للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[باب الاختلاف في الشهادة]]

وشرطُ موافقة الشَّهادة للدعوى كاتّفاق الشاهدينِ لفظاً ومعنىً عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، فتردُّ إن شَهِدَ أحدُهما بألفٍ، والآخرُ بألفين، أو بمئة ومئتين، أو طلقةً وطلقتين أو ثلاث

[[باب الاختلاف في الشهادة]]

(وشرطُ موافقة الشَّهادة للدعوى (١)

كاتّفاق الشاهدينِ لفظاً (٢) ومعنىً عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -)، فإنّ عندهما لا يشترط اتفاقهما لفظاً ومعنىً، بل يكفي اتفاقهما معنىً، (فتردُّ إن شَهِدَ أحدُهما بألفٍ، والآخرُ بألفين، أو بمئة ومئتين، أو طلقةً وطلقتين أو ثلاث): أي شَهِدَ أحدُهما بمئةٍ والآخرُ بمئتين، أو شَهِدَ أحدُهما بطلقةٍ


(١) هذا الباب مبنيٌّ على أصول مقرَّرة:
منها: أن الشهادة على حقوق العباد لا تقبل بلا دعوى، بخلاف حقوقه تعالى.
ومنها: أن الشهادة بأكثر من المدعى باطلة، بخلاف الأقل للاتفاق فيه.
ومنها: أن الملك المطلق أزيد من المقيد لثبوته من الأصل والملك بالسبب مقتصر على وقت السبب.
ومنها موافقة الشهادتين لفظا ومعنى، وموافقة الشهادة الدعوى معنى فقط، لذا قال يعقوب باشا في «حاشيته» (ق ١٢٨/ب): إن المعتبرَ في الاتِّفاقِ بين الدَّعوى والشهادةِ هو الاتِّفاقُ في المعنى، والموافقةُ بين لفظيهما، فليست بشرطٍ بالاتّفاق، ألا ترى أنَّ المدَّعي يقول: ادَّعى عليَّ غريمي هذا، والشاهد يقول: أشهدُ بذلك، ففي عبارة المتنِ نوعٌ قصورٍ لا يخفى. وينظر: «الدرر» (٢: ٢٨٤)، و «مجمع الأنهر» (٢: ٢٠٥).

وأجاب صاحب «الزبدة» ٣: ١٦٤) بقوله: ليس المرادُ تشبيهُ موافقةِ الشهادةِ للدعوى باتِّفاق الشاهدين، في الاتّفاق لفظاً ومعنىً معاً، بل في مطلق الاتّفاق، فلا يظهر قصورُ العبارة ومخالفةُ أكثرِ الكتب، والتفصيل أنَّ الاختلاف بين الشاهدين ليس كالاختلافِ بين الدَّعوى والشهادة؛ لأنَّ شهادةَ أحدِ الشاهدين ينبغي أن يكون مطابقةً لشهادةِ الآخر في المعنى، وفي لفظ: لاُ يوجبَ اختلاف المعنى، وأمَّا المطابقة بين الدَّعوى والشهادةِ فينبغي أن تكونَ في المعنى فقط، ولا عبرةَ باللفظ. ويوافقه أن كثيراً من أصحاب الكتب لم يعترضوا على عبارتها.
(٢) المرادُ بالاتِّفاق في اللفظ: تطابقُ اللفظين على إفادةِ المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمّن، حتى لو ادّعى رجل بمئةِ درهم، فشهدَ شاهد بدرهم، وآخر بدرهمين، وآخر بثلاثة، وآخر بأربعة، وآخر بخمسة لم تقبل عنده؛ لعدم الموافقةِ لفظاً، وعندهما: يقضي بأربعة؛ لاتّفاق الشاهدين الآخرين فيها معنى. ينظر: «المنح» (ق ٢: ١٣٤/أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>