للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب المأذون]

الإذنُ فكُّ الحجرِ وإسقاطُ الحقّ، ثمَّ يتصرَّفُ العبدُ لنفسِهِ بأهليتِه، فلم يرجعْ بالعهدةِ على سيِّدِه، ولم يتوقَّت، فعبدٌ أُذِنَ يوماً مأذون حتى يُحْجَرَ عليه، ولم يتخصَّصْ بنوع، فإن أذنَ في نوعٍ عمَّ إذنُهُ في الأنواع

[كتاب المأذون]

(الإذنُ فكُّ الحجرِ وإسقاطُ الحقّ)، اعلمْ أنَّ الأصلَ في الإنسانِ أن يكون مالكاً للتَّصرُّفات، فإذا عرضَ له الرِّقُّ وتعلَّقَ به حقُّ المولى صارَ مانعاً؛ لكونِهِ مالكاً للتَّصرُّف، فإذا أسقطَ المولى حقَّهُ المانعِ عن التَّصرُّفِ وأزالَ حجْرَه: أي منعَه عن التَّصرُّفِ فهو الإذنُ، هذا عندنا، وعندَ الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه - هو توكيلٌ وإنابة.

(ثمَّ يتصرَّفُ العبدُ لنفسِهِ بأهليتِه)، فإنَّهُ ليس بتوكيل، والوكيلُ هو الذي يتصرَّفُ لغيرِه، فقوله: ثمَّ يتصرَّفُ عطفٌ على محذوف، فإنَّ قولَه: الإذنُ فكُّ الحَجْر معناه: إذا أذنَ المولى ينفكُّ العبدُ عن الحجر، فعطفٌ على قولِه: ينفكُّ قولُهُ: ثمَّ يتصرَّف.

(فلم يرجعْ بالعهدةِ (٢) على سيِّدِه)، هذا تفريعٌ على أنَّهُ يتصرَّفُ لنفسِه، فإنَّه إذا اشترى شيئاً لا يطلبُ الثَّمنَ من المولى لكونِهِ مشترياً لنفسِه، بخلافِ الوكيلِ فإنَّهُ يطلبُ الثَّمنَ من الموكِّل؛ لأنَّهُ اشترى للموكِّل.

(ولم يتوقَّت): هذا تفريعٌ على أنَّهُ إسقاطُ الحقِّ لا توكيل، فإنَّ الإسقاطَ لا يتوقَّت، والتَّوكيل يتوقَّت.

(فعبدٌ أُذِنَ يوماً مأذون حتى يُحْجَرَ عليه، ولم يتخصَّصْ بنوع، فإن أذنَ في نوعٍ عمَّ إذنُهُ في الأنواع)، هذا تفريعٌ على أنَّهُ فكُّ الحجر، وليسَ بتوكيل؛ لأنَّ فكَّ الحجرِ هو الإطلاقِ عن القيد، فلا يتخصَّصُ بتصرُّف، وفيه خلافُ الشَّافعيّ - رضي الله عنه -، والمرادُ أنَّهُ إذا أذن في نوعٍ من التِّجارةِ عمَّ إذنُهُ في الأنواع، وكذا إذا قيل: اقعدْ صبَّاغاً،


(١) ينظر: «النكت» (ص ٥١١)، وغيرها.
(٢) أي بحقّ التصرُّف كطلب الثمن وغيره، والعهدةُ فُعْلَة بمعنى مفعول، من عهده لقيه. ينظر: «ردّ المحتار» (٦: ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>