للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الوديعة]

هي أمانةٌ تركتْ للحفظ، فلا يضمنُها المودَعُ إن هَلَكَتْ، وله حفظُها بنفسِهِ وعيالهِ، والسُّفور بها عند عدم النَّهي والخوف، ولو حُفِظَ بغيرهم ضَمِنَ إلاَّ إذا خافَ الحرقَ أو الغرقَ فوضَعَها عند جارِه، أو في فُلْكٍ آخر. فإن حبسَها بعد طلبِ ربِّها قادراً على التَّسليم، أو جحدَها معه، ثُمَّ أقرَّ بها أو لا

[كتاب الوديعة]

(هي أمانةٌ تركتْ للحفظ، فلا يضمنُها المودَعُ إن هَلَكَتْ): أي بلا تعدٍّ منه.

(وله حفظُها بنفسِهِ وعيالهِ (١)، والسُّفور بها عند عدم النَّهي والخوف): السُّفُور: الخروجُ للسَّفر، فالسُّفورُ (٢) مصدر، والسَّفرُ الحاصلُ بالمصدر، فاختارَ المصدرَ، وإن نُهِي عن السَّفر، أو كان الطَّريق مَخُوفاً، فسافرَ فهَلَكَ المالُ ضَمِن، (ولو حُفِظَ بغيرهم ضَمِنَ إلاَّ إذا خافَ الحرقَ أو الغرقَ فوضَعَها عند جارِه، أو في فُلْكٍ (٣) آخر (٤).

فإن حبسَها بعد طلبِ ربِّها قادراً على التَّسليم، أو جحدَها معه، ثُمَّ أقرَّ بها أو لا): أي جحدَها مع طلب ربِّ الوديعةِ يَضْمَنُ سواء أقرَّ بها بعد الجُحودِ أو لا، وإنِّما قال: مع ربِّ الوديعة؛ لأنَّه إن جحدَها مع غير المالك لا يضمن؛ لأنَّ هذا من بابِ الحفظ، وإن جَهَّلَ المودَعُ الوديعةَ عند الموتِ يصيرُ غاصباً (٥).


(١) العيالُ: أهل البيت، ومن يمونه الإنسانُ الواحد، والمراد بالعيالِ هاهنا زوجةُ المودع وولده ووالداه وأجيره؛ لأنَّ الواجبَ عليه أن يحفظَها حفظَ مال نفسه، وهو يحفظ بعياله؛ ولأنَّ المودعَ لا يمكنه ملازمةُ بيتِهِ لحفظِ الوديعة، ولا استصحابها في خروجه، فلم يكن له بدٌّ من حفظها بمن في عياله. ينظر: «المصباح» (ص ٤٣٨). و «كمال الدراية» (ق ٥٧٢).
(٢) سَفَرْتُ أَسْفُرُ سُفُوراً خرجتُ إلى السَّفر، فأنا سافِرٌ وقومٌ سَفْرٌ. ينظر: «اللسان» (٣: ٢٠٢٤).
(٣) الفُلْكُ: السفينة. ينظر: «المصباح» (ص ٤٨١).
(٤) ولا يصدّق على ذلك إلاَّ ببيّنة؛ لأنّه يدَّعي ضرورةَ مسقطة للضَّمان بعد تحقّق السبب، فصار كما إذا ادّعى الإذن في الإيداع. ينظر: «الهداية» (٣: ٢١٥).
(٥) يعني إنَّ المودَعَ لو جهلَ الوديعةَ عند موته بحيث لا تعرفُ حالُها بأن ماتَ ولم يبيِّن حالَها، فالمودَعُ يصيرُ غاصباً ويضمن، وتصيرُ تلك الوديعة ديناً في تركته، نعم إذا علمَ المودَعُ أنَّ وارثه يعلمُها ولم يبيِّنها فلا ضمانَ عليه. ينظر: «الزبدة» (٣: ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>