للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[فصل فيما يكره]]

وكُرِهَ النَّجَشُ، والسَّوْمُ على سَوْمِ غيرِهِ إذا رضيا بثمن، وتلقِّي الجلب المضرّ بأهلِ البلد

فإنّ أبا يوسفَ - رضي الله عنه - قال لمحمدٍ - رضي الله عنه -: ما رويتُ لك عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - أنَّه يأخذُها بقيمتِها، بل رويتُ أنَّهُ ينقضُ البناء، وقال محمّدٌ - رضي الله عنه -: بل رويتَ الأخذَ بالقيمةِ لكن نسيت. فشكَّ أبو يوسف - رضي الله عنه - في روايتِهِ عن أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، ومحمدٌ - رضي الله عنه - لم يرجعْ عن ذلك، وحملَهُ على نسيانِ أبي يوسف - رضي الله عنه -، فإنَّهُ ذَكَرَ في (كتابِ الشفعة): إن المشتري إن اشترى شراءً فاسداً إذا بَنَى فيها فللشفيعِ الشُّفعةِ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما لا شفعةَ له، وهذا يدلُّ على انقطاعِ حقِّ البائع (١) ببناءِ المشتري عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - خلافاً لهما.

[[فصل فيما يكره]]

(وكُرِهَ النَّجَشُ)، نَجْشُ الصَّيدِ: بسكونِ الجيمِ: إثارتُه، والنَّجشُ جاء بفتح الجيم وسكونِه: وهو أن يساوم سلعةً لا يريدُ شراءها بأكثرَ من قيمتِها ليرى الآخرُ فيقعَ فيه.

(والسَّوْمُ على سَوْمِ غيرِهِ إذا رضيا بثمن (٢)، وتلقِّي الجلب المضرّ بأهلِ البلد)، الجَلَبُ المجلوبُ، فإنَّ المجلوبَ إذا قَرُبَ من البلدِ تعلَّق به حقُّ العامةِ، فيكرَهُ أن يستقبلَ البعضُ ويشتريه، ويمنعُ العامةَ عن شرائه، وهذا إنِّما يُكْرَهُ إذا كان مضرَّاً بأهلِ البلدِ، وقد سمعتُ أبياتاً لطيفةً لمولانا برهانِ الإسلام - رضي الله عنه - فكتبتها أحماضاً (٣)، وهي:

أبو بكرٍ الولد المنتخب … أرادَ الخروجَ لأمرٍ عَجَب

فقال إنِّي عزمت الخروج … لكفتارة هي لي أُمُّ أب

فقلت: أم تسمعن يا بنى … بنهي أَتَي عن تلقِّي الجلب


(١) إذ ثبوتُ حقُّ الشفعةِ مبنيٌّ على انقطاعِ حقِّ البائعِ في الاسترداد، فيكونُ نصَّاً على الاختلافِ في انقطاعِ حقِّ البائعِ بالبناء؛ لأنَّ التنصيصَ على الاختلافِ في الفرعِ يكون تنصيصاً على الاختلافِ في أصلِ ذلك الفرع. ينظر: «زبدة النهاية» (٣: ٥٠).
(٢) قيَّد به؛ لأنهما لو لم يرضيا بثمن فلا بأس به؛ لأنه بيع مَن يزيد. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٣٤٧).
(٣) أي إظهاراً للملاحة والاستطراف. ينظر: «الزبدة» (٣: ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>