للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو بَنَى في دارٍ شراها شراءً فاسداً لَزِمَهُ قيمتُها، وشَكَّ أبو يوسف - رضي الله عنه - فيها

شبهةِ الشُّبْهة. وأيضاً لتداولِ الأيدي تأثيرٌ في رفعِ الحرمةِ على ما عُرِف (١).

(ولو بَنَى في دارٍ شراها شراءً فاسداً لَزِمَهُ قيمتُها، وشَكَّ أبو يوسف - رضي الله عنه - فيها): هذا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وعندهما يُنْقَضُ البناء.

وهذه المسألةُ من المسائلِ (٢) التي أَنْكَرَ أبو يوسفَ - رضي الله عنه - روايتَها عن أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -،


(١) قال في «الدرر» (٢: ١٧٥): إنّ ما ذكرَهُ صدرُ الشريعةِ لا يفيدُ التَّوفيقَ بين كلامَي «الهداية» (٣: ٥٢)، وإنّما يفيدُ دليلاً للمسألة لا يردُ عليه ما يردُ على «الهداية»، فالوجهُ ما قال في «العناية» (٦: ١٠٤): إنّما يستقيمُ على الرِّوايةِ الصَّحيحة لأبي حفص - رضي الله عنه -، وهي أنّها لا تتعيّن لا على الأصح كما في رواية أبي سليمان - رضي الله عنه -، وهو أنّها تتعيّن في البيعِ الفاسد. انتهى. قال صاحب «مجمع الأنهر» (٢: ٦٧ - ٦٨): ويمكنُ الدُّفعِ بوجهٍ آخرٍ وهو أنَّ المرادَ بالعقودِ العقودُ الصحيحة؛ لأنَّ المطلقَ ينصرفُ إلى الكامل، فحينئذٍ عدمُ التعيينِ سواءً كان في المغصوبِ أو ثمنِ المبيعِ بالبيعِ الفاسدِ إنّما هو في العقدِ الثاني، فلا يضرُّ تعيّنه في الأوّل، فعلى هذا ينبغي أن يكون جوابُ صاحبِ «العناية» (٦: ١٠٤) بلا حصر. تدبّر.
(٢) نصُّوا على أنها ستّ مسائل، وذكرها ابن نجيم نقلاً عن السراج الهندي لكن لم يذكر فيها هذه المسألة، وهذه المسائل هي:
الأولى: رجل صلى التطوع أربعاً وقرأ في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين لا غير، روى محمد أنه يقضي أربعاً، وقال أبو يوسف: إنما رويت له ركعتين، واعتمد مشايخنا رواية محمد.
والثانية: مستحاضة توضأت بعد طلوع الشمس تصلي حتى يخرج وقت الظهر، قال أبو يوسف: إنما رويت لك حتى يدخل وقت الظهر.
والثالثة: المشتري من الغاصب إذا أعتق ثم أجاز المالك البيع نفد العتق، قال: إنما رويت لك أنه لا ينفد.
والرابعة: المهاجرة لا عدة عليها ويجوز نكاحها إلا أن تكون حبلى فحينئذ لا يجوز نكاحها، قال: إنما رويت لك أنه يجوز نكاحها ولكن لا يقربها زوجها حتى تضع الحمل.
والخامسة: عبد بين اثنين قتل مولى لهما فعفا أحدهما بطل الدم كلّه عند أبي حنيفة، وقالا: يدفع ربعه إلى شريكه أو يفديه بربع الدية، وقال أبو يوسف: إنما حكيت لك عن أبي حنيفة كقولنا وإنما الاختلاف الذي رويته في عبد قتل مولاه عمداً وله ابنان فعفا أحدهما إلا أن محمداً ذكر الاختلاف فيهما، وذكر قول نفسه مع أبي يوسف في الأولى.
السادسة: رجل مات وترك ابناً له وعبداً لا غير فادّعى العبد أن الميِّت كان أعتقه في صحّته، وادّعى رجل على الميت ألف دينار وقيمة العبد ألف، فقال الابن: صدقتما. يسعى العبد في قيمته وهو حر، ويأخذها الغريم بدينه، وقال أبو يوسف: إنما رويت لك ما دام يسعى في قيمته أنه عبد. ينظر: «البحر الرائق» (٢: ٦٥)، و «العناية» (٦: ١٠٣)، و «النافع الكبير» (ص ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>