للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزية؛ ليكون

ولا يقاتَلُ مَن لم تبلغْه الدَّعوة ونُدِبَت لمَن بلغتْهُ فإن أبوا، حوربوا بمنجنيق، وتحريق، وتغريق، ورمي، ولو معهم مسلم وتترَّسوا به بنيَّتهم لا بنيَّته، وقطعِ شجر، وإفسادِ زرع بلا عذر، وغلول، ومُثْلة

دماؤهم كدمائِنا وأموالهم كأموالنا.

(ولا يقاتَلُ مَن لم تبلغْه الدَّعوة ونُدِبَت): أي الدَّعوة: أي نُدِبَ تجديدُ الدَّعوة (لمَن بلغتْهُ فإن أبوا): أي عن الجزية، (حوربوا بمنجنيق، وتحريق، وتغريق، ورمي، ولو معهم مسلم وتترَّسوا به بنيَّتهم لا بنيَّته، وقطعِ شجر، وإفسادِ زرع بلا عذر، وغلول، ومُثْلة).

قال في «الهداية»: الغدر: الخيانة ونقضُ العهد (١).

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «الحرب خدعة» (٢)، فيشتبه على النَّاس التَّفرقةُ بين الغدرِ وبين خدعةِ الحرب.

فأقول: ما دامَ الحربُ قائمةً لا يحرمُ الخداع، بأن نريَهم أنَّا لا نحارِبُهم في هذا اليوم حتَّى أمنوا فنحاربُهم فيه، أو نذهبَ إلى صوبٍ آخر حتَّى غفلوا فنأتيهم بياتاً ونحو ذلك، بخلاف ما إذا جرى بيننا وبينهم قرارٌ على أن لا نتحاربَ في هذا اليوم حتَّى أمنوا، فإنَّه لا تجوزُ المحاربة؛ لأنَّ هذا استئمان وعهد، فالمحاربةُ نقضُ العهد، وهذا ليس من خداعِ الحرب، بل خداعٌ في حالِ السِّلم، فيكون غدراً.

والغلولُ: السَّرقة من المغنم.

والمُثْلَةُ اسمٌ من مَثَلَ به يُمْثَلُ مَثْلاً، كقَتَلَ يُقْتُلُ قَتْلاً: أي نَكَّلَ به: معناه جعلَهُ نكالاً وعبرةً لغيرِه، مثل: قطعُ الأعضاء، وتسويدُ الوجه، يقال: مَثَّلَ بالقتيل: أي قطعَ أنفه، ومُثْلَة العُرْنِيِّين (٣) نسخَتْ بقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَغْلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا» (٤).


(١) انتهى من «الهداية» (٢: ١٣٧).
(٢) في «صحيح البخاري» (٣: ١٣٢١)، و «صحيح مسلم» (٢: ٧٤٦)، وغيرهما.
(٣) حديث العرنيين هو: عن أنس - رضي الله عنه -: (إن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فاجتووها، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فصحوا، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام وساقوا ذود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث في إثرهم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرّة حتى ماتوا) في «صحيح البخاري» (٦: ٢٤٩٥)، و «صحيح مسلم» (٣: ١٢٩٦)، واللفظه له، وغيرهما.
(٤) في «صحيح مسلم» (٣: ١٣٥٧)، و «جامع الترمذي» (٤: ٢٢)، و «صحيح ابن حبان» (١١: ٤٢)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>