن عَلِم، وردُّ العينِ قائمة، والغرمُ هالكةً، ويجبُ المثلُ في المثلي: كالمكيل، والموزون، والعددي المتقارب)، اعلمْ أنَّهُ جعلَ هذه الأقسامَ الثَّلاثة مثليَّاً مع أنَّ كثيراً من الموزونات ليسَ بمثلى، بل من ذواتِ القيمِ كالقمقمةِ والقدرِ ونحوهما، فأقول: ليس المرادُ بالوزنيِّ مثلاً: ما يوزنُ عند البيع، بل ما يكون مقابلتُهُ بالثَّمنِ مبيَّناً على الكيلِ أو الوزنِ أو العدد ولا يختلفُ بالصَّنعة، فإنَّهُ إذا قيلَ هذا الشَّيءُ قفيزٌ بدرهم، أو مَنٌّ بدرهم، أو عشرةٌ بدرهم، إنَّما يقال: إذا لم يكنْ فيه تفاوت، وإذا لم يكن فيه تفاوتٌ كانَ مثليَّاً. وإنَّما قلنا: ولا يختلفُ بالصَّنعة؛ حتى لو اختلفَ كالقمقمةِ والقدرِ لا يكونُ مثليَّاً، ثمَّ ما لا يختلفُ بالصَّنعة:

إمَّا غيرُ مصنوع.

وإمَّا مصنوعٌ لا يختلفُ كالدَّراهمِ والدَّنانيرِ والفلوس، فكلُّ ذلك مثلى.

وإذا عرفتَ هذا عرفتَ حكمَ المذروعات، فكلُّ ما يقال: يباعُ من هذا الثَّوبِ ذراعٌ بكذا، فهذا إنَّما يقالُ فيما لا يكونُ فيه تفاوت، وهو ما يجوزُ فيه السَّلَم، فإنَّهُ يعرفُ ببيانِ طولِهِ وعرضِهِ ورقعتِه (١)، وقد فصَّلَ الفقهاءُ المثليَّات وذوات القيم، ولا احتياجَ إلى ذلك، فما يوجدُ له المثلُ في الأسواق بلا تفاوتٍ يعتدُّ به فهو مثليّ، وما ليس كذلك فمن ذوات القيم، وما ذكرَ من الكيليِّ وأخواتِهِ فمبنيٌّ على هذا.

(فإن انقطعَ المثلُ فقيمتُهُ يوم يختصمان)، هذا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -؛ لأنَّ القيمةَ يجبُ يومَ الخصومة، وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه - يجبُ يومَ الانقطاع (٢)؛ لأنَّه حينئذٍ ينتقلُ إلى القيمة، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - يوم تحقُّقِ السَّبب، وهو الغصب، فإنَّه إذا انقطعَ المثلُ


(١) رقعته: أي أصلُه وجوهرُه. ينظر: «الصحاح» (١: ٤٩٩).
(٢) وحدُّ الانقطاع أن لا يوجد في السوق الذي يباعُ فيه وإن كان يوجد في البيوت. ينظر: «الشرنبلالية» (٢: ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>