للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكفى للتَّزكية: هو عدلٌ في الأصحّ، ولا يصحُّ تعديلُ الخصمِ؛ بقوله: هو عدلٌ أخطأَ أو نسيَ، فإن قال: عَدْلٌ صَدَق، ويَثْبُتُ الحقّ. وكَفَى واحدٌ للتَّزكية وترجمةِ الشَّاهدِ والرِّسالةِ إلى المُزَكِّي، والاثنان أحوط.

[[فصل في بيان أنواع ما يتحمله الشاهد]]

ولِمَن سمعَ بيعاً، أو إقراراً، أو حكم قاض، أو رأى غصباً، أو قتلاً أن يشهدَ به

(وكفى للتَّزكية: هو عدلٌ في الأصحّ)، فإنَّهُ قد قيل: لا بُدَّ أن يقولَ: هو عدلٌ جائزُ الشَّهادة، لكنَّ الأصحَّ هو الأَوَّل؛ لأنَّ الحريّةَ تَثْبُتُ بدارِ الإسلام، فإذا قال: هو عدل، يكونُ جائزُ الشَّهادة، (ولا يصحُّ (١) تعديلُ الخصمِ (٢)؛ بقوله: هو عدلٌ أخطأَ أو نسيَ (٣)، فإن قال: عَدْلٌ صَدَق، ويَثْبُتُ الحقّ (٤).

وكَفَى واحدٌ للتَّزكية وترجمةِ الشَّاهدِ والرِّسالةِ إلى المُزَكِّي، والاثنان أحوط) (٥)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، وأمَّا عند محمَّدٍ - رضي الله عنه - يَجِبُ الاثنان، وهذا في تزكيةِ السِّرّ، أمَّا في تزكيةِ العلانية، فقد قال الخَصَّافُ - رضي الله عنه -: يَجِبُ الاثنانِ إجماعاً؛ لأنَّها في معنى الشَّهادة، حتَّى لا يصحَّ تزكيةُ العلانيةِ من العبد، ولا بُدَّ أن يكونَ المزكِّي عدلاً، فلا تُقْبَلُ تزكيةُ الفاسقِ ومستورِ الحال.

[[فصل في بيان أنواع ما يتحمله الشاهد]]

(ولِمَن سمعَ بيعاً، أو إقراراً، أو حكم قاض، أو رأى غصباً، أو قتلاً أن يشهدَ به،


(١) هكذا قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - ومراده على قول من يرى السؤال عن الشهود، وأما على قوله فلا يتأتى ذلك؛ لأنه لا يرى السؤال عنهم. ينظر: «الرمز» (٢: ١٠١).
(٢) يشملُ المدَّعي والمدَّعى عليه، وإن كان المراد في كلامهم المدَّعى عليه، وهو الظاهرُ فعدمُ صحَّته من المدَّعي بالأولى. ينظر: «المنح» (ق ٢: ١٢١/ب).
(٣) وكذا لو قال: هم عدول ولم يزد عليه حيث لا يلزمه شيء؛ لأنهم مع كونهم عدولاً يجوز منهم النسيان والخطأ، فلا يلزم من كونه عدلاً أن يكون كلامه صواباً. ينظر: «الدرر» (٢: ٣٧٣).
(٤) أي باعترافه فيقضى بإقراره لا بالبينة عند الجحود. ينظر: «الدر المنتقى» (٢: ١٩٠).
(٥) يعني يصلحُ الواحدُ أن يكون مزكّياً للشاهدِ ومترجماً عن الشاهد، ورسولاً من القاضي إلى المزكِّي عند الشيخين؛ لأنَّ التزكيةَ من أمور الدين فلا يشترط فيها إلاَّ العدالة، حتى تجوز تزيكةُ العبدِ والمرأة والأعمى والمحدود في قذفٍ إذا تاب؛ لأنّ خبرَهم مقبولٌ في الأمور الدينيّة، والإثنان أحوط؛ لاَّن في زيادة طمأنينته. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>