للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[فصل اليمين في الأكل والشرب]]

ويتقيَّدُ الأكلُ من هذه النَّخلةِ بثمرِها، وهذا البُرُّ بأكلِهِ قضماً، وهذا الدَّقيقُ بأكلِ خبزِه، فلا يحنثُ لو استفَّهُ كما هو، وأكلُ الشِّواء باللَّحم لا الباذنجان، والجزر، والطَّبيخِ بما طُبِخَ من اللَّحم، والرَّأسِ برأسٍ يُكْبَسُ في التَّنانير ويباعُ في مصره،

دينٌ مستغرقٌ لرقبتِهِ وكسبِهِ لا يحنث؛ لأنَّ هذه الدَّابةَ ليست لزيد، وإن لم يكنْ عليه دينٌ مستغرق، فإن نوى بدابّةِ زيدٍ دابّتَهُ الخاصّة لا يحنث، وإن نَوَى دابّة هي ملكُ زيدٍ أعمُّ من أن تكونَ خاصّةً له، أو تكونَ دابّةُ عبدِه المأذون فحينئذٍ يحنث.

وقال: أبو يوسف - رضي الله عنه - يحنثُ في الوجوهِ كلِّها إذا نواه.

وقال محمَّد - رضي الله عنه -: يحنثُ وإن لم ينو.

[[فصل اليمين في الأكل والشرب]]

(ويتقيَّدُ (١) الأكلُ من هذه النَّخلةِ بثمرِها) (٢)؛ لأنَّ المعنىَ الحقيقيّ مهجور حسَّاً، (وهذا البُرُّ بأكلِهِ قضماً)، هذا عند أبي حنيفة (٣) - رضي الله عنه - خلافاً لهما، بناءً على أن اللَّفْظَ إن كان له معنىً حقيقيٌّ مستعمل، ومعنىً مجازيٌّ متعارف، فأبو حنيفةَ - رضي الله عنه - يرجِّحُ المعنى الحقيقي، وهما يرجِّحان المعنى المجازي، فالمرادُ عندهما أكلُ باطنِه مجازاً، فيحنثُ بأكلِهِ سواءٌ كان بالقضم، أو غيرِه، فيعملانِ بعمومِ المجاز.

(وهذا الدَّقيقُ بأكلِ خبزِه، فلا يحنثُ لو استفَّهُ كما هو): أي يحنثُ بأكلِ ما يُتَّخذُ منه كالخبزِ ونحوِه؛ لأنَّ المعنى الحقيقيّ مهجور، فيرادُ المجازي.

(وأكلُ الشِّواء باللَّحم لا الباذنجان، والجزر، والطَّبيخِ بما طُبِخَ من اللَّحم، والرَّأسِ برأسٍ يُكْبَسُ في التَّنانير ويباعُ في مصره) (٤)، عملاً بالعرف، فإنَّ الأيمانَ مبنيَّةٌ


(١) في ج و ف و ق: ويقيد، وت و ص: تقيد.
(٢) وكذا دبسها غير المطبوخ؛ لأنه أضاف اليمين إلى ما لا يؤكل فينصرف إلى ما يخرج منها بلا صنع أحد تجوّزاً باسم السبب، وهو النخلة في المسبب، وهو الخارج؛ لأنها سبب فيه لكن شرط أن لا يتغيَّرَ بصفة حادثة. ينظر: «مجمع الأنهر» (١: ٥٥٦ - ٥٥٧).
(٣) حتى لو أكل من خبزه لا يحنث عنده.
(٤) فلا يدخل رأس الجراد والعصفور ونحوهما تحته، وكان أبو حنيفة يقول أولاً يدخل فيه رأس الإبل والبقر والغنم، ثم رجع فيه إلى رأس البقر والغنم خاصة، وعندهما في رأس الغنم خاصة. فعلم أنه اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان. ينظر: «شرح ملا مسكين» (ص ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>