للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللبكارةِ، والولادةِ، وعيوبِ النِّساءِ فيما لا يطَّلِعُ عليه الرِّجالُ: امرأة، (ولغيرها: مالاً أو غير مال: كنكاحٍ، ورضاع، وطلاق، ووكالة، ووصية، رجلان أو رجلٌ وامرأتان، (وشُرِطَ للكلِّ العدالةُ، ولفظُ الشَّهادة، فلم يُقْبَلْ إن قال: أعلم، أو أتيقنّ، ولا يسألُ قاضٍ عن شاهدٍ بلا طعنِ الخصمِ إلاَّ في حدٍّ وقَوَد، وقالا: يسألُ في الكلِّ سِرّاً وعلانيةً، وبه يُفْتَى في زماننا، ويكفي سِراً

وللبكارةِ، والولادةِ، وعيوبِ النِّساءِ فيما لا يطَّلِعُ عليه الرِّجالُ: امرأة)، إنِّما قالَ هذا؛ لأنَّ عيوبَ النِّساءِ إذا كانت ممَّا يطَّلعُ عليه الرِّجالِ: كالإصبعِ الزَّائدةِ مثلاً لا يكفي شهادةُ امرأة.

(ولغيرها: مالاً أو غير مال: كنكاحٍ، ورضاع، وطلاق، ووكالة، ووصية، رجلان أو رجلٌ وامرأتان): إنِّما قال: مالاً أو غيرَ مال؛ لأنَّ فيه خلافَ الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه -، فإنَّ غيرَ المالِ لا يُقْبَلُ فيه شهادةُ رجلٌ وامرأتينِ عنده، بل هذا مخصوصٌ بالمال.

(وشُرِطَ للكلِّ العدالةُ (٢)، ولفظُ الشَّهادة)، اعلم (٣) أنَّ العدالةَ شَرْطٌ عندنا لوجوبِ القَبُولِ لا لصحَّةِ القَبُول، فغيرُ العدلِ لا يَجِبُ على القاضي أن يقبلَ شهادتَهُ، أمَّا إن قَبِلَ، وحكمَ به صحَّ حُكْمُه.

(فلم يُقْبَلْ إن قال: أعلم، أو أتيقنّ، ولا يسألُ قاضٍ عن شاهدٍ بلا طعنِ الخصمِ): أي لا يسألُ القاضي ولا يتفحَّصُ أنَّ الشَّاهدَ عدلٌ أو غيرُ عدلٍ إذا لم يطعنِ الخصمُ فيه (إلاَّ في حدٍّ وقَوَد، وقالا: يسألُ في الكلِّ سِرّاً وعلانيةً، وبه يُفْتَى في زماننا، ويكفي سِراً)، فإنَّهُ قد قيل: تزكيةُ العلانيةِ بلاءٌ وفتنةٌ، فإنّ المزكِّيَ إن أعلنَ بمساوئِ الشَّاهدِ يُهَيِّجُ بينهما عداوةً وبغضاءً، وربُّما يمنعُهُ الخوفُ أو الحياء أو غيرهما عن أن يقولَ في الشَّاهدِ ما هو حقّ.


(١) ينظر: «الأم» (٧: ٥١)، و «المنهاج» (٤: ٤٤٢)، و «المحلي» (٤: ٣٢٦)، وغيره.
(٢) العدالة: هي الانزجارُ من المحظورات الدينيّة. ينظر: «التوضيح» (٢: ١٢)
(٣) سيوضح الشارح - رضي الله عنه - ما في عبارة المصنف - رضي الله عنه - من الإجمال في التسوية بين العدالةِ ولفظِ الشهادةِ في الاشتراط تبعاً لصاحب «الهداية» (٣: ١١٨)، وليس كذلك؛ لأنَّ لفظَ الشهادة ركنٌ كصحَّة الأداء، والعدالةُ ليست شرطاً لصحَّة الأداء، بل ظهورها شرطٌ لوجوبِ القضاءِ على القاضي، ولذا قال في «التنوير» (ص ١٥١): والعدالةُ لوجوبهِ لا لصحّته، فلو قضى بشهادة فاسقٍ نفذ. انتهى. وقال في «الهداية» (٣: ١١٨): لو قضى بشهادةِ الفاسقِ يصحُّ عندنا. انتهى. وزادَ في «الفتح» (٦: ٤٥٦): وكانَ القاضي عاصياً. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>