للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[باب في كيفية القتال]]

فإن حوصِروا دعوا إلى الإسلام، فإن أبو، فإلى الجزية، فإن قبلوا، فلهم ما لنا، وعليهم ما علينا

[[باب في كيفية القتال]]

(فإن حوصِروا): أي الكفارُ بأن حاصرَهم المسلمون، (دعوا إلى الإسلام، فإن أبو، فإلى الجزية، فإن قبلوا، فلهم ما لنا، وعليهم ما علينا)، اعلم أنَّه لا يرادُ هذا الحكمُ على العموم، حتى يدلَّ على أنَّه يجبُ عليهم من العباداتِ أو غيرِها ما يجبُ علينا؛ لأنَّ الكفارَ لا يخاطبونَ بالعبادات (١) عندنا (٢)، وأمَّا عند مَن يقولُ بأنَّهم مخاطبون (٣)، فالذِّميُّ وغيرُه في ذلك سواء.

وعند قَبول الجزية لا نأمرُهم بالعبادات، كما نأمر المسلمين، بل يرادُ أنّه يجب لهم علينا ويجب لنا عليهم إذا تعرّضنا لدمائِهم وأموالِهم، أو تعرّضوا لدمائنا وأموالنا ما يجبُ لبعضنا على بعضِ عند التَّعرض؛ وذلك لأنَّ قبل قَبولِ الجزية كنَّا نتعرضُ لدمائِهم وأموالِهم، وكانوا يتعرَّضون لدمائِنا وأموالِنا، فقَبُول الجزيةِ ليس إلاَّ لزوالِ هذا التَّعرض، يؤيِّدُ ذلك أنَّهم جعلوا الدَّليلَ على هذا الحكم قولُ عليّ (٤) - رضي الله عنه - إنِّما بذلوا


(١) معنى أن الكفار مخاطبون بالعبادات أنه يضاعف لهم العذاب بها يوم القيامة، وهذا معنى: أنهم مأمورون بها، وليس أنهم مأمورون بأدائها في الدنيا. ينظر: «فواتح الرحموت» (١: ١٢٨ - ١٣٢)، و «المعتمد» (١: ٢٩٤ - ٣٠٠)، و «نهاية السول مع حاشيته» (١: ٣٦٩ - ٣٨٣)، و «الوجيز» (ص ٦١).
(٢) أي عند البخاريين وبعض مشايخ سمرقند من الحنفية، فهو مذهب جمهور الحنفية، والاسفراييني وعبد الجبار وقال ابن كج: إنه ظاهر مذهب الشافعي، وقال الابياري: إنه ظاهر مذهب مالك، واختاره ابن خويز من المالكية. ينظر: «الميزان» (١: ٣٠٨)، و «حاشية نهاية السول» (١: ٣٧٠)، و «فواتح الرحموت» (١: ١٢٨ - ١٢٩)، وغيرهم.
(٣) وهو قول عامة أهل الحديث والمعتزلة وقول مشايخ العراق من الحنفية والغزالي، وقال في «البرهان»: إنه ظاهر مذهب الشافعي. ينظر: «الميزان» (١: ٣٠٧)، و «المستصفى» (٢: ٧٨)، وغيرها.
(٤) قال صاحب «نصب الراية» (٣: ٣٨١): غريب، ولكنَّه أخرج عن علي - رضي الله عنه - بلفظ: مَن كان له ذمتُنا فدمُهُ كدمِنا وديته كديتنا، في «سنن الدارقطني» (٣: ١٤٧)، و «سنن البيهقي الكبير» (٨: ٣٤)، و «مسند الشافعي» (ص ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>